مارس الإنسان منذ قديم الزمان رياضات مختلفة، كما عرفت الحضارات المختلفة الرياضة بأنواعها، بل إن كثيرًا من النشاط الإنساني يمارس فيه شكل من أشكال الرياضة والنشاط البدني، فالإنسان حين يرتجل ويمشي ويقطع المسافات الطويلة من أجل العمل وطلب الرزق أو غير ذلك فإنه يمارس نوعًا من أنواع النشاط البدني.
فالإسلام حث الكل على المحافظة على صحة البدن والعقل، وحث على عدم الإكثار من الطعام، لأن البطنة تذهب بالفطنة، والحمية رأس كل دواء، والمعدة بيت الداء فالمؤمن القوي بإيمانه والقوي بجسمه، قوي في كل شيء حتى في العبادة، إذ لا ينتظر من المريض والضعيف أن يقوى على عبادة الليل مثلاً .
يقول الدكتور "أحمد خليفة شرقاوي"، مدرس الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون جامعة طنطا، أن الإسلام وكذلك جميع الأديان جاءت لإسعاد النفس، معنويًا كالصلاة والصوم وغيرهم من العبادات المفروضة وتأتي السنة النبوية لتسير على هذا المنهج الرباني فتدعو لما يصون النفس البشرية من السوء أو التدمير.
فالرسول -صلى الله عليه وسلم- دعانا للحفاظ على أنفسنا وتهذيب أخلاقنا، والرياضة من أهم السبل التي تجعل الإنسان إيجابي وتحقق الهدوء النفسي والعقلي والبدني لدى المتدرب والرياضي، مما يجعل الإنسان نافع لنفسه ولغيره وعضو فاعل في المجتمع فنحن مأمورون بحفظ النفس من كل النواحي .
ويذكر قول سيدنا "عمر بن الخطاب"(علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل)، وكل هذه أدلة واضحة الإثبات على أن الإسلام يدعو الإنسان إلى ما ينميه ويزكي نفسه البشرية بما يعمر الأرض.
التعصب مرفوض
وعن التعصب في تشجيع الرياضات المختلفة، يقول "الشرقاوي" أنه أمر نقيض يتنافي مع تعاليم الإسلام، وبدأ منذ أيام العرب عندما كانوا يتفاخرون بالأنساب، فكانوا يقولون فلان بن فلان بن فلان، ويذكر أنه ذات مرة كان الصحابة يتفاخرون بأحسابهم وأنسابهم، إلى أن جاء دور الصحابي الجليل "سلمان الفارسي" فقالوا من أنت، فقال (أنا ابن الإسلام)، فبكى "عمر بن الخطاب" وقال (عمر بن الإسلام).
وبهذا فإن الإسلام يدعونا لتقبل الآخر حتى لو اختلفنا معه، فيقول -تعالى- (لكل جعلنا شرعة ومنهاجًا)، ويقول أيضًا (لكم دينكم ولي دين)، فإن كان الدين الإسلامي ينفي التعصب للدين، فكيف الحال في الآراء والرياضات المختلفة.
أسلوب حياة
تقول "حبيبة" أنها تمارس رياضة السباحة منذ طفولتها، وتتدرب بانتظام في النادي، ومهما جعلتها الظروف تبتعد قليلا عن ممارسة الرياضة إلا أنها تعود إليها من جديد، أما "سمير" فيقول أن عائلته كانت تخاف أن تشغله ممارسة الرياضة عن مذاكرة دروسه، ولذلك كانت تمنعه من الذهاب إلى النادي في طفولته، ولكنه عندما كبر اشترك في نادي رياضي ويذهب إليه بشكل أسبوعي.
بينما يقول "محمود" أنه لا يوجد أي سبب للامتناع عن ممارسة الرياضة، فالرياضة عادة أساسية لابد أن تتوافر لدى كل إنسان، وتقول "منال" أنها ربة منزل وأن أشغال البيت تكفيها تمامًا للحركة والرياضة، فما تقوم به من أعمال منزلية أكثر من ممارسة الرياضة.
وتعرب "رباب" عن استيائها الشديد من قلة الاهتمام بالرياضة في المدارس، فمدرسة ابنتها تستبدل الحصص الرياضية بإقامة حصص للمواد الأساسية بدلا منها، ويقول "حمدي" أنه لا يجد في قريته اهتمام كبير بالرياضة، ولكنه يعمل على زرع أهميتها في عقل أبنائه، فالعقل السليم في الجسم السليم، ولذلك يأخذهم للمشي يومًا بعد يوم.
وتقول "دنيا" أنها فقدت الكثير من وزنها من خلال ممارسة الرياضة، ففي الماضي كانت تعاني من السمنة ولكن بفضل التمرينات الرياضية المتاحة عبر اليوتيوب والإنترنت، استطاعت ممارسة الرياضة في المنزل وخسارة الوزن الزائد.
أما "كامل" فيقول أنه لا يرغب في تضييع أمواله في اشتراكات النوادي، ولذلك قام بشراء بعض الالات الرياضية في المنازل، ويمارس الرياضة يوميًا.
"المحترم والملتزم"
تقول "سهام سعد مصطفى" لاعبة رياضة الشيش، والحاصلة على العديد من البطولات المحلية والدولية، أن من أهم سمات الرياضي الناجح هو الاحترام والالتزام، فالرياضي لابد أن يحترم القوانين ويحترم الآخرين وآرائهم.
وتضيف : بدأت ممارسة الرياضة منذ العام الثالث ، وكنت لعبة الكاراتيه، ثم تعلمت الشيش عندما أصبحت في الصف السادس الابتدائي، وتوقفت عن الكاراتيه وانضممت لفريق المنتخب القومي في لعبة الشيش.
وحصلت على العديد من البطولات، و تصنيف أول تحت 14 سنة، وتصنيف أول تحت 20 سنة، وفي بطولة إفريقيا للناشئين حصلت على الترتيب الثالث فردي، والترتيب الثاني للفرق.
رياضة المشي
تؤكد الدكتورة "منى أبو سعدة" طبيبة العلاج الطبيعي بمستشفى الهلال للتأمين الصحي بمحافظة المنوفية: أن الدراسات أثبتت أن أفضل طريقة لممارسة الرياضة هي في الهواء الطلق، بما يسمي تمارين الأيروبكس، والتي تساعد على زيادة نسبة الأكسجين في الدم، والذي بدوره يحسن وظائف المخ و القلب.
وتقول إن الكثير من الناس ليس لديهم الوعي الكافي عن أهمية الرياضة اليومية، وجعلها روتين حياة يوم لا يقل في أهميته عن الروتين اليومي في الذهاب للعمل، فإن غالبيه الناس تعتبر ممارسة الرياضة شئ من الرفاهية التي يمكن استغناء عنها، لذلك يجب زيادة التوعية لدي الناس عن أهمية الرياضة في حل مشاكل صحية كثيرة مثل آلام أسفل الظهر وخشونة المفاصل.
وتضيف "أبو سعدة" بأنه من أفضل أنواع الرياضات هي رياضة المشي لانها تعتبر من اسهل الرياضات علي الإطلاق، حيث أن الشوارع متاحة للجميع ولا يحتاج الفرد لآداء هذا النوع من الرياضة لأي ملابس رياضية مخصصة مثل معظم الرياضات الأخري.
وتقول الدكتوره "نصرة منصور عبد المجيد"، مدرس بكلية الآداب قسم علم النفس، أن ممارسة الأنشطة الرياضية من الأمور المهمة جدًا للصحة النفسية والجسمانية للإنسان، وتخلصه من ملل الحياة اليومية التي تسبب له حالة من القلق، إلا أن الكثيرين يشتغلون بأمور الحياة التي تمنعهم من ممارستها مما يجعل بعضهم يعاني من عصبية دائمة نتيجة تراكم المشاكل اليومية.
وتضيف الدكتورة "نصره" أنه من ضمن الأساليب والطرق العلاجية في علم النفس، أسلوب العلاج بالإلهاء، وهو الذي يعمل على تخفيف الضغط والتوتر لدى المريض من خلال تشتيت ذهنه واستنفاذ جزء من طاقته لتحسين حالته المزاجية والانفعالية، وبالتالي يمكن استخدام الرياضة في هذا الأسلوب العلاجي.
ذلك بالإضافة إلى أن الرياضة يمكن ممارستها بأساليب سهلة وبسيطة، فمجرد المشي على النيل ورؤية المناظر الطبيعية، أو حتى استخدام المشاية في المنزل لفترة قصيرة، قد يساعد على تحسين العملية النفسية، وأن الرياضة قد تصبح عادة يومية أو أسبوعية لا يستطيع الفرد الاستغناء عنها. وتؤكد الدكتورة "نصره" أنه يجب علينا تربية أبنائنا على المرونة وعدم التعصب في الأفكار أو الآراء خصوصًا عند تشجيع فريق معين في إحدى الرياضات، لأن التعصب الرياضي ينشأ في الأساس من التربية في الأسرة والعوامل الثقافية.
ولذلك لابد أن ننفتح على ثقافات الآخرين ونتقبلهم، ونتبع نظرية المقارنة ومقارنة البدائل، بحيث نقيس المتاحات المختلفة ونؤمن دائمًا بوجود البديل والحلول المختلفة، دون التصلب تجاه رأي واحد .