كيف نُحصّن أولادنا من فكر التكفير؟

تحقيقات
طبوغرافي

حذر علماء الدين ، الشباب المسلم من الانجراف وراء الأفكار التكفيرية أو تلقيها من غير مصادر دينية معتمدة مؤهلة للعلم الشرعي الصحيح لافتين إلي أن حاخامات اليهود عندما بحثوا عن طريقة لتفكيك وحدة المسلمين دون أن يظهروا في الصورة اتفقوا علي تكوين لجان لبحث ما في كتب تراث المسلمين من خلافات وآراء غريبة غير مجمع عليها وتصديرها للأمة الإسلامية فيتمسك بعضهم برأي والآخر برأي مخالف فيحصل بينهم الصدام والصراع كما هو حادث الآن بالإضافة إلي الغلو والتطرف .

وأكدوا أن ما يحدث من هؤلاء شطط في فهم الدين و فهم خاطيء للنصوص الشرعية فالإقدام علي القتل ناتج عن رسوخ فكر التكفير والتكفير أمر لا يجوز أن يطلق علي أحد إلا إذا صدر عنه ما يخرجه من الإسلام يقينا وليس حدسا أو ترجيحا وهذا غير متحقق الآن فيمن يتم قتلهم تحت هذا الادعاء من أبناء مصر.


أعلنت هيئة كبار العلماء برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وُقوفَ الأزهر الشريف إلى جانبِ الكنيسةِ المصريَّة في وجهِ كُلِّ مَن يعتَدِي عليها أو يَمسُّها بسُوءٍ، وأنَّ الشعبَ المصريَّ الأبيَّ قادرٌ بصُمودِه مع مؤسساتِ الدولةِ المصريَّةِ على دَحْرِ قُوَى التَّطرُّفِ والإرهابِ التي فَشِلتْ كُلُّ مُخطَّطاتها الخبيثةِ في النَّيْلِ من صُمودِها، ومن وَحدَةِ نَسيجِهم الوطنيِّ
وأشارت إلي أنَّ ما وقَع من تفجيراتٍ آثِمةٍ استهدفت مُواطِنين أبرياءَ ودُورًا للعبادةِ أمرٌ خارجٌ عن كُلِّ تعاليمِ الإسلامِ وشريعتِه التي حَرَّمت الاعتداءَ على النَّفسِ الإنسانيَّةِ أيًّا كانت دِيانتُها أو كان اعتقادُها، وحرَّمت أشَدَّ التحريمِ استهدافَ دُورِ العبادةِ، وفرضت على المسلمين حِمايتَها، وأوجبت حُسنَ مُعامَلةِ غيرِ المسلمين ومودَّتَهم والبرَّ بهم، وقد أكَّد القُرآنُ الكريمُ على حُرمةِ دُور العبادةِ في نصٍّ صَرِيحٍ في القُرآنِ الكريم: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} [الحج: 40].


وشددت علي أن الإسلامُ يُحرِّمُ على المسلم تحريمًا قاطعًا تَفخِيخَ نفسِه وتفجيرَها في وسَطِ الأبرياء، وجعَل جَزاءَه الخلودَ في جهنَّم؛ فقال النبيُّ الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "مَن قتَل نفسَه بشيءٍ عُذِّبَ به يومَ القيامة"، واعتداءُ هؤلاء ا المجرمين البُغاةِ على الأبرياء هو إيذاءٌ لرسول الله نفسِه - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في الحديث النبويِّ الشريف.


وتُؤكِّدُ الهيئة على أنَّ مناهجَ التعليمِ في الأزهرِ الكفيلةُ بتعليمِ الفكرِ الإسلاميِّ الصحيح الذي يَنشُرُ السلامَ والاستقرارَ بينَ المسلمين أنفسهم، وبين المسلمين وغيرهم، وسيظلُّ الأزهر قائمًا على هذه الرسالة حاملاً لهذه الأمانة إلى أن يَرِثَ الله الأرض ومَن عليها، حِصنًا منيعًا للأُمَّةِ من الأفكار التكفيريَّة والمتطرِّفة التي تسعى للعبث بتراث الأمة وتفريغه من مواطن القوة والصمود في وجه التحديات العاصفة بالأوطان والأجيال.


مقاصد الشريعة


يؤكد د. طه أبو كريشة عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن حرمة الدماء مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية والنبي صلي الله عليه وسلم قال في الحديث الشريف كل المسلم علي المسلم حرام دمه وماله وعرضه وشواهد القرآن الكريم فيما يتعلق بحرمة الدماء نراها في قول الله ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما وكذلك قول الله تعالي من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا وكذلك نري هذه الشواهد التي تتعلق بحرمة الدماء في العقوبات التي تترتب علي انتهاك حرمة النفس الإنسانية ففيما يتعلق بإزهاق الروح يقول تعالي يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلي وأيضا قوله تعالي وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس.


ويضيف أن هذا يؤكد أن النفس الإنسانية وقد أحاطها الله تعالي بهذه الضوابط الإيمانية التي تمنع التعدي عليها حتي يستطيع الإنسان أن يعيش آمنا في حياته ومؤديا الرسالة التي خلق من أجلها لأن الله عز وجل لم يخلقه عبثا ومن هنا فإن أي خروج علي هذه المبادئ وعلي هذه الضوابط يعد تعديا علي حدود الله عز وجل ويعد كذلك مخالفا لسنة الله تعالي الكونية ويعد تضييعا للأمانة التي أمر الناس بأدائها وهكذا فإننا نري أن الإسلام أعلي من قيمة النفس الإنسانية وحافظ عليها بدءا من الكلمة التي ينطق بها اللسان حيث يجب أن تكون كلمة طيبة ليس فيها انتهاك لعرض هذا الإنسان وإلا فإن انتهاك عرض الإنسان بالكلمة فقط يعرض من ينطق بها لعقوبة حد القذف هذا فضلا عن التعرض لهذا الإنسان وقتله والمؤكد أن القيام بمثل هذه الأفعال التي تؤدي لقتل النفس ونشر الفساد في الأرض وسفك الدماء يخالف مقاصد الشريعة الإسلامية ولابد أن يقوم العلماء والدعاة بدورهم في تصحيح المفاهيم التي تنتشر لدي بعض من يغيب عنهم معاني الإسلام وجوهر الدين.


فكر مارق


يري الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن جامعة الأزهر تكمن خطورة الفكر التكفيري في استحلاله دماء الناس الذين لا يؤمنون بفكره ولذا فالكل في نظرهم كفار تستباح دماؤهم موضحاً أن هؤلاء من أضل من مشركي أهل الجاهلية ويتعاملون بمنهج القتل وهو منهج بعيد كل البعد عن منهج الإسلام حتي مع المشركين أعداء الإسلام والمسلمين ومن المقرر شرعا أن من يستحل دماء المسلمين علي النحو الذي تمارسه هذه الطغمة الفاسدة المفسدة في الأرض فإنه كافر كفرا يخرجه عن ملة الإسلام وهذا أمر مقرر بإجماع علماء الأمة من منطلق حرمة الدماء المعصومة والتي قال الله تعالي في شأن الاعتداء عليها ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وقوله صلي الله عليه وسلم في خطبة الوداع إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا. ويضيف أن من يستحل دم امرئ مسلم بغير حق فقد أنكر النصوص القطعية الثبوت والدلالة السابقة الدالة علي حرمة قتله وإنكارها إنكار معلوم من الدين بالضرورة ومنكره كافر كفرا أكبر مخرج من ملة الإسلام وهذا ما اتبعته وتتبعه هذه الفئة وينبغي ألا يقال بشأن فكرهم أنه فكر متشدد بل هو فكر مارق عن كل أديان السماء بل والنحل الباطلة التي ينتحلها من لا يؤمنون بدين أصلا.


ويري الدكتور إدريس أن مواجهة هذه الفئة يكون باستئصال شأفتهم حتي لا تقوم لهم قائمة وحتي ينتهي خطرهم من شتات الأرض ولذا فلا جدوي من القبض عليهم لاستجوابهم أو استتابتهم أو نحو ذلك فقد طالبهم من قبل علماء الأمة في عهود سابقة ليرجعوا عن فكرهم هذا إلا أنهم استمرأوا ما هم عليه من إراقة الدماء وعلاج الأمة منهم أن تراق دماؤهم ولذا يجب إعمال آلة القتل فيهم بلا رحمة أو هوادة لأنهم أشد ضررا علي الإسلام وأهله من أعداء الإسلام والمسلمين عبر القرون المختلفة هذا ما ينبغي شرعا أن يتبع معهم.