د. حسين سمرة : ضرورة إتاحة الوقت الكافى للعلماء الوسطين فى الإعلام

حوارات
طبوغرافي

د. حسين سمرة أستاذ الشريعة بـ”دار العلوم” جامعة القاهرة :

الخطيب الناجح يجمع عليه كل فئات المجتمع.. ومن الضرورى إتاحة الوقت الكافى للعلماء الوسطيين فى الإعلام

أكد الدكتور حسين سمرة أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة أن أى جيل لا ينعدم فيه الخير والجيل الحالى جيل مظلوم لأنه لم يجد الصدر الحنون كما كنا فى الماضى

وقال أنه يتلقى فى اليوم الواحد عشرات الرسائل فى الطلاق للأسف الشديد وفى مجتمع مسلم يفترض أنه متماسك وأسرة متماسكة وديننا يحض على الخطبة ورؤية المخطوبة الاختيار الحسن ومع ذلك نجد فى مجتمعنا للأسف كل ست دقائق حالة طلاق وهذه مشكلة كبيرة فى مجتمعنا أيضا من الفتاوى المنتشرة قضايا العبادات وهذا يرجع إلى الأمية الدينية التى تعيشها الأمة

واعتبر أن المناهج الدينية فى المدارس لا تكفى لتكوين ثقافة اسلامية لدى العامة ، ولكن المصادر الأساسية هى العلماء والكتب والإعلام الدينى وكل المصادر

د حسين سمرة4

ـ من كان ينظر إليه الدكتور حسين سمرة كقدوة فى بداية حياته؟ وماذا أخذ منه من صفات نفعته فى حياته؟

ارتباط الإنسان بالمسجد يحبب الإنسان فى شيوخ المسجد وكان عندنا الشيخ الدرديرى والشيخ محمد عبدالرسول خريج الأزهر وهو ما زال على قيد الحياة وهو من مواليد عام 1931م والشيخ محمد عبدالمنعم رحمه الله وهو خريج كلية دار العلوم وكان خطيبا مفوها على مستوى المركز وقد تأثرت به كثيرا وجدى الأكبر كان خريج دار العلوم عام 1912م وهذا ما شجع الوالد على التحاقى بدار العلوم لأن سكن جدى كان فى شارع خيرت بجوار كلية دار العلوم القديمة قبل انتقالها إلى جامعة القاهرة كما أن المعلمين فى المرحلة الابتدائية كانوا كالآباء وكانوا علماء فمعلم اللغة العربية كان عالم لغة فنشأنا نشأة طيبة علما وأخلاقا من المعلم والشارع والمسجد وهكذا كل أبناء جيلى وهكذا تكونت الشخصية من تلك البيئة الجميلة والإنسان ابن بيئته والإنسان متدين بطبعه ويأخذ الأخلاق من الأرض التى نشأ عليها من الجيران من الزملاء وهكذا كل هؤلاء شاركوا فى بناء شخصيتى وما أحوجنا الآن إلى إعادة دور الأسرة والمدرسة والمسجد ولقد تعلمت فى مدرسة مبنية بالطوب اللبن وكانت مؤجرة لكنها خرجت عمالقة لأن المضمون كان سليم أما اليوم نجد المدارس الفارهة وقد فرغت من مضمونها

ـ كيف كان الدكتور حسين سمرة يختار أصدقاءه وهو طالب؟

ـ لم أصادق إلا المتفوقين ـ المدينة الجامعية كان لها أثر فى التفوق ولم يكن يلتحق بها إلا المتفوق ـ وكنت متفوقا وكنت أحصل على 160 جنيه سنويا وكان مبالغا كبيرا على مدى 4سنوات كنا نحرص على الجد والمثابرة وحضور المحاضرات وكنا نسجل كل شيء وكل منا يضع هدفه أمام عينيه خاصة أن دار العلوم كلية صعبة وكنا نحفظ مؤلفات أساتذتنا وكنا نأخذ الكتاب بقوة كما أمر الله وكان كل منا يتنافس مع الآخرين منافسة شريفة إلى جانب الصداقة البريئة الجميلة المثمرة

ـ لماذا حفظت القرآن وأنت لم تكن طالبا بالأزهر؟ وكيف أتممت حفظه؟

التحقنا بكتاب القرية قبل سن التعليم بالمدرسة وحبى للمسجد وتعلم الدين وخطباء المساجد الذين كنت أحرص على حضور خطبهم بالمسجد وتقليدهم وحفظ خطبهم والحمد لله حفظت القرآن الكريم واعتليت المنبر وأنا بالمرحلة الثانوية ولم أكن أزهريا وهذا الذى حببنى فى القرآن وجعلنى ألتحق بكلية دار العلوم التى تحقق هذه الرغبة عندى لأننى أحب التعليم الدينى وأحب أن أعلم أبناء قريتى ولذلك بفضل الله كان ما أردت وهو التفوق ودخول قسم الشريعة لأحقق الرغبة التى كانت عندى منذ الصغر.

ـ اختيار التخصص فى الجامعة من أهم قرارات الحياة. كيف اخترت التخصص فى الجامعة وكيف يختاره طلابك الآن؟

أنا أحب الخطابة والعلم الدينى ومارست الخطابة من المرحلة الثانوية كل ذلك كان سببا فى دخول قسم الشريعة.. وكانوا قد ألحقونى بقسم النحو والصرف ولم تكن رغبتي، وحضرت محاضرتين ودخلت الجيش وفيه قابلنى أحد الزملاء وقال: مبروك لقد التحقتَ بقسم الشريعة قلتُ كيف؟ قال لقد رغب فلان قسم النحو وسيبدّل معك، وفى فترة الجيش كنت أراجع وكانت فترة للقراءة لأننى طلبت تولى أمر المسجد، وكنت أمارس الخطابة والدروس، وتقرّب منى قادتى وزملائي، وبعد الجيش دخلت السنة التمهيدية لقسم الشريعة الذى درست فيها الفقه وأصوله والتفسير والحديث، لذلك يأتى الطلاب للتسجيل للماجستير فى هذه الفروع الأربعة ومن خلال الحديث مع طلابى أعرف ميولهم وأنصحهم بالقسم الذى يجبون أن يتوجهوا إليه من باب التيسير والتوجيه، وذلك من باب صناعة الرجال وصناعة العقول.

د حسين سمرة3

ـ بعد القدوة هناك اسم فى حياة الدكتور حسين سمرة كان سببا فى الارتقاء والتفوق. من هو وكيف حدث ذلك؟

أذكر فى هذا الجانب جميع أساتذتى فى قسم الشريعة ومنهم الأستاذ الدكتور محمد بلتاجى رحمه الله وأذكر الأستاذ الدكتور محمد نبيل غنايم وأذكر الأستاذ الدكتور رفعت فوزى والأستاذ الدكتور أحمد يوسف سليمان، وكلهم أعلام فى مجال الشريعة أنظر لهم نظرة الجالس فى أدنى الجبل إلى القمة فيه وبالفعل هم قمم ولقد نهلنا منهم وعملنا بجد واجتهاد حتى وفقنا الله والله يقول (يا يحيى خذ الكتاب بقوة)وكان لدينا عزيمة وجد واجتهاد ولابد من معرفة فقه العلم وفقه الواقع فأساتذتنا كانوا قدوة لنا وتربينا على أيديهم والحمد لله كنا خير خلف لخير سلف

ـ تذهب المرأة اليوم للعب فى الصالات الرياضية وترتاد مراكز التجميل والكوافير الذى يعمل به الرجال وهكذا. ما رأى الذين فى ذلك؟

المرأة صنو الرجل وقال رسول الله   صلى الله عليه وسلم (النساء شقائق الرجال) والنساء كن يخرجن فى المعارك وكن يصلين مع النبى   صلى الله عليه وسلم وكانت تحضر دروس العلم مع النبى   صلى الله عليه وسلم وكانت تشهد الأعياد لكن خروج المرأة يجب أن يكون بالضوابط الشرعية وهو أن تخرج بالزى الشرعى الذى يشترط كما قال العلماء أن يكون فضفاضا وأن لا يصف ولا يشف وأن يكون سميكا فجسد المرأة عورة ما عدا الوجه والكفين فتخرج للعمل أو لغيره بالضوابط الشرعية ويجب عدم الاحتكاك بالرجال وأن لا يخضعن بالقول فى الكلام والمرأة المصرية فى الريف تخرج للحقل وتعمل بالضوابط الشرعية ولم نر فى ذلك غضاضة والمرأة الآن تعمل طبيبة ومدرسة ومهندسة لا مانع من عملها لكن بدون لبس صارخ وفتنة للناس وعلى المجتمع أن يصونها لأنها أخته وأمه وابنته وخالته وعمته وجارته أيرضى أحد أن يتحرش بأخته أو بأمه أو جارته. فعلينا أن نصون المرأة فى كل مكان

ـ التحرش أصبح مسار حديث وجدل فى الشارع بسبب حالات تحرش يتم تداولها فى وسائل الإعلام والإنترنت. من المعنيين بعلاج هذه المشكلة؟ وكيف يتم العلاج؟

المعنيون بها الأسرة أولا لأنها هى المسئولة عن خروج البنت والزوج مسئول منه زوجته وابنته وكذلك المدرسة مسئولة فى التوعية وكذلك الإعلام مسئوليته ألا يضخم المسائل ولا ينشر التحرش ولا يضخم الأمور ويجب أن يقوم بدوره فى التوعية ويث الأخلاق الفاضلة بين الناس والمصنفات الفنية عليها دور كبير فى الرقابة على الأفلام التى لابد وأن تكون هادفة ولا يجب التعامل مع المرأة على أساس جنسى ولكن المرأة هى أخت وأم ولها دور فى كل ميادين العمل يقوم على الاحترام والتقدير وعلماء النفس وعلماء الاجتماع وخطباء المساجد كلهم مسئولون عن شرف المرأة وهى حلقات متصلة ولابد من أن نعلم الشباب القيم والشاعر يقول: متى يبلغ البنيان من تمامه   إذا كنت تبنى وغيرك يهدم. والبنت يجب أن تحترم نفسها وبيتها وزوجها وأسرتها وألا تأتى بأفعال فاضحة فى الشوارع ولقد رأينا فى الإعلام أن المرأة ترقص فى الميادين فلابد ألا تجرّئ الآخرين عليها ولابد وأن يكون الدين والتربية هما الحاجز عن المعصية والرذيلة وعلينا بنشر القيم والأخلاق وقال رسول الله   صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وقال رسول الله   صلى الله عليه وسلم (أثقل ما يكون فى ميزان العبد يوم القيامة حسن الخلق)

ـ قضية الاحترام أصبحت من النوادر فالطالب أصبح لا يوقر أستاذه كما كان فى السابق والأبناء لا يحترمون آباءهم وكبار السن كما كان. ما الذى حدث فى المجتمع؟ وهل التطور التكنولوجى يؤدى بنا إلى الأفضل حتى ولو كان سببا فى الانحدار الأخلاقي؟

إذا لم تلتفت الأسرة والمدرسة والإعلام إلى دور القيم ضاعت الأمة فالأمة تضيع بضياع القيم ونحن أمة القيم والله قال عن ديننا (ذلك الدين القيم) وقال (ورضيت لكم الإسلام دينا) فيجب أن نعيد للقيم إلى المجتمع بأن نثمن دور الأسرة ودور المدرسة والإعلام والمسجد والخطبة تحتاج إلى أئمة أكفاء لإرشاد الناس وتقيفهم وزراعة القيم فيهم والنبى   صلى الله عليه وسلم يقول(كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) فالأب والأم وإمام المسجد كلهم مسئول عن رعيته وكذلك وزارة التربية والتتعليم لابد وأن تضع محتوى فى مادة التربية الدينية يعلم النشأ ويربيهم على القيم واحترام الكبير وأصحاب الحقوق وعلى الإعلام أن يجعل وقتا واسعا لتثقيف المجتمع وتعليم القيم للمجتمع

ـ كأستاذ جامعى مرت عليكم أجيال من الطلبة والطالبات. ما الفرق بين جيل اليوم والأجيال التى سبقته؟

أى جيل لانعدم فيه الخير لأن الجيل كالعجينة تشكلها كيفما تشاء وهذا طفل ينشأ ويكبر معك إذا وضعته فى بيئة صالحة نما وأصبح صالحا كما قال أحمد شوقي: وينشأ ناشئ الفتيان فينا     على ما كان عوده أبوه. والجيل الحالى جيل مظلوم لأنه لم يجد الصدر الحنون كما كنا فى الماضى حيث كنا نجد حضن الأب والأم والرعاية التامة والمباشرة فى كل شئ أما الآن أصبح الجيل متفسخا لقلة هذه العوامل لكن فيه إيجابية إذا وجد من يرده للقيم سيرد لأنه انتشر فيه وسائل الإتصالات الحديثة التى من الممكن أن توجهها ذات اليمين وذات اليسار فإذا أحسن استغلالها فى كل بيت أثمرت وأينعت ويجب أن يكون المعلم قدوة والطبيب قدوة والمحامى قدوة وهكذا. وفى غالب الأحيان للأسف لا تستخدم وسائل النكنولوجيا مع الجيل الجديد فى موضعها ولو كان يملك جيلنا وسائل اليوم لكنا غير ذلك ولتقدمنا كثيرا

ـ ما هى الفتاوى الشائعة فى المجتمع هذه الأيام؟ وإلى أى مدى تعكس تفقه الناس فى دينهم؟

أنا أتلقى فى اليوم الواحد عشرات الرسائل فى الطلاق للأسف الشديد وفى مجتمع مسلم الأصل أنه متماسك وأسرة متماسكة وديننا أمر ولى المرأة (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) وأمر الشاب (تنكح المرأة لأربع لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك) فديننا يحض على الخطبة ورؤية المخطوبة الاختيار الحسن ومع ذلك نجد فى مجتمعنا للأسف كل ست دقائق حالة طلاق وهذه مشكلة كبيرة فى مجتمعنا أيضا من الفتاوى المنتشرة قضايا العبادات وهذا يرجع إلى الأمية الدينية التى تعيشها الأمة والمشكلة الآن من أين آخذ ديني؟ فالمناهج الدينية فى المدارس لا تكفى ولكن المصادر الأساسية هى العلماء والكتب والإعلام الدينى وكل المصادر

د حسين سمرة2

ـ من خلال تجربتكم فى فتاوى إذاعة القرآن الكريم.هل الفتوى تتغير من شخص لآخر فى الحكم الواحد؟

نعم الفتوى تتغير بتغير الأشخاص فهناك شخص مريض وشخص صحيح وهناك شخص مسافر وشخص مقيم وهناك شخص مختار وشخص مكره وتختلف الفتوى باختلاف الأشخاص وظروفهم وأحوالهم وأزمنتهم وأماكنهم

ـ كيف تقيم مسيرة الإعلام الدينى كنقاط ضعف وقوة وكيف يصنع مستقبل أفضل؟  

بالنسبة لإذاعة القرآن الكريم جزى الله القائمين عليها خيرا وهى تبث 24 ساعة علما وخلقا ودينا وقرآنا وأخلاق وقيم ومع ذلك فهى ليست كافية لأننا نحتاج إلى الإعلام المرأى وهو مشاهد أكثر ولابد أن تكثر الجرعات الدينية فى القنوات الرسمية وهذا كسب للمشاهد المصرى لأنه متدين بطبعه وبفطرته ولماذا لايظهر العلماء الوسطيون ويتاح لهم الوقت الكافى لتوضيح صحيح الدين وتثقيف الشعب وبث القيم ورفع الإيجابية وذم السلبية ولم شمل الأمة فالإعلام جهاز خطير إذا أحسن استغلاله وأوجه رسالة إلى رؤساء القنوات الفضائية أقول لهم قول النبى   صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) راعوا مشاعر الناس وسن المشاهدين وطبيعة الشعب وعرفه وطبيعته

بسبب إهمال دور الأسرة والمدرسة والإعلام تفاقمت حوادث التحرش فى المجتمع

الاسم: حسين أحمد عبدالغنى سمرة

من مواليد محافظة المنيا مركز بنى مزار قرية نزلة جلف يوم 2 يناير 1963م

الأسرة مكونة من الوالد والوالدة وثلاثة إخوة ماتت أختى وبقيت أنا وأخى الأكبر منى سنا.

تزوجت ولم أنجب حتى الآن وأسأل الله العطاء

حفظت القرآن الكريم فى كتاب القرية

حصلت على 80% فى الثانوية العامة وقررت الالتحاق بكلية دار العلوم، وحصلت على تقدير عام جيد جدا مع مرتبة الشرف

نشأت فى القرية واكتسبت منها الصبر وقيمة العلم ووجدت فيها الرعاية الكاملة