نفحات ابتلاه فقدر عليه رزقه

ملفات
طبوغرافي

يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة الفجر: فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن. وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن. كلا بل لا تكرمون اليتيم. ولا تحاضون على طعام المسكين. وتأكلون التراث أكلاً لماً. وتحبون المال حباً جماً (الآيات: 15 - 20).

في هذه الآيات الكريمة يوضح الحق سبحانه وتعالى حال الإنسان عند اليسر والعسر، والغنى والفقر والسراء والضراء، وقوله سبحانه: وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه بيان لموقف هذا الإنسان عند فقره، أي: وأما إذا ما امتحنا هذا الإنسان بسلب بعض النعم عنه، وبضيق الرزق فيقول على سبيل التضجر والتأفف وعدم الرضا بقضائه سبحانه ربي أهانن أي ربي أذلني بالفقر، وأنزل بي الهوان والشرور.

وقول هذا الإنسان في الفقر والغني قول مذموم، يدل على سوء فكره، وقصر نظره، وانطماس بصيرته، لأنه في حالة العطاء والسعة في الرزق يتفاخر ويتباهى ويتوهم أن هذه النعم هو جدير بها، وليست من فضل الله تعالى، وكأنه يقول ما قاله قارون: إنما أوتيته على علم عندي، وفي حالة المنع والضيق في الرزق يجزع، ويأبى أن يرضى بقضاء الله وقدره، ولا يخطر بباله أن نعم الله، إنما هي فضل تفضل به سبحانه عليه ليختبره، أيشكر أم يكفر؟ وأن تضييقه عليه في الرزق، ليس من الإهانة في شيء، بل هو للابتلاء أيضا والامتحان.

ولما كان هذا القول مذموما من هذا الإنسان في الحالين لعدم شكره لله تعالى في حالة الرخاء، ولعدم صبره على قضائه في حالة البأساء، لما كان الأمر كذلك جاء حرف الردع بعد ذلك فقال تعالى: كلا بل لا تكرمون اليتيم. ولا تحاضون على طعام المسكين.. فقول الله سبحانه كلا زجر وردع عن قول هذا الإنسان ربي أكرمن عند حصول النعمة، وعن قوله ربي أهانن عند حصول التقتير في الرزق، لأن الله تعالى قد يوسع على الكافر وهو مهان ومبغوض منه وقد يضيق سبحانه على المؤمن مع محبته له، وكلا الأمرين حاصل بمقتضى حكمته عز وجل، والمؤمن الصادق هو الذي يشكر عند الرخاء، ويصبر عند البأساء.