سينما خدش الحياء “ضارة بالذوق العام”
حالة من الجدل فى الشارع المصرى فجرها فيلم “حلاوة الروح” بعد قرار وقف عرضه، وإعادته للرقابة على المصنفات الفنية بعدما أثار غضب الشارع المصرى الذى اعتبره تكريسًا لقيم الانحلال والعنف، واستغلال الأطفال مما يعرض قيمهم وأخلاقهم للانهيار ويشجعهم على التقليد والتحرش.
ويؤكد نقاد ومتابعون للشأن الفنى أن الفن أحد أهم أدوات القوة الناعمة للدولة، عندما يرقى بالنفس، ويهذب السلوك، وينمى لدى الإنسان القيم الجمالية التى ترتقى بمشاعره، وتجعله قادرًا على الاستمتاع بصور الجمال من حوله، وهو عنوان حضارة الدولة، وهو الذاكرة المرئية لتاريخ الشعوب، التى لا يطالها تزييف أو تشويه أو عبث، والشاهد تلك الأعمال الفنية التى ما زالت شاهدًا عبر العصور على حضارات قامت، ولم تزل آثارها باقية تخلد أصحابها، وعبر السنوات الأخيرة عاش الفن مواسم سوداء تحولّت شاشات الدراما والسينما خلالها؛ لتبث موضوعات عن البلطجة والسنج والزنا والعلاقات المحرمة اعتمدت بشكل كبير على المشاهد الخارجة والخادشة للحياء.
علماء النفس والاجتماع أكدوا أن استخدام الأطفال فى المشاهد الإباحية يخالف القانون، ويفاقم من الظواهر السلبية فى المجتمع خاصة، وأن صرف اهتمامهم فى هذه السن المبكر يضعف مهاراتهم العلمية وتزيد السلوك العدواني.
واعتبرت د.عزة العشماوي، الأمين العام للمجلس القومى للطفولة والأمومة أن هناك تناقضًا غريبًا فى فيلم “حلاوة روح”، فالفيلم مكتوب عليه لافتة “للكبار فقط” فى حين أن بطله لا يتعدى عمرة 15 عامًا، وهذا قمة التناقض.
وأضافت: أن هذه اللائحة دافع قوى للصغار لمشاهدة الفيلم خاصة أن البطل مثلهم، وهذه ليست القضية فالأمر يتعلق بما يحويه الفيلم من قصة غريبة لا يمكن الترويج لها لعدم التأثير على أخلاق الأطفال مما يؤثر بشكل سلبى على المجتمع.
وأشارت إلى أن هناك بلاغات وشكاوى من المواطنين بسبب هذا الفيلم للتدخل؛ لوقفه أهمها من والدة زينة ضحية بورسعيد، والتى أكدت أن نوعية هذه الأفلام هى السبب فى قتل ابنتها بعد اغتصابها، والعديد من هذه الحوادث البشعة، ولابد من وقف عرضه ومنعه.
وأكدت أنه انتشرت أحداث جديدة وغريبة على المجتمع، حيث تجرأ الأطفال واكتسبوا عادات سيئة مثل طفل يقتل أمه، ويقتل معلمته ويغتصب ويسرق.. وهكذا ولابد من علاج هذه العادات.
هبوط ثقافـي
يقول الفنان محمد صبحى، أن حرية الإبداع ليست فيمن يحطمون أجيالاً كاملة، موضحًا أن أفلام السينما “الهابطة” تصدر للخارج فكرة أن المرأة المصرية “عاهرة” وتاجرة مخدرات، موضّحًا أن البطل الأسطورى الذى يحمل الرشاش ويضرب بـ”السِّنَج” والسيوف، أصبح هو المثال الذى يحتذى به شبابنا اليوم، نتيجة الأفلام الهابطة. وأكد صبحى، أن الأعمال الفنية الهابطة دمرت جيلَ الشباب، ولم تكتفِ بذلك بل اتجهت إلى الأطفال فى سن 12 عامًا، وهذه كارثة تعيشها مصر حاليًا، مؤكدًا أنه كان سيعتزل لو استمر عرض الفيلم. وقال أنه طالب الحكومة بوضع لجنة ثابتة من الفنانين داخل جهاز الرقابة؛ لتكون الصلة بين رفض الرقابة للأعمال أو الموافقة عليها، مؤكدًا على ضرورة عودة مؤسسة السينما مرة أخرى للعمل.
تؤكد الناقدة خيرية البشلاوى أن أغلب الأفلام السينمائية التى جرى عرضها فى السنوات الأخيرة جزء من الهبوط الثقافى فى الجو العام الموجود فى المجتمع المصرى، وتعكس الواقع الاجتماعى الذى نعيشه وتتماشى مع الذوق الشعبى السائد القائم على البلطجة والانحطاط الأخلاقى، والسوقية والابتزال فى الحوار أفلام فاسدة
يوضح الناقد سمير الجمل، إلى أن هذه الأفلام تساهم بشكل أساسى فى تدمير ثقافة المتجمع والذوق العام كما أنها تخدش الحياء، وتحرض على الفسق وتعاطى المخدرات، وتزيد أعمال البلطجة فلا يجب أن نطلق عليها مسمى أفلام، فهى لا ترتقى إلى مصطلح “فيلم سينمائي” فهى عبارة عن عدد من الحركات البذيئة و”راقصة” وبلطجية، ويطلق عليها “فيلم” فهى عبارة عن كباريهات تقدم على شاشة السينما، فلا قصة ولا موضوع ولا تمثيل، ويتوفر فيها فقط كل فنون قلة الأدب، وهذه الأفلام خطر على الجمهور، ويجب تجاهلها تمامًا. وعلى الجميع أن يقوموا بدورهم فى مواجهة تلك النوعيات “الهابطة” والمنحدرة من الأفلام من خلال إنتاج أفلام جيدة تحترم المشاهد وتساعد على رقى الذوق العام.
وتقول سميرة أحمد: أنا فنانة ضد الابتزال والإسفاف موضحة أن المسئولية كبيرة جدًا على الرقابة التى صرحت به؛ لأن لافتة للكبار فقط لا تكفى، وهى ليست جواز مرور لأى عمل به مشاهد مخلة، واعتقد أن من حق وزير الثقافة أن يمنع هذا العمل؛ ولذلك أتمنى أن يكون المنع بأمر وزير الثقافة وليس رئيس الوزراء؛ لأن هموم مصر أكبر من فيلم.
الدكتورة سمية الألفى خبيرة الطفولة تشير: إلى أن مشاركة الأطفال دون السن فى الأعمال الإباحية ضد حقوق الإنسان، ومنظومة القيم التى نتطلع إليها بعد الثورة، وإدخال الأطفال فى مرحلة سابقة لسنهم، ووضعهم تحت ضغط نفسى مبالغ فيه بالأدوار الجنسية على وجه التحديد؛ يؤدى إلى تفاقم مشكلة “التحرش”” التى يعانى منها المجتمع فنجد أننا بذلك أدخلنا فئات جديدة من الأطفال لهذه المنطقة، كما أن التمثيل يعتبر عملاً شاقًا، وهو ما يعتبر مخالفة صريحة لقانون الطفل رقم 126 والذى يمنع عمالة الأطفال.
سينما خدش الحياء “ضارة بالذوق العام”
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة