ياسر على نور
المدير التنفيذى لمؤسسة الفتح الفضائية
كل يوم يشاهد الناس سلعًا جديدة معروضة فى الأسواق أو على شاشة التليفزيون أو الإنترنت أو الجرائد والمجلات..
والنفس التوّاقة لا تشبع أبدًا، وهناك مَن يشترى ليجرّب؛، فهذه حجرة نوم خرافة، أو ستائر رقيقة، أو سجادة تحفة، أو فستان جِنان، أو جهاز يستطيع أن يعمل كذا وكذا.. وهناك من السيدات من تخرج فى جولة تسوّق ولابد أن تشتري. كان فيما مضى يطلب المشترى من البائع ما يريد لاستخدامه فى وقته، أما اليوم فبمجرد الوصول إلى السوبر ماركت تسحب السيدة “سلة” وتجوب المكان ذهابًا وإيابًا، وتجمع فى السلة ما قد تحتاج إليه يومًا ما.. لو فتشت فى البيت لوجدت خزينًا يكفى أسابيع وشهورًا، وقد كان بيت النبى يمر عليه شهرًا واثنين وثلاثة وليس فيه غير التمر والماء.
وهذا واحد من صحابة النبى عرف كيف يروض نفسه ولا يستجيب لكل مطالبها.. إنه عمر بن الخطاب، فقد رأى جابر بن عبدالله ومعه لحم، فقال: ما هذا يا جابر؟ قال: هذا لحم اشتهيتُه فاشتريتُه. قال: أوكلما اشتهيتَ شيئًا اشتريتَه؟ أمَا تخشى أن تكون من أهل هذه الآية {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِى حَيَاتِكُمْ الدُّنْيَا}. أيضًا حينما تكون من السعداء وتدخل “بوفيه مفتوح” ترى من يجمّع كل أصناف الطعام على مائدته ثم لا يقدر على التهامها، فتلقى فى الزبالة.. ما المانع أن نأخذ أقل مما نحتاج وعندما نرغب فى المزيد فالبوفيه لن يطير؟! لذا كان علينا أن نعدل فى ثقافة الاستهلاك من الاستحواذ على معظم ما تقع عليه العين إلى الاكتفاء بالضروى فقط..
ومن الضرورى أيضًا أن تفتش فى كل ما هو مخزون فى البيت منذ فترة ولم يُستخدم؛ سواء أكان طعامًا أو ملبسًا أو أثاثًا.. وتقدمه إلى أقرب محتاج فتدخل عليه البهجة والسرور خاصة فى عيدى الفطر والأضحى. ولعلك تدرك قيمة هذا العمل الجليل عندما ترى إقبال الكثيرين على أسواق المستعمل لشراء ملابس العيد لأولادهم وإدخال الفرحة عليهم ولو كانت الملابس غير جديدة، بل إن البعض لا يجد ما يشترى به أى شيء حتى ولو كان قديمًا؛ فكن أنت سبّاقًا، وحرر نفسك من قيد الاستهلاك إلى رحابة البذل والعطاء والإيثار.
ثقافة الاستهلاك..
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة