انفلات الأخلاق.. إيذاء يوجب العقاب

الشارع المصري
طبوغرافي


الكلمة الطيبة ترفع المؤمن درجات.. والكلمة الخبيثة تخفضه دركات  

اعتنى الدين الإسلامي بأمرالأخلاق بين الناس وخاصة ما يقوله الإنسان من كلام باعتبار أن ذلك يؤثر تأثيراً مباشراً في حياة الناس ومصالحهم المختلفة، ولذلك بين القرآن الكريم أن كل ما نتكلم به محصي علينا ومسطر في صحائف أعمالنا.

وقد انتشر بصورة كبيرة الانفلات الأخلاقي بين كثير من الناس وأصبح ظاهرة تقلق الملتزمين، ويتنافى مع مبادئ الإسلام الحنيف الذي يحث على مكارم الأخلاق، وقد كان لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة كما قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ...)، «سورة الأحزاب: الآية 21».

ويقول الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: الانفلات الأخلاقي مرض خطير لأنه عندما يصيب صاحبه يجعله يرتكب الأعمال السيئة فيؤذي نفسه ومجتمعه، قال الله عز وجل: (... وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ...)، «سورة الحجرات: الآية 11»، وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)، «سورة الحجرات: الآية 12»، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: «أمسك عليك هذا وأشار إلى لسانه قال أو إنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: هل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم».

وأضاف : ظهر في مجتمعنا من يترافع عن الناس بالتدليس والخداع وهو يعرف أنه مدان، ومن يمدح الناس بما ليس فيهم نفاقا وكذبا، والمهرجون الذين يتحدثون بالكلام الساقط، وشهود الزور ودعاة التخريب وتعطيل مصالح الناس والساعون بمعسول كلامهم لإهلاك الحرث والنسل.

وهناك نصوص شرعية كثيرة تعالج مرض الانفلات الأخلاقي بين الناس منها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»، فالسلامة تكون بكف اليد واللسان، والإسلام حث على احترام حق الطريق وآدابه من غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

و حذر الإسلام من الإفساد في الأرض الناتج عن الانفلات الأخلاقي كما قال عز وجل: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا)، وقوله تعالى: (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ)، «سورة البقرة: الآيتان 205 - 206».

إن الانفلات الأخلاقي بكل صوره يؤدي إلى إيذاء المسلمين وإلحاق الضرر بهم وهذا الإيذاء يستوجب العقاب من الله عز وجل، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا * وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا)، «سورة الأحزاب: الآيتان 57 - 58».

والإسلام يريد من المسلم أن يعامل الناس بما يحب أن يعاملوه به فالذي لا يرضاه لنفسه لا يرضاه لغيره فإذا طبق كل إنسان هذا المبدأ استراح الجميع واطمأن كل إنسان على نفسه وعرضه وماله وهذا المعنى جاء واضحا في الحديث الشريف قال صلى الله عليه وسلم: «من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته، وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه»، وهذا لن يتأتى في ظل الانفلات الأخلاقي الذي نشهده بين كثير من الناس واهتم الإسلام بموضوع الأخلاق بين الناس وخاصة ما يقوله الإنسان من كلام باعتبار أن ذلك يؤثر تأثيراً مباشراً في حياة الناس ومصالحهم المختلفة ولذلك بين القرآن الكريم أن كل ما نتكلم به محصي علينا ومسطر في صحائف أعمالنا كما قال تعالى: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، «سورة ق: الآية 18»، وبين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الكلمة الواحدة قد ترفع الإنسان عند الله مكانة عظيمة إذا كانت طيبة وقد تخفضه إلى قعر جهنم إذا كانت خبيثة يقول صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله تعالى له بها رضوانه إلى يوم يلقاه وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه.