قروض.. تخرب البيوت

الشارع المصري
طبوغرافي

مهلكات كثيرة انتشرت فى مجتمعاتنا تنضم إلى قائمة السلوكيات الخاطئة من بينها الاقتراض الذى بات كمرض متفش، واقعًا لا فكاك منه، ويقبل عليه كثير من أرباب الأسر وربات المنزل وحتى الشباب بدافع التخلص من الأزمات المالية، وتوفير متطلبات الحياة لكنهم غالبًا يقعون فى مصيدة البنوك، بعد أن تتراكم الديون ويصبحون خلف القضبان؛ لتتحول حياتهم من سعادة إلى بؤس، ومن نعيم إلى شقاء.. وفى واقعنا تجارب واقعية لمعاناة ربات المنازل الذين أقبلوا على القروض الشخصية، وتعثروا فى سداد مديوناتهم، بعضهم ظل قابعًا خلف القضبان يوجه نداء لأهل الخير، لعله يجد مخرجًا .

وتلعب البنوك التقليدية دورًا كبيرًا فى الفترة الأخيرة على صعيد إغراء العملاء بالحصول على القروض الشخصية التى اتسعت أسواقها خلال السنوات الأخيرة؛ اتساعًا كبيرًا؛ وذلك فى ظل ملاحقة البنوك العملاء بعرض هذه القروض عليهم بأساليب مغرية تقوم على تسهيل عملية الحصول عليها بطرق سهلة من خلال إيصالها إلى العميل فى أى مكان كان، وفى كل وقت، ومع تنامى موجة التسهيلات المتعلقة بالقروض البنكية فإن الكثيرين وجدوا فيها ضالتهم لشراء سيارة أو مسكن أو قطعة أرض دون الالتفات لخطر تلك القروض الربوية.

القرض الحسن
وعن حكم الدين فى هذه القضية، يقول الدكتور عبدالفتاح الشيخ، رئيس لجنة البحوث الفقهية بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ـ للأسف الشديد فقد انتشر فى عصرنا “ربا القرض” فى البنوك الربوية بوضوح وجرأة على الله تعالى، حتى فى الدول الإسلامية وأصبح التعامل بالقروض التى يكسب منها فوائد كثيرة عن السداد هى السمة المتعامل بها فى بنوك اليوم خاصة مع انتشار البنوك الأجنبية التى أصبحت تلتهم ميزانيات الأسرة أولًا بأول، ولم تترك للإنسان فرصة التقاط الأنفاس أو حتى التفكير فى ادخار بعض الأموال تحسبًا للمستقبل أو لنوائب الدهر، وللأسف الشديد، لم يتوقف الربا على الأفراد، بل إن تعاملات الكثير من الدول الإسلامية وقروضها التى تأخذها من الدول الأخرى يتم على الربا الصريح، وهذا ما أثقل كاهل تلك الدول وتحملت الأمم والشعوب تبعات تلك القروض من الديون والحالة الاقتصادية السيئة، وذلك بشهادة خبراء الاقتصاد أنفسهم.

وقد رُوى عن ابن كعب وابن مسعود وابن عباس رضى الله عنهم جميعًا أنهم نهوا عن قرض جر منفعة؛ لأن القرض عقد إرفاق وقربة، فإذا شرط فيه منفعة خرج عن موضوعه فيجب على المسلم أن ينتبه لذلك، ويحذر منه ويخلص النية فى القرض، فإن القرض ليس القصد منه النماء الحسى، وإنما القصد منه النماء المعنوى، وهو التقرب إلى الله عز وجل.

ويشير د.الشيخ، إلى أن الإسلام حث أتباعه على ضرورة التحلى بالوسطية فى الإنفاق لا بخل ولا إسراف كما فى قوله تعالي: { وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) } [الإسراء] كما حرص الشارع الحكيم على وضع منظومة تشريعات تساعد على التخفيف عن المعسر، حيث يوجد فى الدين الإسلامى قوانين حكيمة وعادلة وإنسانية، ومنها الإقراض فالقرض الحسن عمل إنسانى وتكافلى فى المجتمع، ويحقق نوعًا من الرخاء