المصنفات الفنية وباءً نفسيا واجتماعيا علي فكر الشباب والفتيات

الشارع المصري
طبوغرافي

تمثل العديد من المصنفات الفنية وباءً نفسيا واجتماعيا علي فكر الشباب والفتيات والتي تتمثل في عروض بعض الأفلام والمسلسلات والإعلانات الترويجية والتي فيها إباحية ناجمة عن أفكار غير عقلانية مدعومة بجشع بعض المنتجين والمخرجين، واتخاذهم الفن - الذي هو من المفترض أن يقوم بتنمية الانسان وليس هدم بنائه وكياني النفسي والوجداني والعقلي- وسيلة للتجارة الرابحة لجني الأموال ليس أكثر، وهم في ذلك يدعون الإبداع بالرغم من أنه ليس إبداعا ولا إنتاجا فكريا ولا تهذيبا وجدانيا في شيء وإنما هو تدمير للأخلاق وإسقاط لعزائم الشباب نحو التطور والتغيير للأفضل، ومع كل أسف يتم إظهار الرجل أو المرأة أو الطفل بصورة أكثر من سيئة وما عرضته عدة مشاهد سينمائية وحلقات درامية تلفزيونية تروج لمشاهد الرقص، والعري، وإدمان المخدرات، والخمور واستخدام الأسلحة البيضاء في فض المنازعات والخلافات للمشكلات، والتدخين الشره، والتكالب علي الشهوات والمحرمات من العلاقات غير المشروعة والزواج العرفي والتحرش الجنسي وغيرها مما هو مفسد للأخلاق الحميدة.

وحتى وإن كان علي أرض الواقع بعض النماذج السيئة داخل المجتمع فهذا لا يعطي الحق لأحد أن يؤصل هذه المشكلات التي تدمر أجيالا كاملة وتنشر الاضطرابات النفسية والسلوكية تنتهي في صورة ظواهر تجسد في الحقيقة أمراضا متفاقمة في تطوراتها وأعراضها المتلاحقة من عدوان، واكتئاب، وقلق مستقبلي علي الأبناء، وترقب حذر مما سوف يتم عرضه، ومخاوف مستقبلية، وتدني لصورة الذات، وتهميش وعدم احترام للآخر، وأفكار بعيدة كل البعد عن المنطق والتدين، وبلاهة عقلية، ولامبالاة بالحياة، وفصل الناس عن الواقع لجرهم إلي اللاواقع واللامنطق، وتسميم العقل لتحويله من عقل بشري إلي شهواني يركز علي غريزتين فقط هما غريزة الجنس وغريزة العدوان في نهاية المطاف حيث تشير الغريزة الأولي في مفهوم تلك الأفكار وكأن حياة الانسان لم تخلق إلا لإشباع هذه الغريزة والتي علي أساس الالتفاف حولها يقف العقل بلا إرادة وتتغيب مقدرة الفرد علي إدراك الأمور من حوله فلا ينتبه لعمله ولا لدراسته ولا لحياته في مطلق العموم، وأما الغريزة الثانية فينصب التركيز عليها في مثل هذه العروض للأفلام وغيرها إلي الصراع للبقاء للأقوى وهنا العقل يتم إلغاؤه وعرقلة قدراته علي التفكير والتخيل والتحليل لفهم المشكلات وحلها واقتراح الحلول العقلانية وتنفيذها، ولذا فعندما يحدث هذا الغياب للعقل فان الاندفاعية والهمجية في سلوك الفرد هي التي تسود الموقف.

ومع ذلك فإن بعض جهات الإعلام من القنوات الفضائية وبعض مواقع التواصل الاجتماعي كاليوتيوب تسجل آلاف المشاهدات والإعجابات والتعليقات وأيضا التدعيمات التي توهم الشباب وتُعرض علي أنها روائع وإبداعات بدلا من عرض النماذج الفنية المهذبة والنماذج الصالحة من العلماء والأدباء في مختلف الميادين بمصر أمثال الشيخ الشعراوي والدكتور مصطفي محمود والدكتور طه حسين والعالم أحمد زويل وغيرهم كثيرون.

إن الحلول لمثل هذه التعديات علي الحق النفسي والاجتماعي للفرد موجودة وليست منعدمة وأولها هو بلا شك حسم الرقابة علي المصنفات الفنية بجدية لمنع أي عروض سيئة تلوث العقل وتشتته وتهمش النفس وتجعلها مضطربة وأيضا إلغاء كل النماذج السيئة المحرضة علي اللا أخلاق وعلي السلوك العدواني.

أما عن الدور النفسي والاجتماعي في مواجهة هذه السلبيات فمن الضروري التوعية الإعلامية المتواصلة للأسر وخاصة البسيطة منها ممن لم يتلقوا فرصة للتعليم أو التثقيف الجيد وذلك من خلال البرامج التلفزيونية والاذاعية وبرامج التقنية الحديثة من تطبيقات كالواتسآب، وكذلك بالحملات التطوعية للشباب في النوادي الثقافية وقصور الثقافة والهيئات التعليمية بالمدارس والجامعات، وتصميم البرامج التي تشمل لقاءات مع أولياء الأمور والمعلمين في تعليم أبنائهم ضرورة التحلي بالأخلاق والمحافظة علي نفس مطمئنة وعقل راجح.

وعن الدور الديني وهو أكثر أهمية من خلال ممارسة الشعائر الدينية السمحة والاقتداء بالأنبياء عليهم السلام في ضرورة تعليم الفرد التمييز بين ما يفيد الفرد وما يضره حتي ينشأ منذ الصغر متشبعا بالسوية ومتعقلا لأمور حياته ويكون له عمل يفيد به وطنه وفى الوقت ذاته يكون موردا للرزق، ويكون قادرا علي إدارة أمور حياته علي أفضل صورة متحليا بالصحة والسعادة النفسية.