مراكز الدروس الخصوصية ترفع شعار “كاملة العدد”

الشارع المصري
طبوغرافي

قبل بدء العام الدراسي بأسابيع رفعت مراكز الدروس الخصوصية شعار “كاملة العدد” لتصبح بديلا عن المدارس الحكومية التي هجرها الطلاب واتجهوا إلي هذه المراكز التي باتت تعاني من زيادة اعداد المتقدمين للدروس الخصوصية وترفض العديد منهم في بعض الأحيان.
وتشير التقديرات أن حجم استثمارات مراكز الدروس الخصوصية يصل إلى 72 مليار جنيه، لا تدفع عنها تلك المراكز ضرائب لأنها غير مرخصة

وتبدأ هذه المراكز نشاطها مبكرا من أجل الحجز قبل بدء العام الدراسي بفترة كبيرة، وتتففن كل عام في ابتكار اساليب وطرقا جديدة للدعاية تسوق بها معلميها في مختلف المواد لتنشط سلعة المدرس من خلال اسمه ولقبه في وسيلة رخيصة للدعاية في الشوارع وعلي مواقع التواصل الاجتماعي، وتنتشر الاعلانات عن هذه المراكز والمدرسين من شكل ملصقات علي الحوائط في كل الشوارع، وداخل الحواري دون خوف من حسيب أو رقيب.

وعلي أبواب المساجد يقف شبانًا يوزعون أوراقًا كدعاية للمدرسين بها أرقام هواتفهم المحمولة، مع وعد بالحصول على الدرجات النهائية في جميع المواد ، ونظرًا للاقبال الشديد على المدرسين - الذين تم الحجز معهم قبل بدء الدراسة بشهر- فقد تمتد الدروس الخصوصية حتى مطلع الفجر!

وفي رصد لقائمة أسعار الحصة حسب مسئولي أحد هذه المراكز فإنها تبدأ من 25 جنيها وحتي 50 جنيهاً بخلاف ثمن الملزمة وتختلف الاسعار من مدرس لآخر، فهناك امبراطور الكيمياء، نيتون التاريخ ، واسطورة الفيزياء ، وفرعون الرياضيات وكل منهم له سعره.

يؤكد د. حسين بشير - أستاذ المناهج وطرق التدريس بجامعة القاهرة- أن ظاهرة مراكز الدروس الخصوصية ظهرت كرد فعل للتدنى في أداء العملية التعليمية منذ سنين، مما اضطر أولياء الأمور لتعويض القصور داخل المدارس عن طريقها.

ويشير إلي أن مواجهة هذه الظاهرة لن يكون بين يوم وليلة ويلزمه خطة مدروسة وتعاون من القائمين على التعليم مع أولياء الأمور، وبعد التشخيص ومعرفة الأسباب يأتى العلاج.

ويلفت إلي أن من أبرز الأمور التي ساعدت علي تعقيد الموقف وساهمت في تدنى العملية التعليمية كثرة تغيير وزراء التعليم الذي يتمسك كل منهم برؤيته الخاصة في ظل غياب خطة سياسية للتعليم يقوم بتنفيذها كل وزير ولا تتغير بتغيره، بل يأتى من بعده ويكملها.

ويحذر من تأثير الدروس الخصوصية على شخصية الطالب الذي ينتقل من المرحلة الثانوية إلى الجامعة، لأنها تخلق بداخله نوعًا من الاتكالية والاعتماد على المدرس في شرح مالايستوعبه مما يؤثر علي درجة تفكيره لإعتماده علي التلقين.

تلخص الدكتورة سامية خضر صالح أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس أسباب تفشى تلك الظاهرة بالتغير الحاصل في سلوك التلاميذ للأسوأ جيل بعد جيل مما يجعل الجو التعليمى مشحونا بالمشاغبات التي تهدر الوقت في المدارس، ناهيك عن ارتفاع كثافة الفصول التي تصل إلي 50 طالب في الفصل الواحد مما يعوق المدرس من الوصول لكل تلميذ، وبالتالي غياب التفاعل بين المعلم وطلابه .

وتؤكد على أن أولياء الأمور يعلمون بالخلل في المنظومة التعليمية وبالتالي هم أول من يسارعون لإعطاء أبنائهم الدروس الخصوصية ويعتقدون بذلك أنهم يساعدون أبناءهم على التفوق، وبالتالي فلديهم قناعة تامة بأن الدروس الخصوصية مفيدة ومهمة من وجهة نظرهم .