الأسرة الوسط الإنسانى الأول للطفل(2)

الشارع المصري
طبوغرافي

يتعلم الطفل من خلال الأسرة التي تتسم بالحب والتعاون كيف يتلاءم ويتعاون مع غيره من أفراد الأسرة، خاصة الوالدين والإخوة والأقارب وكل من له صلة أو علاقة بأسرته، فهو يكتسب من خلالها مجموعة من العادات والتقاليد والعقائد والقيم السائدة في المجتمع، بعيداً عن التعصب والعنف، وبعيداً عن المخاوف والأفكار الخاطئة، فهي توجه سلوكه توجيهاً إيجابياً نحو الخير، والبر، والإحسان، والإيثار، وحب المجتمع،

على عكس الأسرة التي تتسم بالتفكك والنزاعات المستمرة داخل الأسرة، فالطفل من خلالها يترعرع وينمو في جو من الخوف، أو الكراهية، أو الإحساس بالذنب،

فهي تصبغ سلوك طفلها بالسلوك السلبي الذي ينمي فيه الأمراض الاجتماعية كالسرقة، والكذب، والإدمان، والشذوذ، وأيضاً الإصابة بالاضطرابات النفسية كالقلق، والاكتئاب، فالأسرة هي الأساس في رعاية وتوجيه سلوك الطفل، فالطفل في واقع الأمر مثل النبات، نرى ساقه وأوراقه، ولا نرى الجذور التي تغذيه، وتمتد في الأرض، والطفل هو النبات الذي نراه، والأسرة هي الجذور التي تغذي هذا النبات ولا نراها،

فنجاح الطفل وتفاعله مع البيئة التي يعيش فيها سواء كان تفاعلاً إيجابياً أم سلبياً يتوقف على الأسرة التي نشأ فيها وتعتبر الأسرة من المؤسسات الاجتماعية التي لها ما يميزها عن غيرها من المؤسسات الأخرى كالمدرسة ودور العبادة والنادي، فهي لها منهجها الجاد في التنشئة الاجتماعية، وذلك لأنها تقوم بالعديد من الأدوار التي تقوم بها مؤسسات المجتمع المختلفة،

فهي تعتبر المؤسسة الجامعة لكل تلك المؤسسات الاجتماعية المختلفة، ولذلك لم ينحصر دور الأسرة في تربية الأبناء والاهتمام بنموهم البدني فحسب، بل هي المؤسسة الوحيدة المسئولة عن تنمية كل جوانب الطفل النفسية والمعرفية والاجتماعية، وكل ما يحقق له النمو والارتقاء، فهي تتفوق على باقي المؤسسات الاجتماعية الأخرى رغم كثرتها وتعددها، إلا أن الأسرة لها دور مهم في تكوين شخصية الطفل.

ومن هنا نقول إن الرعاية النفسية الإيجابية للطفل يجب أن تتسم بالاعتدال والتوازن بعيداً عن التدليل والحماية الزائدة التي تنمي في الطفل الاعتمادية والكسل والخمول واللامبالاة وعدم الاكتراث وعدم القدرة على مواجهة أي موقف في حياته وأيضاً بعيداً عن النبذ والإهمال التي تنمي في الطفل بعض السلوكيات السلبية والميل إلى العزلة والانطواء والتي تؤدي به إلى الاضطرابات النفسية وأيضاً الإصابة بالأمراض الاجتماعية كالسرقة والكذب والتخريب والشذوذ والإدمان.