الكثيرون ينظرون إلى المحمول على أنه “رفاهية” وأداة للتعبير عن المستوى الاجتماعى والاقتصادى

الشارع المصري
طبوغرافي

غريب أمرالمصريين الذين يشكون من ضيق ذات اليد وفى نفس الوقت يزيد ماينفقونه على مكالمات المحمول عن 35 ملياراً التى تبدو من خلال متابعتك لها أن اكثر من 80% منها يذهب فى الهواء. وأكبر دليل على ذلك هو ماتشهده الرسائل من معدلات كبيرة فى المناسبات لدرجة أنك تجد من يرسل “إس.إم.إس” الى زميله المجاور له فى المكتب رغم رؤيته له. وجلوسه إلى جواره.

الكثيرون ينظرون إلى المحمول على أنه “رفاهية” وأداة للتعبير عن المستوى الاجتماعى والاقتصادى بل إنهم لاينظرون إليه على أنه من الكماليات ولايحسبونه كذلك وبالتالى أصبح صراع الكبار والصغار والأغنياء ومحدودى الدخل على زيادة فاتورة المحمول وبحسب تقديرات خبراء الاتصالات ودراسات العديد من الشركات ينفق المصريون 35 مليار جنيه سنوياً على المحمول ويتوقع الخبراء حدوث زيادة بمقدار 75% فى ذلك خلال عام ويرجعون ذلك إلى ولع المصريين بالتكنولوجيا وتطبيقاتها إلى حد كبير وقد بلغ عدد مشتركى شركات المحمول 50 مليون عميل مقابل 80 ألف مشترك قبل 10 سنوات وعند بدء الخدمة فى مصر.

وانقسم الخبراء حول أسباب الزيادة فى الاستهلاك فيرجعها بعضهم الى سلوكيات خاطئة تحكمها المظهرية والرغبة فى التقليد الاعمى فى حين يؤكد بعضهم أنها بسبب إجراءات الشركات وعروضها وتخفيضاتها لجذب المزيد من المستهلكين بدليل زيادة الأرباح والنمو الكبير الذى يشهده قطاع الاتصالات رغم حداثته فى مصر.

المستهلكون من جانبهم أيضا لم يتفقوا فى الرأى , ففى الوقت الذى أوضح فيه بعضهم أن المحمول والحديث فيه اصبح ضرورة لقضاء احتياجاتهم والاطمئنان على ذويهم أكد آخرون أن جزءا ليس بقليل من قيمة فاتورة الــ 35 مليار جنيه ذهب لــ”رغي” ليس له داع ـ على حد قولهم ـ لافتين إلى أن الكثيرين أصبحوا يحملون أكثر من تليفون محمول ليس لسبب سوى المظهرية وحب الاستعراض
تقول د. سامية خضر أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس: لا أعترض على أن يمتلك كل شخص تليفونا محمولا لكن أن يصل إنفاقنا عليه لهذا الرقم فهذا شيء غير مقبول بالمرة ويدل على الفهم الخاطئ لمعنى الحرية التى لا تعنى العشوائية وهذه الأرقام جزء من منظومة الخلل الاجتماعى التى استشرت فى المجتمع، حيث إننا افتقدنا للقواعد والأسس الاجتماعية مستنكرة استخدام المحمول من فئات تعتقد أن المحمول عديم القيمة بالنسبة اليهم إلا للتباهى أمام الآخرين ونتساءل: كيف لشعب يستطيع بالكاد أن يوفر قوت يومه أن ينفق أكثر مما يطيق على التليفون المحمول.

وتؤكد أن هذا البذخ فى الانفاق هو نتيجة لحالة الفساد الفكرى والسلوكى والمادى التى يتصف بها الشعب المصرى خلال الفترة الأخيرة.

وتؤكد الدكتورة سهير عبدالعزيز استاذة علم النفس والاجتماع بجامعة الأزهر ومديرة المركز الدولى للدراسات والتنمية وعميدة كلية الدراسات الانسانية أن استهلاك أجهزة المحمول يعتبر - تعويصنا عن الحرمان الذى يعيشه الشعب المصرى والبعض يعتبرها من المظاهر الاجتماعية التى أصبح لاغنى عنها لكن هذا لايعنى الاسراف فى استهلاكها فالشباب فى أمس الحاجة لنشر ثقافة العمل المنتج ليشعروا بقيمة المادة ومن المفترض أن يمارسها الشباب منذ الصغر.

وأرجعت السبب وراء ذلك الى انتشار الاعلانات التجارية التى تستخدم عبارات براقة لجذب المستهلكين وهذا يستلزم توفير الفرصة المناسبة للشباب منذ الصغر للمشاركة فى عمليات الاختيار والشراء مع تعويد الشباب على الاقتصاد والتوفير وتقليل الفاقد فى كل نواحى الحياة الاستهلاكية لأن النمط السلوك الاستهلاكى لدى الفرد يتأصل لديه منذ الصغر ويتأثر بالعديد من العوامل النفسية والاجتماعية والاقتصادية مثل: التقليد والمحاكاة والاعلانات التجارية والدخل النقدى ووسائل الاعلام المختلفة.