تقصير الزوج في الإنفاق ومشاكل أسرة الزوج هي أكثر أسباب الطلاق في المجتمع المصري

الشارع المصري
طبوغرافي

ـ كيف جاءت فكرة المأذونية؟
بعد حصولى على الماجستير كنتُ دؤبة في الحصول على فرصة عمل، وفي هذه الأثناء توفي المأذون الشرعي لبلدنا وهو عم زوجي، ومن الطبيعي نزول إعلان في مشيخة البلد وقسم الشرطة وفي المحكمة أن المأذونية شاغرة لمن أراد التقدم لشغلها، فاقترح زوجي أن أتقدم للمأذونية، وقال لي إن المرأة أصبحت قاضية، ومن الطبيعي أن تكون مأذونة وهو عمل يندرج تحت أعمال القضاء.

ـ من المعروف أن المركز الاجتماعي لأستاذ الجامعة أفضل من المأذون. لماذا لم تسلكي طريق التدريس الجامعي خاصة وقد حصلتِ على ماجستير في القانون؟
عندما حصلت على الماجستير كنت أعلم أنه لن يكون لي مكان بالجامعة حتى لو حصلت على الدكتوراه وكنت أرى غيري يكافح ولا يلتحق بالعمل في الجامعة لكن فكرة المأذونية جاءت في الوقت المناسب وأنا وجدت فيها ضالتي وراضية بها كل الرضا وأحقق فيها النجاح الذي لم أكن أتوقعه والحمد لله ولا شك أن العمل بالجامعة أفضل كوجاهة ورسالة وكعائد لكن المأذونية أيضا فيها إيجابية العمل بمحل الإقامة والدخل المجزي أيضا وفي النهاية الرضا بالمقسوم عبادة.

ـ ما رد فعل الأسرة على عملك كمأذونة؟ وكيف تعايشوا مع وضعك الجديد بعد ذلك؟
في البداية اختلفت ردود الأفعال داخل الأسرة مابين مؤيد ومعارض وكان من أشد المعارضين أخي وسبب اعتراضه هو خوفه من الناحية الشرعية أما والدي كان يرى أن المأذون دوره موثق للزواج ولا حرج في ذلك أما الزوج فهو صاحب الفكرة وشجع عليها وقد عرضنا الموضوع على علماء كبار في الفتوى فأجازوه ولم يعترضوا عليه وكذلك كان رد المحكمة أن المأذون موثق ومندوب لمحكمة الأسرة ولا توجد شبهة شرعية أو قانونية في عمله ولا فرق بين رجل وامرأة في هذا المهم أن يستوفي شروط المأذونية فكان إجماع الرأي بعد ذلك كله هو التقدم.

ـ ما هي خطواتك في عقد القران؟ وهل تختلفين عن المأذون الرجل في إجراءات العقد؟
بعد الاتصال أستقبل الطرفين في مكتبي وأطلب منهم الأوراق اللازمة وأحدد معهم الأجر المطلوب وهو مجموع قيمة رسوم المحكمة وأجري الخاص بي ونتفق على المكان الذي سيتم فيه العقد وغالبا ما يكون إما في منزل العوس الأنثى أو في مكتبي أما ما يحدث في المسجد فهو ليس عقد لكنه إشهار وهذا أتركه لشيخ المسجد بطبيعة الحال وأصبح هذا معتاد لدينا وكل ما أقوم به يقوم به المأذون الرجل كإجراءات.

ـ ما الفرق من وجهة نظرك بين عمل الرجل والمرأة كمأذون شرعي؟
الرجل يتاح له إيجابيات لا تتاح للمرأة والعكس فالبنسبة للرجل يتاح له الخروج في كل وقت ليلا أو نهارًا وخاصة إذا كان هناك حالة زواج طارئة أو حالة لها ظرف معين وهذا لا يتاح للمرأة فهي تحدد الوقت الذي يناسبها كامرأة كذلك الرجل يمارس الإشهار إذا كان في المسجد ولا يتاح ذلك للمرأة أما المأذونة فيتاح لها الدخول إلى العروس لأخذ رأيها ومخاطبتها خطاب مباشر والاطمئنان على موافقتها على الزواج من الشخص المتقدم فأنا أدخل إليها وأخاطبها ومعي الشهود وأطمئن على موافقتها.

ـ ما عدد عقود القران التي تقومين بها شهريا؟ وما هو الأجر الرسمي للمأذون؟ وكيف تتصرفين في دخلك من المأذونية؟
الحمد لله أقوم بعقد حوالي ثلاثين عقدا شهريا بواقع حوالي 2500عقد في السبع سنوات التي عملت فيهم كمأذون شرعي أما الأجر فهو: ينقسم ما يدفع للمأذون إلى قسمين القسم الأول هو رسوم محكمة الأسرة الخاصة بعقد الزواج ورسوم المحكمة عبارة عن 2% من مؤخر العقد إلى جانب طابع بريد قيمته 50 جنيه إلى جانب ثمن الدفتر الذي يوزع على عدد العقود المستهلكة له وهو خمسة عشر عقدا بالتحديد وهذا كله نوضحه للأطراف أما أجري كمأذون شرعي فأنا أحصل على 10%من المؤخر إذا كان أقل من خمسة آلاف وإذا كان المؤخر من خمسة إلى خمسة عشرة ألفا أحصل على 5% وتقل هذه النسبة إذا زاد المؤخر عن ذلك وهذه نسب خاصة بي وغيري يرفع عنها وقد طلب مني زميلي في المنطقة المجاورة أن أرفع تلك النسب ورفضت ذلك بل طلبت منه هو أن يخفض نسبته حتى يأتيه عدد كبير مثلي فرفض. أما بالنسبة للتصرف في دخلي فأنا أساهم في مصروفات المنزل بجزء والجزء الآخر أوفره للزمن.

ـ هل يجوز أن يخرج المأذون لأي سبب من الأسباب أن يعقد قران خارج دائرته؟
بنص اللائحة لا يجوز وبقوة القانون لا يجوز ولا يحدث هذا إلا بغطاء من المحكمة وفي هذه الحالة يكون هناك فساد واضح في رئيس المحكمة أو رئيس المحكمة وقد تلعب الرشوة هنا دورها والالتزام هنا يكون تابع لمحل إقامة الزوجة.

ـ ما أغرب حالة زواج وما أغرب حالة طلاق تمت على يديك كمأذون شرعي؟
بالنسبة لأغرب حالة زواج: في ثورة يناير وبالتحديد يوم 28 يناير فرض حظر التجوال بمدينة الزقازبق وكنت على موعد مع عقد قران في الثامنة مساء وذهبت العروسة مع عريسها للزقازيق لشراء الشبكة وهناك سرى قرار حظر التجول وعلق الجميع بالزقازيق وأنا أنتظرهم بمدينة القنايات وظلوا عالقين حتى الثانية صباحا وأنا أنتظرهم وكانت الأوضاع الأمنية والمجتمعية صعبة والمشكلة أن العريس من القاهرة ولا نستطيع التأجيل لأنه على موعد مع حفل زواجه بالقاهرة في اليوم التالي وكان لابد من إتمام عقد القران وظل التواصل بالتليفون وأصروا على انتظاري لهم حتى تم عقد القران في الثالثة صباحا في بيتي بحضور زوجي وأهلي أما بالنسبة لأغرب حالة طلاق: لم يكن سببها خلافات زوجية كما هو معهود ولكن السبب هو احتياجهما لمعاش الزوج الذي كان يعمل في السكة الحديد لتجهيز بنتيهما ولو يكن أمامهم سوى هذا الحل فتممت إجراءات الطلاق للنهاية ولم يتزوج بعدهما وكذلك هناك حالة زوجين يرغبان الزواج ولكن كان المانع مرض جلدي لدى الزوج وتم الطلاق.

ـ ما نسبة حالات الطلاق بالنسبة لحالات الطلاق في مصر عموما؟ وبالنسبة لعملك خصوصا؟
حالات الطلاق في العام بالنسبة لي حوالي خمسة عشر حالة في العام وهذا يزيد أو يقل في الدوائر الأخرى حسب الكثافة وعادات الناس.

ـ ما هي الأسباب الشائعة لحالات الطلاق التي على يديك؟ وهل كان لك محاولات للصلح قبل الطلاق؟ وهل تمت استجابة لبعض الحالات؟
هناك سببين السبب الأول: هو السبب المادي ويتمثل في عدم التزام الزوج بالمتطلبات المادية للزوجة والأولاد وغالبا ما يكون الزوج مدللا في بيت أبيه لم يتعود على تحمل المسئولية والسبب الثاني: زواج العائلة أي أن البنت تعيش مع زوجها وعائلته وهي تقوم بخدمتهم جميعا وهنا لا تشعر بالذاتية ولا تشعر أن لها بيت أو مملكة خاصة بها ويثقلون عليها في العائلة وهي مطالبة بتلبية كل احتياجاتهم المنزلية وتحمل هما كبيرا لا تستطيع حمله أما عن محاولتي للإصلاح فهذا يتم بالفعل والحمد لله نجحت في منع حدوث 30% من حالات الطلاق وأنا أعرف منذ النظرة الأولى أنه من الممكن الإصلاح أم لا فالحالات التي تأتيني وقد أتفقوا على كل شىء يتم فيها الطلاق غالبا أما باقي الحالات فتتم المحاولة لمنعها وغالبا أنجح في منعها والحمد لله

ـ ما رسوم الطلاق؟ وهل هناك مقابل مادي إذا نجحتِ في الصلح بين الطرفين؟
نعم الطلاق له رسوم وإجراءات في المحكمة كالزواج ولكن الفارق بينه وبين الزواج أنه لا يوجد به رسوم مبنية على مؤخر وهنا أقوم بتحديد مبلغ ثابت وهو 400 ـ 500 جنيه ولا أرفع عن ذلك مهما حدث ولا استغلال لظروف الناس

ـ ما أصعب موقف تعرضتِ له كمأذون شرعي في حياتك؟
في أحد العقود اتفقت مع الطرفين على كل شىء واجتمعنا جميعا في مكتبي لإتمام العقد وفجأة اختلفوا على المؤخر طرف أراد خمسة آلاف وتدخل النساء من الطرف الآخر ليكون عشرة آلاف وتطور الخلاف إلى التشابك بالأيدي والألفاظ وقمت بطردهم جميعا من مكتبي وطلبت منهم عدم الحضور مرة أخرى إلا بعد أن يتفقوا وهذا ما حدث بالفعل اتفقوا وأدخلت منهم من اتفق فقط وتم العقد بعد اتفاقهم على عشرة آلاف

ـ هناك حالات تتطلب العقد خارج المكتب ماذا تفعلين فيها؟ وماذا تفعلين إذا كان العقد بالمسجد للرجال؟
في البداية كنت أمتنع عن الذهاب لأي مكان آخر غير مكتبي لكننا هنا في مدينة القنايات وهي ذات طابع ريفي والجميع يعرف الجميع هنا بدأت في الخروج لمنزل العروس واتسعت دائرة معارفي وأخرج في صحبة بعض النساء من أهلها أو من أهلي في المرات القليلة التي أعقد فيها القران خارج مكتبي والناس جميعا هنا أصحاب أخلاق.

ـ ما أشهر عقد زواج قمت بعقده؟ وماذا لفت النظر فيه؟
عقد قران ابن الدكتور محمود أبوهاشم نائب رئيس جامعة الأزهر وهو ابن أخ الدكتور أحمد عمر هاشم وعقد قران تم يوم 25 يناير 2011م مع ثورة يناير وعقد قران تم يوم تنازل مبارك عن السلطة وكلها عقود لا تنسى ومن أهم عقود القران أول عقد قران رسمي قمت بعقده في مسجد الفتح بمدينة الزقازيق في حضور وسائل الإعلام وكان عددها كبير بقاعة المناسبات وقد جاءت وسائل إعلام خارجية من دول أخرى كاليابان ليشهدوا مدى تطور المفهوم عن المرأة وعملها في مجتمع مسلم كمصر

ـ هل قمت بزواج المحلل من قبل؟ وهل أنت مقتنعة به في ظل الظروف المجتمعية؟
أنا غير مقتنعة بهذا الموضوع أصلا في ظل الكثير من التحايل والتصنع وقلب الحقائق الذي يستخدمها الناس في هذه الأيام وقد جاءتني كثير من تلك الحالات فرفضتها وظلوا يترددون علي ولم أقبل بذلك أبدا وفي حياتي لم أقم بذلك إلا في حالة واحدة كانت صادقة وتزوجت صاحبتها برجل وظلت زوجة له حتى توفي ثم زوجتها بالزوج الأول مرة أخرى ولم أقم بأي حالة غيرها

ـ ما هي الشروط التي يجب توفرها في المأذون الشرعي عموما؟ وهل هناك شروط إضافية للنساء؟
الشروط القانونية الحالية للمأذون أن يكون قد أتم الواحدة والعشرين من عمره وأن يكون خريج إحدى الكليات التي تدرس الشريعة الإسلامية وأن يكون مصري الجنسية حسن السمعة لائق طبيا أدى الخدمة العسكرية والخدمة العامة ويقدم محضر ترشيح من مدينته أو قريته يرشحه فيه عشرون من ثقات المجتمع ولا فرق بين الرجل والمرأة في تلك الشروط

ـ كيف تقيمين تجربتك الشخصية في العمل كمأذونة؟
الحمد لله هي تجربة ناجحة جدا ولم أتوقع هذا النجاح ولم أتوقع هذا الدخل الكبير والحمد لله وكان كل طموحاتي تتلخص في إتمام أربعة عقود شهرية فإذا بها تصبح ثلاثين عقدا وإن كان ذلك مرهقا ولم أستعن بمساعد ولن يحدث خشية التلاعب والمشاكل المقصودة والغير مقصودة وبنص اللايحة لايجوز للمأذون أن يكون له وكيل

ـ كم مأذونة شرعية الآن في مصر؟ ولماذا انتشرت الفكرة؟
عندما تم اختياري كمأذون شرعي وانتشر الخبر عن طريق الإعلام وأجريت مجموعة حوارات بوسائل الإعلام استهوت الفكرة كثير من النساء وقام بعضهن بالتقدم فعلا للعمل كمأذون شرعي ونجحن بالفعل في الحصول على العمل كمأذون في محافظات أخرى مثل كفر الشيخ والفيوم وغيرها ولا أعرف العدد لأنه في زيادة والإعلام هو سبب الانتشار.
ـ لا توجد نقابة للمأذونية. ماذا تفعلون لتحقيق مطالبكم ومن أين تأتيكم الخدمات؟
لا توجد لدينا نقابة ترعى مصالحنا ونحن طالبنا وأجدد مطلبي الآن بإنشاء نقابة للمأذونية وتحقق مصالحنا وترعى أصحاب المعاشات وتقدم خدمات مختلفة للأعضاء مثل كل النقابات في مصر فالمأذون معرض لجميع الظروف الطارئة كغيره من أصحاب الوظائف الأخرى وليس لدينا أي مرجعية أو مؤسسة لعمل خدمات خاصة بنا. مع أننا ندفع الضرائب المفروضة علينا.

ـ ما هي أمنيتك في الحياة وفي هذه المرحلة التي نعيشها؟
أتمنى أن يكون أولادنا كمصريين بخير وعلى قدر من الثقافة يؤهلهم لصناعة مستقبل البلد في ظل الاعتدال المطلوب وعدم المغالاة وأتمنى أن يحدث مصالحة وطنية في مصر لصالح المجتمع يتم فيها التقريب بين وجهات النظر ويتنازل كل طرف من الأطراف عن جزء من حقه للم الشمل وعمل الوحدة المطلوبة مع خالص حبي لشعب مصر الذي لديه جوهر أصيل وأخلاق طيبة.