المساجد المفتوحة فـى ألمانيا مبادرة لمجابهة التطرف

الشارع المصري
طبوغرافي

الصورة الخاطئة التي انطبعت في أذهان البعض عن الإسلام، كونه دين عنف يشجع على التطرف والقتل وسفك الدماء، ما فتئت تجد أصواتا رافضة لها تسعى إلى تصحيحها خاصة لدى المجتمعات الغربية التي لا تعرف شيئا عن صورة هذا الدين الحنيف غير تلك الموجّهة التي تنقلها لها وسائل الإعلام. وفي هذا الإطار تتنزّل مناسبة “يوم المساجد المفتوحة” الذي ينظمه مسلمو ألمانيا سنويا بمناسبة عيد الوحدة.

تحت شعار “المسؤولية الاجتماعية ـ المسلمون في خدمة المجتمع”، تم في ألمانيا تنظيم يوم المساجد المفتوحة، الذي ينظم سنويا بمناسبة عيد الوحدة هذا العام هيمنت الحملة التي تشنها الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها على تنظيم “الدولة الإسلامية” المعروف إعلاميا بـ”داعش”، على الأجواء التي رصدتها وسائل إعلام محلية وعالمية عديدة في أحد مساجد بون، شأن مركز دوتشه فيله الإعلامي.

وبالتركيز على فعاليات هذه المناسبة، فقد عاش مسجد المهاجرين في مدينة بون في ألمانيا أجواء استثنائية بهذه المناسبة. فعادة عندما ينتهي المصلون من الصلاة ينصرف كل واحد منهم إلى حال سبيله ويعم السكون المسجد ليعود ويمتلئ من جديد عند اقتراب موعد الصلاة التالية. لكن يوم المساجد المفتوحة له خصوصيات أخرى، فبعد انتهاء الإمام من صلاة العصر بدأ المسجد يشهد نشاطا غير معتاد، حيث تفتح المساجد أبوابها أمام غير المسلمين ليتعرفوا عن قرب عن الإسلام والمسلمين ويشكلون صورة شخصية بعيدا عما يقرؤونه في الصحف أو يشاهدونه في قنوات التلفزيون.

مسجد المهاجرين في بون استعد بدوره لهذه المناسبة الخاصة، التي تصادف احتفال ألمانيا بذكرى الوحدة، حيث زينت جدرانه بلافتات تقدم تعريفات مختصرة بأركان الإسلام الخمسة
هذا اليوم الذي يحتفي به مسلمو ألمانيا شهد حضور عدد لابأس به من الزوار الذين توافدوا على المسجد، من بينهم سيدة وضعت على رأسها غطاء وأخذت مكانها بين الحاضرين.هذه السيدة الألمانية، التي يبدو من ملامحها أن عمرها يقارب الستين، قالت إنّها “سمعت في الإذاعة عن يوم المساجد المفتوحة، فقررت الذهاب لزيارة أحد مساجد بون”، مشيرة إلى أنه لم يسبق لها أن تعرفت على شكل مسجد من الداخل”. وأضافت هذه السيدة التي رافقها زوجها في هذه الزيارة: “أردت أن أقدم رسالة من خلال وجودي هنا، وهي أن الألمان منفتحون على المسلمين ويرغبون في التعرف عليهم عن قرب”.

ودارت مائدة مستديرة وتركزت معظم التدخلات على أعمال العنف التي ترتكب من طرف الجماعات المتشددة باسم الإسلام مثلما ما نراه في العراق وسوريا، حيث تساءلت إحدى الحاضرات قائلة: “هل صحيح أن قرآنكم يحث على قتل الكفار؟” فأجابتها المشرفة على الحوار، بأنّ “الإسلام يرفض قتل أي شخص سواء كان مسلما أو كافرا”، وقدمت حججا على رأيها انطلاقا من آيات من القرآن.

كما سألت أخرى عن التطرف في الإسلام، فردت المحاضرة أن التطرف ليس له دين، بل هو ظاهرة اجتماعية قد تظهر مع مختلف الأيديولوجيات اليمينية أو اليسارية. وأضافت المشرفة على إدارة جلسة الحوار موضحة: “محاربة التطرف مسؤولية الجميع، فالتطرف يظهر للوجود عندما تصبح الآفاق مسدودة في وجه الشباب ولا يجدون من يحتضنهم ويقدم لهم العون والنصيحة والإرشاد” التطرف ليس له دين، بل هو ظاهرة اجتماعية قد تظهر مع مختلف الأيديولوجيات اليمينية أو اليسارية

بعد الانتهاء من جلسة المناقشة وتبادل الأفكار، رافق المشرفون الزوار في جولة حول المسجد، حيث زاروا قاعة الصلاة المخصصة للنساء، وهناك لم تتردد سيدة شابة في القول: “لماذا تصلي النسوة خلف الرجال؟ أليس في ذلك حيف لهن؟”، فأجاب المرافق بكل هدوء: “طبيعة الصلاة تقتضي الركوع والسجود، وإذا كان الرجال يصلون خلف النسوة، فقد يشوش ذلك على تركيزهم وخشوعهم كما أن هناك من النساء من لا ترغب بطبيعتها أن يرها شخص آخر وهي في وضعية الركوع أو السجود”.