"الملهم" الذى علّم العالم السكينة والسلام

الشارع المصري
طبوغرافي

ما إن أطل عصر النهضة وتحرر الفكر فى أوربا حتى أخذ مفكروها وحكماؤها وعقلاؤها يقرأون عن الحضارات السابقة ليأخذوا عنها ويتابعوا ما وصل إليهم من منجزاتها، وكان لا بد من التعرف على ذلك الرجل “الملهم” الفريد الذى تمكن من إطلاق أوسع ثورة فكرية واجتماعية وروحية فى التاريخ، وكان أقل ما وسعهم قوله أنهم معجبون به وبعقله وبحكمته وبقدراته الروحية وشخصيته النافذة البالغة التأثير. ومن بين هؤلاء نذكر بعض ما كتب عنه وقيل فيه:
فهذا المؤرخ الأوروبى «جيمس ميتشنر» يقول فى مقال تحت عنوان «الشخصية الخارقة» عن النبى (صلّى الله عليه وسلم): « … وقد أحدث محمد- صلّى الله عليه وسلم- بشخصيته الخارقة للعادة ثورة فى الجزيرة العربية، وفى الشرق كله، فقد حطم الأصنام بيده، وأقام دينا خالدا يدعو الناس إلى الإيمان بالله وحده» .

ويقول الفيلسوف الفرنسى (كارديفو) : «إن محمدا كان هو النبى الملهم والمؤمن، ولم يستطع أحد أن ينازعه المكانة العالية التى كان عليها، إن شعور المساواة والإخاء الذى أسسه بين أعضاء الكتلة الإسلامية كان يطبق عمليا حتى على النبى نفسه» .

أما الروائى الروسى والفيلسوف الكبير تولتسوى الذى أعجب بالإسلام وتعاليمه فى الزهد والأخلاق والتصوف، فقد انبهر بشخصية النبى (صلّى الله عليه وسلم)، وظهر ذلك واضحا على أعماله، فيقول فى مقالة له بعنوان «من هو محمد؟» :
«إن محمدا هو مؤسس ورسول، كان من عظماء الرجال الذين خدموا المجتمع الإنسانى خدمة جليلة، ويكفيه فخرا أنه أهدى أمة برمتها إلى نور الحق، جعلها تجنح إلى السكينة والسلام، وتؤثر عيشة الزهد ومنعها من سفك الدماء وتقديم الضحايا البشرية، وفتح لها طريق الرقى والمدنية، وهو عمل عظيم لا يقدم عليه إلا شخص أوتى قوة، ورجل مثله جدير بالاحترام والإجلال» .

وخصص الفيلسوف الإنجليزى توماس كارلايل (1795 م- 1881 م) ، فى كتابه (الأبطال وعبادة البطولة) فصلا لنبى الإسلام بعنوان «البطل فى صورة رسول: محمد- الإسلام» ، عد فيه النبى (صلّى الله عليه وسلم)، واحدا من العظماء السبعة الذين أنجبهم التاريخ، وقد رد كارلايل مزاعم المتعصبين حول النبى( صلّى الله عليه وسلم) فقال: ويقول: «وإنى لأحب محمدا لبراءة طبعه من الرياء والتصنع» .

أما المستشرق الأمريكى إدوارد رمسى فقال: «جاء محمد للعالم برسالة الواحد القهار، ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، فبزغ فجر جديد كان يرى فى الأفق، وفى اليوم الذى أعادت فيه يد المصلح العظيم محمد ما فقد من العدل والحرية أتى الوحى من عند الله إلى رسول كريم، ففتحت حججه العقلية السديدة أعين أمة جاهلة، فانتبه العرب، وتحققوا أنهم كانوا نائمين فى أحضان العبودية .