من المؤسف ألآن أننا أصبحنا في عصر يتفاخر فيه الكثير بأن أبناءه يتعلمون داخل المؤسسات التعليمية الخاصة الذي هو في أغلبه تعليم أجنبي في مدارس وجامعات. ونوشك أن يكون من بين مصطلحات السباب أن يسب أحدهم الآخر بانتمائه إلى التعليم الحكومي وأنه من بين أبناء التعليم المجاني بل ويخشي علي الكثير على أبنائه أن يصادقوا أو يتربوا مع أولاد التعليم المجاني والفقراء
التعليم الأجنبي والخاص ازاد توحشه وتغوله في غيبة الدولة. ونحن نقف جميعا مكتوفي الأيدي نسعي لتحقيق نهضة فاقدة لأدواتها مفتقرة لتعليم يجمع بين الإعداد للعقول والأفكار وتنمية الانتماء الوطني المجرد.
بالفعل تعاني مصر من أزمة حقيقية في التعليم وأضحت مرتعا واسعا لكل المدارس والجامعات الأجنبية. ففي مصر انتشرت المدارس الأجنبية منذ زمن بعيد باعتبار كونها مدارس الأسر الأجنبية الموجودة في مصر.
وتداخل عليها مجموعات من أبناء الطبقات الأرستقراطية والإقطاعيين. ثم انتشر الأمر بعد ذلك مع الوقت رغم تحذيرات مبكرة للغاية من الإمام الإصلاحي الشيخ محمد عبده حين اعتبر في نهاية القرن التاسع عشر أن التعليم الأجنبي يُغرِّب الهوية ويمسخها ويُمثّل خطرا علي الانتماء. إذ نبه الي خطر المدارس الأجنبية التي كان يقيمها الغربيون في أنحاء العالم الإسلامي.
وكشف عن هدفها من التأثير علي عقول أبناء المسلمين وصبغهم بصبغة غير إسلامية. وكيف أنه حاول- عندما كان عضوًا بمجلس المعارف- أن يعين الرقابة الحكومية علي هذه المدارس. فلجأ إلي حيلة ذكية دعا في جلسة للمجلس بمعاونة الحكومة لهذه المدارس. فهلل الأعضاء الأجانب وخالف الوطنيون. وأقرت المعونة. وفي جلسة أخري دعا إلي فرض رقابة الحكومة علي هذه المدارس. فهلل الوطنيون وخالف الأجانب. ولكنه أقحمهم بالحجة.
تقرير المجالس
لم تقف التحذيرات من خطورة تعليم المدارس والجامعات الأجنبية عند كبار العلماء قديما وحديثا بل انتقلت الي تقرير واحدة من أكبر الجهات الاستشارية في مصر إذ كشف تقرير للمجالس القومية المتخصصة صدر نهاية العام الماضي.عن أن ظاهرة التغريب زادت في الانتشار. وهي تقوم علي مسخ الشارع المصري. وتضفي علي المجتمع مسحة أجنبية ليست من معالمه الأساسية.وأضاف التقرير. أن اللغة العربية أصبحت غريبة في وطنها. وهو الأمر الذي يعمل علي هدمها. وأن التغريب الذي يحدث حاليًا بسبب رغبة من بعض الأفراد في الظهور. ويحدث نتيجة الإعجاب بأمة أخري والميل لتقليدها.
وأظهر التقرير الذي يحمل عنوان( ظاهرة التغريب في الشارع المصري) أن نحو 50% من أسماء المحلات التجارية بمنطقة وسط القاهرة. تعد أسماء مغربة. ثم منطقة الزمالك ومصر الجديدة. وأرجع التقرير انتشار ظاهرة التغريب في الشارع المصري إلي عدة أسباب.
من أهمها قصور الوعي اللغوي لدي غالبية الشعب. والنظرة الفوقية لكل ما هو أجنبي. وإلحاق الأبناء بالمدارس الأجنبية. مما يجعل اللغة الأجنبية تسيطر علي تفكيره وانتمائه. ولاتجاه عدد كبير من المصريين للهجرة المؤقتة. وسياسة الانفتاح والتقليد. وحمل التقرير وسائل الإعلام مسئولية كبيرة في انتشار الظاهرة.
وأوصي التقرير بإصدار قانون يجرّم استخدام الأسماء المغربة في الأنشطة التجارية. ودعوة وسائل الإعلام للتصدي للظاهرة. ومواجهتها. حرصا علي اللغة القومية والهوية العربية.
ولعل اللافت للنظر أن دخول المدارس الجامعات الأجنبية أخذ يتوسع بشكل خطير وواضح ففي مصر توجد المدارس والجامعات الانجليزية والأمريكية. الفرنسية. والألمانية. الكندية. التركية و اليابانية وجميعها تشهد اقبالا منقطع النظير وتخرّج أجيالا من بينها من هم ممسوخي الهوية تائهين بين ثقافاتهم العربية التي ولدوا في كنفها. والأجنبية التي تعلموا في ظلال مناهجها. وكل ذلك في ظل غياب شبه تام من الدولة بل وتشجيع أحيانا أخري للمدارس الخاصة بشكل مبالغ فيه. وفي تخل عن دور بالغ الأهمية في دعم التعليم ليصبح قاطرة للتنمية المنتظرة من رئيس يحلم
بتحقيق نهضة قوية لشعب يتوق لمن يأخذ بيديه الي الطريق السليم.
خطر علي الهوية
من جانبه يحذر المفكر الاسلامي الدكتور زغلول النجار من خطورة المدارس الأجنبية علي الهوية المصرية والإسلامية لما تمثله من التباس لهوية طلابها ودارسيها ما بين ثقافاتهم التي نشأوا فيها وبيئاتهم من جهة.والتعليم الذي ينشئون ويتربون عليه فاذا تعلم في مدارس انجليزية تصبح نزعة هويته الي الانجليز ولو تربي في مدارس وجامعات أمريكية تكن عاطفته تميل تجاههم. وبالتالي تحدث عمليات العلمنة والتغريب ومسخ الهوية. وأنها جميعا أمور لها مخاطرها شديدة التأثير.
كما يؤكد على خطورة دور المدارس والجامعات الأجنبية علي الهوية المصرية والاسلامية. ودورها في إفساح المجال للاحتلال الفكري والثقافي والتغريب الذي يمثل اختراقا للهوية يجب التصدي له.
إصلاح التعليم الحكومي هو قاطرة الإصلاح الحقيقي
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة