رجاء بن حَيْوَة وهداية الإسلام

الشارع المصري
طبوغرافي

ولد رجاء بن حيوة في بيسان في فلسطين لعائلة مسيحية من نصارى فلسطين، وشهد أبوه حيوة فتح فلسطين وخطبة عمر بن الخطاب في أهلها بعد تسلمه مفاتيح القدس، وأسلم هو وعائلته وكان وقتها ابن خمسة عشر عامًا، تتلمذ على يد الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه.
قال مطر الوراق: ما رأيت شاميًّا أفضل من رجاء بن حيوة، وكان ابن عون إذا ذكر من يعجبه ذكر رجاء بن حيوة، وقال أيضاً : ثلاث لم أر مثلهم كأنهم التقوا فتواصوا : ابن سيرين بالعراق، وقاسم بن محمد بالحجاز، ورجاء بن حيوة بالشام.

وقال عبيد بن أبي السائب حدثني أبي قال : ((ما رأيت أحدا أحسن اعتدالًا في الصلاة من رجاء بن حيوة)).
قال ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة : ((ما من رجل من أهل الشام أحب إلي أن أقتدي به من رجاء بن حيوة)).

قَالَ سعيد بن صَفْوَان: كَانَ بَين عبد الْملك بن أَرْطَأَة ورجاء ين حَيْوَة الْكِنْدِيّ وَبَين عمر بن عبد الْعَزِيز صداقة وصحبة فِي نسكهم وعبادتهم، وَكَانَ رَجَاء بن حَيْوَة من من أعبد أهل زَمَانه، وَكَانَ مرضيًّا حكيمًا ذَا أَنَاة ووقار، وَكَانَت الْخُلَفَاء تعرفه بفضله فيتخذونه وزيرا ومستشارا وقيما على عمالهم وَأَوْلَادهمْ، وَكَانَت لَهُ من الْخَاصَّة والمنزلة عِنْد سُلَيْمَان بن عبد الْملك مَا لَيْسَ لأحد يَثِق بِهِ ويستريح إِلَيْهِ.

ولو لم يكن لرجاء بن حيوة موقف غير موقفه الذي أشار به على سليمان بن عبد الملك بولاية عمر بن عبد العزيز لكفاه، فقد كان صادقًا في نصيحته له، يروى عن رجاء بن حيوة أنه قال: لما ثقل سليمان بن عبد الملك رآني عمر في الدار أخرج وأدخل وأتردد، فدعاني فقال لي: يا رجاء، أذكرك الله والإسلام أن تذكرني لأمير المؤمنين أو تشير بي عليه إن استشارك، فوالله ما أقوى على هذا الأمر، فأنشدك الله إلا صرفت أمير المؤمنين عني، فانتهرته وقلت: إنك لحريص على الخلافة لتطمع أن أشير عليه بك فاستحيا، ودخلت فقال لي سليمان: يا رجاء من ترى لهذا الأمر وإلى من ترى أن أعهد؟ قلت: يا أمير المؤمنين، اتق الله فإنك قادم على الله، وسائلك عن هذا الأمر وما صنعت فيه قال: فمن ترى؟
فقلت: عمر بن عبد العزيز.

كَانَ حكيمًا ذَا وقار وَكَانَت الْخُلَفَاء تعرفه بفضله فيتخذونه وزيرا ومستشارا

قال: كيف أصنع بعهد أمير المؤمنين عبد الملك إلى الوليد وإلي في ابني عاتكة أيهما بقي؟.
قلت: تجعلهما من بعده.

قال: أصبت ووفقت جئني بصحيفة فأتيته بصحيفة فكتب عهد عمر ويزيد من بعده وختمها، ثم دعوت رجالاً فدخلوا عليه فقال لهم: إني قد عهدت عهدي في هذه الصحيفة ودفعتها إلى رجاء، وأمرته أمري وهو في الصحيفة اشهدوا واختموا الصحيفة؛ فختموا عليها وخرجوا، فلم يلبث سليمان أن مات؛ فكففت النساء عن الصياح وخرجت إلى الناس فقالوا: يا رجاء، كيف أمير المؤمنين؟.

أحد عبّاد أهل الشام وزهادهم وفقهاء التابعين وعلمائهم 

قلت: تعلمون منذ اشتكى أسكن منه الساعة.
قالوا: لله الحمد.
فقلت: ألستم تعلمون أن هذا عهد أمير المؤمنين وتشهدون عليه؟.
قالوا: بلى.
قلت: أفترضون به؟.
قال هشام: إن كان فيه رجل من ولد عبد الملك وإلا فلا، قلت: فإن فيه رجلا من ولد عبد الملك، قال: فنعم إذا، قال: فدخلت فمكثت ساعة ثم خرجت فقرأت الكتاب والناس مجتمعون.
قال ابن حبان في مشاهيره: ((كان رجاء بن حيوة من عباد أهل الشام وزهادهم وفقهاء التابعين وعلمائهم مات سنة اثنتي عشرة ومائة للهجرة)) رحمه الله رحمة واسعة.