مسلك الحاقدين والإساءة للقرآن..

الشارع المصري
طبوغرافي

الهجوم على الإسلام ومحاولة تشويه رموزه والنيل من ثوابته من الأمور القديمة، التى شهدتها البشرية ولاتزال، منذ البواكير الأولى لنزول القرآن الكريم وبزوغ نجم دين الله الخاتم. وأخيرًا يطل علينا هذا الهجوم والتطاول بوجهه القبيح صادرًا عن الغرب فى صورة تهديدات بحرق المصحف الشريف، دونما أدنى أسباب أو مبررات! والسؤال التقليدي: لماذا الهجوم على القرآن. بل ولماذا الهجوم على الإسلام؟!

كشفت إحصائية أعدتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أن الإسلام هو أسرع الأديان نموًا فى العالم وأن عدد المسلمين يكاد يصل إلى ثلث عدد سكان العالم، وبالتالى فإن الإسلام هو أكثر الأديان انتشارًا وتقول الوكالة إنها تشعر بقلق خاص تجاه نمو الإسلام فى الولايات المتحدة وأوربا وأستراليا خاصة لازدياد أعداد المسلمين بشكل كبير

وتشير إحصائية وكالة المخابرات المركزية إلى أن: «بين كل ثلاثة أشخاص فى العالم هنالك مسلم واحد، كما أن نسبة التحوّل إلى الإسلام ارتفعت بشكل ملحوظ بعد 11 سبتمبر كما يتوفع خبراء أمريكيون أن الإسلام قوة القرن القادم كما أكدت الإحصائيات أن القرآن الكريم أكثر الكتب مبيعا فى أمريكا.

13445672_1776505195925279_2009001789696682495_n6626-2286-IMG-20160724-WA0020
ويرى الدكتور إسماعيل عبد الرحمن أستاذ الفقه بجامعة الأزهر أنه مهما صدر من إساءات للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وللإسلام والمسلمين فإن تلك الإساءات لا تنقص من الإسلام أو من قدره صلى الله عليه وسلم لأن الله عز وجل هو الذى تكفل برد هذه الإساءة عن النبى صلى الله عليه وسلم كما جاء ذلك بنص القرآن الكريم { تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ وَتَبَّ} {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } [الزخرف:44] و{ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) } [ الحاقة:40] لكن القضية تكمن فى المسلمين وفى نصرتهم للرسول صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى { إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ} [ التوبة:40] والمراد بالنصرة الدفاع عن شريعته صلى الله عليه وسلم بالطريقة التى تحقق لنا الغاية المرجوة، وتلك الهبة التى قام بها المسلمون دفاعًا عن النبى صلى الله عليه وسلم دقت ناقوس الخطر فى العالم الغربى للتفكر فى هذا الرجل العظيم الذى جاء بدين الإسلام، وعلينا دور تنويرى كبير فى عرض تاريخه صلى الله عليه وسلم ومنزلته التى تميزه عن بقية رسل الله.

13310503_489357594587547_5920158541837880190_n21558412148464
ويؤكد الدكتور مبروك عطيه الأستاذ بجامعة الأزهر والداعية الإسلامى المعروف أن هذه الإساءات يُرد عليها بآيتين من القرآن الكريم أما الآية الأولى فهى التى جاءت فى سورة التوبة { كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8) } [ التوبة ] ومعنى الآية الكريمة: إن تمكن هؤلاء منكم وغلبوكم لا يراعون فيكم دساتير أو قوانين ولا يحفظون لكم عهدا.

أما الآية الثانية من سورة الكهف { إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِى مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا } [ الكهف: 20] ومعنى الآية: إنهم إن تمكنوا منكم فلن يرحموكم، وتشمل عدم الرحمة الإساءات المتكررة إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وإلى القرآن الكريم لذلك علينا لرد هذه الإساءات أن نتفوق اقتصاديا حتى نتمكن من رد الإساءة فنحن إذا ظهرنا عليهم سوف نرحمهم، أما إن ظهروا علينا فلن يرحمونا، وهذا هو الفرق بين المؤمنين وغير المؤمنين ولاشك أن الحوار معهم غير مجد كما أن المظاهرات والاعتصامات لا تجدى فى هذه الإساءات، فالمسلمون أصحاب رسالة غايتهم نشر الخير للناس جميعًا مسلمين وغير مسلمين، قال الله تعالى { وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [التوبة: 105 ] وقال تعالى { هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } وقال تعالى { وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [ آل عمران: 139}.

534_CommandmentJPG_-_Qu50_RT1600x1024-_OS535x391-_RD535x391-
وينصح الدكتور مبروك عطيه المسلمين بأن يعملوا على تحقيق قوله تعالى { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ}[ آل عمران:110 ] ولن نكون خير أمة إلا إذا تم استغلال طاقات المسلمين فى كل أنحاء العالم، ولا بد من تنشيط الخطاب الدينى الفعال الذى يبنى الشخصية فالله عز وجل لا ينظر إلى صورنا، ولكن إلى قلوبنا وأعمالنا ولن نكون خير أمة إلا بالجهد والعرق.. ومن المعهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان طويل السكوت.. دائم التفكر، فالإنسان إذا تفكر استطاع أن يحل مشاكله بناء على فكر واضح.

فى تفنيده العلمى لتلك الإساءات المتكررة، يقول الدكتور محمد داود الأستاذ بجامعة قناة السويس، وعميد معهد معلمى القرآن الكريم بالقاهرة إن القرآن الكريم تعرض لهجمات شرسة منذ زمن بعيد، على مستوى الأفراد، وعلى مستوى المؤسسات العلمية والاجتماعية، بل وعلى مستوى الأمة والدولة بإثارة الشبهات وتأليف قرآن مزعوم.. ففى زمن الحرب الصليبية قام بعض المستشرقين بتأليف كتاب بعنوان “دحض القرآن الكريم” كما قاموا بترجمة ألفاظ القرآن (وليس معانيه) إلى اللغة اللاتينية، كمدخل الى التحريف والتشويه..

وغير ذلك من حملات التشويه. ولكن سرعان ما ماتت كل هذه الجهود، وظل القرآن يزداد تألقا وقوة وعظمة، وبقى كتاب الله الخاتم مصونًا محفوظًا من كل سوء. وعن الأسباب التى تقف وراء تلك الحملات يقول الدكتور داود، إن هناك دافعين رئيسين لذلك، الأول: دافع نفسى بغرض تزييف الحقائق وتحريفها تعبيرًا عن الإخفاق والعجز عن مواجهتها.

فالعجز عن مواجهة الخصم يتحول فى الأعم الأغلب إلى الافتراء عليه! كما أن التلبس بالصفات السلبية، دافع لوصف الآخرين بها درءا للاتهام، وهو ما يعرف عند علماء النفس بـ”الإسقاط”. فالإسقاط حيلة من الحيل الدفاعية التى يلجأ إليها الفرد للتخلص من تأثير التوتر الناشئ فى داخله، ذلك أن الغلبة إنما تكون للفكر الأقوي، والإسلام كما يشهد الواقع عقيدة وأخلاقا هو الأقوى.

وقوته لا تنبع من قوة أتباعه كما فى العقائد الأخرى، لكن قوته قوة ذاتية تنبع من داخله، لأنه دين الحق والخير والسلام والأمن، كما أن القرآن الكريم هو كلام الله عز وجل ودستور الدنيا الذى لم يتعرض لزيف أو تحريف أو تشويه، ولن يكون له ذلك إلى قيام الساعة.

ومن هنا عجز الغرب على المستوى الفكرى والمعرفي، على الرغم من تفوقه سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا دافعًا إلى الخروج عن العقلانية والحوار المنصف، واللجوء إلى القوة وإلى التشويه والإفساد ظلمًا وعدوانًا.

أما الدافع الآخر للهجوم على القرآن فهو دافع معرفى، يتمثل فى إخفاق الغرب فى مواجهة الإسلام فكريًّا ومعرفيًّا، فكان سلاحهم الأوحد الذى ينم عن عجز فكرى هو الافتراء على القرآن الكريم والطعن فيه، وبدا ذلك واضحًا فى القرون الوسطى، بهدف تشويه رسالة الإسلام والصد عن الدخول فيه..

وهكذا لايزال الغرب حتى الآن يمارس فكرة إقصاء ونبذ الآخر بمواصلة الطعن فى القرآن الكريم، وفى نبوة النبى محمد صلى الله عليه وسلم، وفى الوقت نفسه نعت الإسلام بأنه هو الذى يمارس سياسة الإقصاء والعنف والإرهاب. والإسلام من كل هذه الاتهامات والشبه براء!
وفى ختام تعقيبه على هذا الهجوم يحمل الدكتور داود بشرى للأمة، بأنه كلما اشتد الهجوم على القرآن من معارضيه ومفكريه، ازداد القرآن تألقا وقوة؛ لأن حقائق القرآن الخالدة تدحض الزيف والافتراء والشبهات، لأنه كتاب كما وصفه رب العزة { لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ }