حسن استغلال الوقت

الشارع المصري
طبوغرافي

مروان : ـ كيف يمكنك القيام بكل هذه الأنشطة ومن أين تأتى بالوقت الكافي لها جميعاً أراك تمارس الرياضة وتحافظ على القراءة ولك ورد يومي من القرآن ومنتظم في عملك كيف هذا ؟ عمرو : ـ الحمد لله ذلك بفضل تنظيم الوقت وحسن استغلاله. مروان : ـ الوقت لا يكفيني لعمل ما أحتاجه من أنشطة يومية. فماذا أفعل؟ عمرو : ـ يجب عليك أن تتعلم كيف تحسن استغلال وقتك بأفضل صورة ممكنة. حسن استغلال الوقت من أهم مبادئ التنمية البشرية 

فالوقت هو أهم ثروة يمتلكها الإنسان وهو الفارق الواضح بين إنسان ناجح وأخر بعيد كل البعد عن النجاح وبين دولة متقدمة وأخرى نامية. فهل المطلوب منا تنظيم الوقت :ـ الوقت منظم بسنة إلهية محكمة ( أيام وأسابيع وشهور وسنين وليل ونهار ).

فلا يحتاج منا تنظيم. هل يحتاج الوقت منا لإدارة رشيدة:ـ الوقت سلعة لا تدخر فلا نستطيع إدارتها أو التحكم فيها كباقي السلع.

فالمصطلح الأدق هو أن نحسن استغلال الوقت. وعمر الإنسان كله عبارة عن بعض وقت فإن لم تستغله خير استغلال مر ولن يعود ولن يعوض مرة أخرى والوقت إن لم تستغله فى الأعمال المفيدة النافعة ضاع في الأعمال الضارة فالنفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل وما أضاع النبي عليه الصلاة والسلام أي جزء من وقته إلا فيما هو مفيد من عبادة أو عمل صالح حتى صمته ما كان إلا تفكراً وتدبراً وذكراً.

timezamani-iyi-degerlendirmek

وأكثر ما سوف يندم عليه الإنسان لحظة وفاته هو ضياع أي وقت من حياته بلا عمل صالح قال تعالى: وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ) سورة المنافقون/ آية 10 وعن بن عباس رضي الله عنهما قال : ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه: ـ ( اغتنم خمساً قبل خمس.

شبابك قبل هرمك. وصحتك قبل سقمك. وغناءك قبل فقرك. وفراغك قبل شغلك. وحياتك قبل موتك) أخرجه الحاكم في المستدرك رقم ( 7846 ). وصححه الألباني المتأمل للحديث يرى أن الرسول
وعظنا وأوصانا بخمس أمور منها ثلاثة أمور لها علاقة بقيمة الوقت هي (شبابك وفراغك وحياتك ) يكفى للدلالة على أهمية قيمة الوقت أن المولى عز وجل أقسم به فى أكثر من موضع فى كتابه العزيز منها : ـ ( والعصر والفجر والضحى ) في إشارة واضحة الدلالة على أهمية المقسوم به وعظمته .

وقد حثنا الرسول الكريم على استغلال الوقت بصفة عامة واستغلال الأوقات المباركة بصفة خاصة حيث يقول الرسول: ــ ألا إن لربكم في أيام دهركم لنفحات ألا فتعرضوا لها .

رواه الطبراني وحياة الإنسان لا تقاس بعدد سنواتها وإنما حياته الحقيقية تقاس بحجم الإنجازات والأعمال النافعة التي قام بها في مشوار حياته فهناك من أنجز الكثير من الأعمال الناجحة رغم قصر عمره. وبالعكس هناك من طال عمره دون أن يحقق أي إنجاز يذكر.

وهناك من يستمر ذكره بعد موته لسنوات طويلة ويبقى مفيد ونافع للأخرين حتى بعد موته ومنهم العلماء الذين يستمر نفعهم للناس بعلمهم لزمن طويل بعد موتهم وأهل الخير الذين ينفعون البشرية بأعمالهم الخيرية التي تركوها بعد مماتهم فالذكر بعد الموت عمر ثان.

فالإمام / أبى زكريا يحيى بن شرف النووي ( صاحب كتاب رياض الصالحين الأربعين النووية ) ولد عام 631 هـ وتوفى عام 676 هـ أى عاش قرابة 46 عاماً فقط ترك خلالها تراث علمى هائل من المؤلفات في شتى العلوم الشرعية مازالت تزخر بها المكتبات الإسلامية في شتى بقاع العالم والمتتبع لمؤلفات الإمام سيتعجب سائلاً نفسه كيف تمكن من تأليف هذا القدر الكبير من الكتب رغم قصر عمره.

والصحابي سعد بن معاذ دخل الإسلام وكان عمره حوالى ثلاثون عاماً ومات وكان عمره حوالى ستة وثلاثون عاماً اهتز لموته عرش الرحمن وشهد جنازته سبعون ألف ملك ست سنوات فقط عاشها في الإسلام كان له بها هذه المكانة العالية كأحد كبار الصحابة.

والوقت المتاح فعلاً للعمل المفيد والنافع في اليوم ضئيل جداً إذا ما أخرجنا منه الوقت المخصص للنوم وهو وحده ثلث عمر الإنسان وأوقات كثيرة تضيع في أعمال يومية أخرى من تناول طعام وما شابه ذلك فالوقت الذى يمكن أن تستغله في العمل المفيد النافع ليس بالكثير فلابد من استثمار هذا القدر الضئيل المتبقي من العمر.

والناس عموماً في تعاملهم مع قضية الوقت فئتان: ـ الفئة الأولى : ــ وهم أصحاب الهمم العالية والنشاط النافع وهم الأقلية فالوقت لا يكفيهم لأداء جميع أعمالهم وأنشطتهم التي يرغبون في تحقيقها يومياً وذلك لكثرة هذه الأعمال وهي جميعاً نافعة ومفيدة من عبادة وعمل وتحصيل علم و صلة أرحام وممارسة رياضة وهوايات وغيرها من الأنشطة.

والنصيحة لهذه الفئة المتميزة هي أن يأخذوا بقاعدة ( ما لا يدرك كله لا يترك كله ) وترتيب أعمالهم بحيث لا يهمل أي نشاط أو عمل على حساب الأنشطة والأعمال الأخرى.

وبالطبع فإن هذه الفئة لا تتمكن بأى حال من الأحوال من تحقيق كل ما تصبو إليه نفوسهم من طموحات فطموحهم مطلق ووقتهم محدود وكلما زاد عدد هؤلاء كانوا سبباً في تقدم المجتمع بصورة مباشرة.

والفئة الثانية : ــ وهم عامة الناس . وهم من لا يجيدون استغلال أوقاتهم فيما هو نافع ومفيد . ويضيعوا أغلب أوقاتهم في أعمال لا جدوى منها . ولا يقدرون القيمة الغالية للوقت.

وكلما زاد عدد هؤلاء كانوا سبباً في تأخر المجتمع بصورة مباشرة وهم الفئة التي نسعى لغرس قيمة وقدسية الوقت في حياتها و لإكسابها مهارة حسن استغلال الوقت.

والعبادات في الإسلام تعلم المسلم قيمة الوقت واحترامه فالصلاة لها وقت محدد يقول المولى عز وجل : ــ ( إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ) سورة النساء / آية 103 ولابد من القيام بها فى وقتها المحدد والحج له وقت محدد لايجوز أداءه فى غير ميعاده يقول المولى عز وجل : ـ ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ) سورة البقرة / آية 197 والصيام له شهر معين هو شهر رمضان يقول المولى عز وجل : ــ (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) سورة البقرة / آية 185 وكل يوم صيام لابد أن يبدأ الصيام فيه من طلوع الفجر إلى غروب الشمس فأغلب العبادات ترتبط بوقت معين وتعلم المسلم وتربى فيه قيمة احترام الوقت .

وترتيب الأعمال من أهم خطوات الاستفادة من الوقت . فمن لا يحسن ترتيب أعماله يضيع الكثير من وقته دون فائدة . وترتيب الأعمال يوفر الكثير من الوقت وبالتالي يمكن استغلاله بصورة أفضل. وهناك أوقات كثيرة تضيع من وقت الإنسان ويفقدها عن دون قصد ولا تستغل .

منها على سبيل المثال أوقات الانتظار في المواصلات أثناء السفر. ويمكن استغلالها في أشياء مفيدة مثل القراءة ( فالقراءة هي مفتاح العلم والمعرفة والثقافة وعلى أي ساعي للنجاح أن تكون القراءة هي أهم هواية يمارسها ويستغل وقته فيها) أو الأذكار فقد أمرنا الله عز وجل من الإكثار من ذكره .