برُ الآباء والأمهات يكون بحسن عشرتهم والتماس رضاهم

العالم الإسلامي
طبوغرافي

       أكد عدد من علماء الدين على أن للأم منزلة خاصة فى الإسلام، فيجب أن تُكرَّم وأن تُحترم، وأنه إذا أراد الأبناء أن يحتفوا بالأم ويقدِّروها حق قدرها، فعليهم أن يطبقوا ما جاء فى القرآن الكريم والأحاديث النبوية من الدعوات التى تشدد على حسن معاملة الوالدين فى حياتهما والدعاء لهما بعد مماتهما

يوضح د. عبدالفتاح إدريس أستاذ الفقه بجامعة الأزهر

عبد الفتاح

أن الإسلام شرع البر بالوالدين، ولا يكون ذلك بتقديم الهدايا لهما أو لأحدهما فى يوم من أيام السنة. ثم بعد ذلك يكون العقوق، بل إن البر بهما يقتضى مصاحبتهما بالمعروف طوال العمر. كما ورد ذلك فى قول الله تعالى وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ لْكِبَرَا أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً»، .
وأكد أن الشارع الحكيم جعل التصدق على المحتاجين إقراضا لله عز وجل، وقد جاء ذلك فى قول الله تعالى مَنْ ذَا الَّذِى يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، وهذه دعوة من الله تعالى لكل قادر أن يبذل مما عنده للمحتاجين.
 ولذلك فإن كل إنسان عليه أن يبادر بالتصدق والتبرع من أجل الوالدين، لأن الصدقة الجارية تدوم ويظل أجرها حتى بعد وفاة من تصدق بها، ويظل ينتفع بها الإنسان حتى بعد رحيله، كما أن الإنسان الذى يقوم بعمل صدقة جارية لوالديه ينطبق عليه حديث الرسول الكريم إذا مات إبن أدم إنقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له فهذا الولد الصالح الذى يقوم بعمل صدقة جارية لوالديه لم يكتف فقط بالدعاء لهما بل تصدق عليها وكل ذلك له أجر وثواب عند الله عز وجل

محمود 9محمود 6
ويقول د. منصور مندورأحد علماء الأزهر: الإسلام أوصى بالأم والأب وجعل الوصية تالية للوصية بتوحيد الله وعبادته (وقضى ربك ألا تعبد إلا إياه وبالوالدين إحساناً)، ومن رعاية الإسلام للأم وحقها وعواطفها أنه جعل الأم المطلقة أحق بحضانة أولادها، وأولى بهم من الأب استناداً لما جاء فى الحديث النبوى عندما قالت امرأة: يا رسول الله، إن ابنى هذا، كان: بطنى له وعاء، وثديى له سقاء، وحجرى له حواء، وإن أباه طلقني، وأراد أن ينتزعه مني! فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم: (أنتِ أحق به ما لم تنكحي)، وقد اختصم عمر وزوجته المطلقة إلى أبى بكر فى شأن ابنه عاصم، فقضى به لأمه، وقال لعمر: (ريحُها وشمُّها ولفظها خيرٌ له منك)، فقرابة الأم أولى من قرابة الأب فى باب الحضانة.
يوم واحد لايكفي

توجيه 4
ترى د. إلهام شاهين أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات العربية والإسلامية بجامعة الأزهر ، أنه لا ينكر أحد ما للأم من مكانة وأهمية فى حياة كل إنسان، موضحة أنه لا بد أن يكون الاحتفاء بعطاء الأم وتكريمها على امتداد العام، وينبغى على كل ابن أن يعى دورها ومكانتها، ويحتفى بها على امتداد العام وليس فقط فى يوم واحد يتذكر فيه أمه وتضحياتها من أجله، فالأم هى المدرسة الأولى التى يتشرَّب منها الإنسان، ويتعلم فيها كل الخبرات والمهارات الحياتية التى تعينه فيما بعد.
أشارت إلى أنه إذا أراد الأبناء أن يحتفوا بالأم ويقدِّروها حق قدرها، فعليهم أن يطبقوا ما جاء فى القرآن الكريم والأحاديث النبوية من الدعوات التى تشدد على حسن معاملة الوالدين فى حياتهما والدعاء لهما بعد مماتهما مؤكدة أن الإسلام كرم المرأة باعتبارها أما وأعلى من مكانتها، وجعل بر الأم من أصول الفضائل، كما جعل حقها أولى من حق الأب، لما تحملته من مشاق الحمل والوضع والإرضاع والتربية، وهذا ما يقرره القرآن الكريم، ويكرره فى أكثر من سورة ليثبته فى أذهان الأبناء ومن ذلك قول الله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِى عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِى وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)، وقوله عز وجل أيضاً: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا).
التماس الرضا
ويرى الأستاذ بجامعة الأزهر الدكتور عبد الحكم الصعيدى

ادريس

أن علينا أن نحث كل إنسان على برِّ أمه، وبرُّ الأم فى الإسلام يعنى إحسان عشرتها، وتوقيرها، وخفض الجناح لها، وطاعتها فى غير المعصية، والتماس رضاها فى كل أمر، حتى الجهاد، إذا كان فرض كفاية لا يجوز إلا بإذنها، وذلك لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما جاء رجل إليه، فقال: يا رسول الله، أردت أن أغزو، وقد جئت أستشيرك، فقال: (هل لك من أم)؟ قال: نعم.. قال: (فالزمها فإن الجنة عند رجليها).
وأضاف: وهناك وجوهٌ كثيرة كرم الإسلام بها الأم منها توصيته بالأخوال والخالات، كما أوصى بالأعمام والعمات، وقد أتى رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إنى أذنبت، فهل لى من توبة؟ فقال: (هل لك من أم؟” قال: لا• قال: (فهل لك من خالة)؟ قال: نعم• قال: (فبرَّها).