الشفاعة من أكثر القضايا التي أثارت جدلاً بين علماء المسلمين، واعتبرها عدد ممن شذوا عن صحيح الدين نوعاً من الظلم والمحسوبية والمحاباة التي تستحيل على الله -عز وجل..
يقول د. أحمد عمر هاشم : أن الشفاعة ثابتة بالقرآن الكريم والسنة النبوية، مشيرا إلى أنه لا يجوز التشكيك في شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم، فرسول الله يقول: ''أعطيت خمساً لم يعطهن نبي قبلي'' منها الشفاعة. وكذلك يقول رسول الله: ''شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي''، وقوله: ''ليس من نبي إلا أعطي دعوة وإني خبأت دعوتي شفاعة لأمتي''.وقال إن الآيات التي تنفي الشفاعة تُحمل على من مات على الكفر، موضحا أنه لا يجوز لمسلم أن ينكر شفاعته -صلى الله عليه وسلم- أو أن يشكك فيها. وأوضح أن الشفاعة لون من ألوان التكريم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم، ولا تعني المحاباة أو المحسوبية أو الاتكال عليها وعدم العمل، مؤكدا أن الأحاديث التي وردت في شأن الشفاعة صحيحة وذكرت في كتب الصحاح، وأن علماء المسلمين أجمعوا على الاعتراف بشفاعة رسول الله ولم ينكرها واحد منهم.
وقال الدكتور عبد المعطي بيومي، العميد الأسبق لكلية أصول الدين جامعة الأزهرأن النصوص التي تنفي الشفاعة إنما تنفيها عن الكافرين والمشركين وإن الله إذا أراد مغفرة ذنوب بعض الناس فإنه يأذن لأنبيائه ورسله أن يشفعوا لهم، موضحا أن معنى قوله تعالى: (قل لله الشفاعة جميعا) أن الله -سبحانه وتعالى- يملك الشفاعة ويملك الإذن بها ويملك إيقاعها''. وأن الشفاعة ليست محسوبية ولا محاباة لأن المحسوبية تنتفي إذا علمنا أنه لا تقبل شفاعة الشفعاء إلا إذا أراد الله المغفرة لمن يشفع لهم فتكون الشفاعة سببا في إيقاع المغفرة.
وأشار الدكتور عبد الحميد أبو المكارم، الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، إلى أن الشفاعة ثابتة في حقه -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا والآخرة بنصوص القرآن يقول الله تعالى: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون)، مؤكدا أن شفاعة النبي لأمته يوم القيامة وردت في أحاديث كثيرة صحيحة، فعندما تدنو الشمس من الرؤوس ويشتد الكرب بالناس وتفزع كل أمة الى نبيها فلا يجدون عندهم سبيلا حتى يأتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيسجد تحت العرش ويسأل الله أن يشفعه فيأذن له بالشفاعة.
ويرى الدكتور محمد غانم أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية التربية جامعة قناة السويس أن الشفاعة ثابتة بنصوص القرآن والسنة، مؤكدا أنها لا تتعارض مع فكرة العدل الإلهي المطلق، لأنها لا تعني الاستثناء، فالرسول حينما يشفع لأمته ليس معنى ذلك أنه يشفع في شيء يخالف حدود الله.
ويذكر أن الشفاعة تعني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يطلب الرحمة لأمته، لأننا مهما أطعنا الله وتقربنا إليه في الدنيا فلن يكون ذلك كافيا لدخولنا الجنة، مؤكدا أننا في حاجة إلى من يشفع لنا ويطلب الرحمة والمغفرة ورسول الله هو الشفيع وهو المشفع.
وأضاف د.غانم أن الشفاعة عند بعض المفسرين معناها الدعاء، أي دعاء النبي لأمته بالخير وليس بمعنى التدخل في أحكام الله، والدعاء لا يتعارض مع العدل الإلهي، لأن الله إذا شاء أجاب الدعاء وإن لم يشأ لم يستجب، فأحكام الله ثابتة وأزلية وغير قابلة للنقض، فالله لا يقرر شيئا ثم يطلب الرسول الشفاعة فيغير الله الحكم.
ويشير إلى أنه إذا تجاوز الله عن بعض عباده فهذا ليس مضادا للعدل، لأن الله هو خالق الخلق وقدر مشيئته عليهم، فلهذا الثواب ولهذا العقاب، وهو أيضا الذي قدر الشفاعة لرسوله، ولو لم يكن يريد الشفاعة لما منحها لنبيه، موضحا أن إخلاص العمل هو الأساس في ميزان العدل الإلهي، فإذا أثاب الله إنسانا وعاقب آخر فهذا حق كل منهما وليس تجاوزا، وإذا أراد أن يعفو ويتجاوز عن إنسان فهذا حقه ولا يتنافى ذلك مع فكرة العدل.
شفاعة خير البرية ثابتة بنصوص القرآن والسنة
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة