اهتم الإسلام بكبار السن وأولادهم بعناية خاصة من المجتمع الإسلامي،

العالم الإسلامي
طبوغرافي

اهتم الإسلام بكبار السن وأولادهم عناية خاصة باعتبارهم جزءاً من المجتمع الإسلامي، حيث أوضح عدد من علماء الدين أن إجلال كبار السن وقضاء حوائجهم من سنن الأنبياء وشيم الصالحين، وأن الشريعة الإسلامية دعت إلى التراحم بين أفراد المجتمع ونشر الفضائل. وأشار العلماء إلى ضرورة معاملة كبار السن ورعايتهم بطرق حسنة، والإنفاق عليهم، وتأمين الحياة الكريمة لهم من أجل إسعادهم بعد أن بذلوا عصارة حياتهم وأدوا دورهم في الحياة على أكمل ما يكون..

قالت الباحثة الإسلامية الدكتورة خديجة النبراوي، للمسن مكانة متميزة في المجتمع الإسلامي، فهو يتعامل معه بكل توقير واحترام، ويعد توقير الكبير وتقديره أدب من آداب الإسلام، وسنة من سنن نبي الإسلام، وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم: “ليس منا من لا يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا”.

وترصد الدكتورة خديجة بعض الممارسات العملية التي حث عليها الإسلام الحنيف لاحترام وتقدير المسن منها البدء الكبير بالأمور كلها كأن يتقدم الكبير على الصغير في صلاة الجماعة، وفي التحدث إلى الناس، وفي الأخذ والعطاء عند التعامل، والترهيب من استخفاف الصغير بالكبير، وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ ثلاث لا يستخف بهم إلا منافق: ذو الشيبة في الإسلام، وذو العلم وإمام مقسط” ، والحياء من الكبير لأن الحياء خلق يبعث على ترك القبيح، ويمنع من التقصير في حق الكبير وإنزال الكبير منزلته اللائقة به.

إجلال الكبير
وتشير الباحثة الإسلامية إلى أن إجلال الكبير وتوقيره وقضاء حوائجه سنة من سنن الأنبياء وشيمة من شيم الصالحين الأوفياء، ومن ثم يجب أن يحسن الصغار إلى كبار السن لاسيما الوالدين من الآباء والأمهات “إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا”.

وتقول الدكتورة خديجة: ويعتبر المجتمع المسلم من أفضل المجتمعات الإنسانية العالمية قاطبة لما فيه من الود والمحبة والتعاون والتكاتف والتكافل الاجتماعي في جميع مناحي مسيرة الحياة من الولادة وحتى الممات أو كما يقال من المهد إلى اللحد، فالمجتمع المسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.

ويؤكد الدكتور أحمد عمر هاشم عضو مجمع البحوث الإسلامية ــ أن الإسلام اهتم بأمر المسنين في المجتمع منذ أكثر من أربعة عشر قرنا، وسبق الأنظمة المعاصرة التي أخذت تنادي بالاهتمام بالمسنين في الآونة الأخيرة موضحاً أن النظرة الإسلامية للمسن تختلف عن النظرة الوضعية التي يقتصر اهتمامها على بعض الجوانب في حياة المسن، فالإسلام ينظر إلى المسن نظرة سماوية تعبدية شمولية تهتم بصحته، وروحه، وحياته الاجتماعية، والاقتصادية، والنفسية،

ويشير إلى أن الإسلام يقدم التكافل الاجتماعي للمسن ضمن نطاق العائلة الكبيرة أو الأسرة الصغيرة الواحدة أو ضمن الأسرتين، بعكس المجتمع الغربي الذي يسوده الجفاء والنكران لجميل التربية والتنشئة الاجتماعية إبان مراحل الطفولة والشباب، وفي الإسلام أيضا اهتمام كبير ورعاية خاصة للمسنين فيرعى الشاب المسلم أو الفتاة المسلمة الوالدين والأقارب المسنين الآباء والأمهات، والأجداد والجدات والأعمام والعمات والأخوال والخالات.

علاقة طردية
ويضيف الدكتور هاشم: هناك علاقة طردية بين المجتمع الإسلامي ورعاية المسنين، فحيثما وجدت مجتمعا مسلما فثمة اهتمام ورعاية خاصة بالمسنين المسلمين، حيث يعتبر من السخافة والسفاهة والعار ترك الأقارب في دور المسنين والعجزة، ولاشك أن الأجيال الكبيرة في السن هي الأجيال البانية التي بنت وزرعت للأجيال الشابة، فكما بنى الأجداد لآبائنا، فإن آباءنا بنوا لنا ونحن نبني لأبنائنا وهكذا تسير الحياة عبر التاريخ الإنساني، وبالتالي فإن من الواجب توقير الاجيال الكبيرة في السن واحترامها ومنحها الرعاية الهامة والمهمة في حال عجزها..

ويقول الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر أن دعوة الإسلام تحرص أشد الحرص على توفير العناية والرعاية لكبار السن وتحضنا على أن نتجنب الألفاظ التي تسبب لهم آلاما نفسية، وأن نحاول إدخال السرور على نفوسهم، دعا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن نحسن معاملة المسنين، وأن نوقرهم، فقال صلى الله عليه وسلم: “ما أكرم شاب شيخا لسنه إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه”، ومن ثم فإن الإسلام يحفظ الحقوق ويقدر دور المسنين والآباء في عطائهم، فأوجب على المجتمع توفير الرعاية لهم في فترة ضعفه ،ولقد كان أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما يستنيران برأي الشيوخ حين تختلط الأمور عليهما لثقتهما في خبرة الشيوخ كما كان أبو بكر رضي الله عنه مثالا للابن البار فلم يجلس وأبوه واقف بل كان يوقره ويحسن معاملته.