المنهج الإيمانى في تغيير نمط الحياة لمواجهة الوسوسة والاكتئاب":

العالم الإسلامي
طبوغرافي

أكد أ.د. أحمد عبده عوض الداعية والمفكر الإسلامي أن الاستعانة بالله والصحبة الصالحة واستثمار الأوقات والابتعاد عن الحرام حصانة من الاكتئاب والإحباط والملل.
وقال في محاضرة بعنوان "المنهج الإيمانى في تغيير نمط الحياة لمواجهة الوسوسة والاكتئاب": أيها الأحباب هذه محاضرات علمية تثقيفية، وليس بالضرورة أن تقتصر هذه المحاضرات على المرضى فقط، أو على من يعانون من الوسوسة والاكتئاب فقط، بل إن هذه المحاضرات يجب أن يعلمها كل مربى وكل معلم، وكل أب، وكل أم.. لا بد أن يتفقه المسلمون جميعهم في دين الله تعالى، فإن التفقه في الدين من أفضل سبل النجاة والنجاح والفلاح في الدنيا والآخرة، قال النبى صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" وليعلم كل مسلم أن علاجه في يده هو وليس في يد الأطباء، لأن الإنسان هو أعلم الناس بنفسه، وهو أدرى الخلق بمشاكله.

وكلما ازداد الإنسان علمًا بأمور الدين، وكلما كان أقرب إلى الله تعالى .. كان أقدر على إصلاح مشاكل نفسه، والتغلب عليها، فطبيبك أخى الحبيب هو أنت، وكل شخص أدرى بعيوب نفسه، وكلنا عيوب، وكلنا أوزار وآثام، وكلنا على خطر عظيم إلا إذا أصلح الله تعالى ما بنا وأقام اعوجاجنا، ولذا كانت حياة النبى صلى الله عليه وسلم قائمة على استمداد العون من الله تعالى، "مالك يوم الدين . إياك نعبد وإياك نستعين" ربما تُحلّ مشكلات حياتك بدعاء، أو بنصيحة من شخص صالح.

لقد ظل أيوب عليه السلام ثماني سنوات يدعو الله تعالى بهذا الدعاء: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} ولم يقل رب إنى تعبت من المرض، ولم يقل رب إنى كرهت الابتلاء، ولكن قال رب إنى "مسنى" مجرد مسّ فقط، انظر إلى بلاغة الدعاء، وإلى التأدب مع الله تعالى في الدعاء، انظر إلى الصبر على البلاء طيلة هذه السنوات، هل استجاب الله تعالى له؟ نعم لقد استجاب الله تعالى له: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ} لأنه كان يدعو بدعاء الحال.

تغيير أنماط الحياة..
من أسباب تغلب الاكتئاب على الإنسان، عدم تغيير أعماله الحياتية، وعدم التنويع، والثبات على حالة واحدة، فيبدأ ينتابه شيء من الملل ثم بعد ذلك يتحول هذا الملل إلى اكتئاب نفسى، ومن ثم تظهر الوسوسة عند الإنسان.

أنت إذا تحولت من حالة السكون إلى حالة الحركة، ومن حالة الضعف إلى حالة القوة، ومن حالة الجمود إلى حالة اللين فأنت متغلب على الاكتئاب لا محالة.. الإنسان عندما يقول يا رب يتغير حاله إلى الأحسن بفضل الله تعالى.

كل مشكلة لها حل ..
هذه قاعدة كونيــة لا نقاش فيها .. كل باب له مفتــاح، فقط انت الذي تصـر على استخدام المفتــاح الخطــأ!
أساليب التغلب على الاكتئاب والإحباط والملل:
1- الاستعانة بالله تعالى والتوكل عليه وطلب المعونة منه في كل أمر تحاوله، قال تعالى: ((وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)) [الطلاق:3].

2- طاعة الله التي يجمعها هذه القاعدة وهي: (فعل الواجبات والابتعاد عن المحرمات)، فإن فعلت ذلك كنت أنت العبد الصالح المطيع ربه، فإن أضفت إلى ذلك شيئاً من النوافل المستحبة فقد صرت من المتسابقين في طاعة الله، فاحرص على هذا فإنه فلاحك في الدنيا والآخرة.

3- الصحبة الصالحة التي تعينك على طاعة الله فتكتسب منها مكارم الأخلاق وتتعاون معها على طاعة الله.
4- السعي والحرص على الأمور النافعة؛ فهنالك استثمار الأوقات في طلب العلم الشرعي وحفظ القرآن وفي الدعوة إلى الله، وفي المشاركة في المحاضرات والدروس والأنشطة الإسلامية، وهنالك السعي في المعارف النافعة الدنيوية كذلك، والذي يجمع كل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز) رواه مسلم.

5- العناية بترتيب الأوقات وتنظيمها، فاجعل لتحصيلك العلمي وقتًا ولتحصيلك الزائد عن ذلك وقتاً آخر، واجعل للترفيه عن النفس وإجمامها وتسليتها وقتاً آخر، فهذب أوقاتك ونظمها تظفر بالفوز وتغنم يومك وليلتك.
6- دوام استشارة أهل العلم ومراسلتهم والاستنارة برأيهم، فإن العاقل يستشير ولا ينفرد برأيه إذا قدر على ذلك.

حب العمل والاستمتاع به..
الحياة لا توهب للإنسان إلا مرة واحدة، أنا أقدم لكم هذه المحاضرة وانا مليء بالحيوية وانا مليء بالمتعة، فيجب على الإنسان أن يؤدى كل الأعمال بحب وبمتعة، فالاستمتاع بالعمل والاستمتاع بالعبادة شيء مطلوب.
الحكمة من التنويع في العبادات..

مشكلتنا اننا نعمل بألسنتنا مع وجود حاجز بين بين ألسنتنا وقلوبنا، ولذا قال الله تعالى: {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ}.. الله تعالى ينوع لك في العبادات بحيث لا تصاب بالملل، والمنهج الإسلامى يقوم على التنويع، لأن الإنسان إذا استسلم لحالة واحدة أصابه الملل والاكتئاب، والاكتئاب عندما يشتدّ بالإنسان يتركه في حالة شديدة السوء، قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} تنويع للعبادات.

الاستعانة بالله تعالى.. عليك أخى الحبيب أن تستعين بالله تعالى في كل أمور دينك ودنياك، فالنبى صلى الله عليه وسلم أوصانا بأن نستعين بالله تعالى وأن لا نيأس وأن نصبر حتى يأتى الفرج من الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم: "استعن بالله ولا تعجز" استعن بالله على الأمراض، استعن بالله على الفقر، استعن بالله على الظلم، استعن بالله فى الصبر على الطاعات، استعن بالله تعالى ولا تعجز، لا تترك الشيطان يعجّزك، لا تتركه يلقى في قلبك اليأس، لا تقل لا أستطيع، أنت قوى بالله تعالى، والشيطان ضعيف، قال الله عز وجل: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}