على الزوجين البوح ومناقشة المشكلات مع أنفسهما

حول العالم
طبوغرافي

تقول علياء أحمد: ''إن عظمة هذا الشهر الكريم وفضله الواسع تطال كافة نواحي حياتنا الاجتماعية. هذه حقيقة لا يمكن تجاهلها إطلاقا، فكل منا له همومه ومشاكله التي تحول بيته أحياناً إلى جحيم لا يطاق، فيفكر لحظتها بالانفصال. ولكن ما أن نستظل بظلال هذا الشهر الكريم حتى نصحح مفاهيم عدة في سلوكنا من خلال الحوار الهادئ ومناقشة الأمور العالقة بكل تأنٍ وروية''.

مفعول سحري
وتذهب مريم إلى أن لرمضان مفعولاً سحرياً عجيباً في نشر الهدوء والسكينة في الأسرة، تقول: ''في كثير من الأحيان تتسلل إلى نوافذنا بعض الصرخات والآهات التي تتعالى بين الزوجين، مما يدفعنا إلى التدخل لفض النزاع في محاولة لتهدئة الأوضاع وإعادة المياه إلى مجاريها، لكن سرعان ما يتعكر صفوهما ''وتعود ريما إلى عادتها القديمة''. هذه المشاحنات اليومية التي اعتدنا عليها نفتقدها في رمضان، حيث نجد أن السكينة والهدوء يعمّان البيوت ويعيش الزوجان في صفاء تام''

القناعة نفسها موجودة لدى أحلام سعيد التي تؤكد أن ''الأوضاع في رمضان تأخذ منحى آخر؛ فحرمة الشهر الكريم وروحانيته تفرضان علينا احترامه والوقوف عند حدوده، حيث نجد أنفسنا أكثر هدوءا وعقلانية عند أي موقف أو خلاف قد يشب بيننا كأزواج فلا ننجرف وراء عواطفنا ورغباتنا التي لا تنتهي''.

شهر التسامح وفض الخصام، هكذا يرى محمد الحاج شهر رمضان، وتزداد فيه العلاقة الأسرية تماسكا وترابطاً في ظل الجرعة الإيمانية والدينية التي تميزه. الشهر الفضيل يهيئ لنا جوا من الألفة والمودة، ويجعلنا أكثر قربا وإحساسا بالطرف الآخر، فلا وجود للمشاحنات إطلاقا. إنه مدرسة لتطهير النفس وتهذيب السلوك''.
كانت هذه آراء الناس، فماذا يقول أصحاب الاختصاص عن معدلات الطلاق في رمضان؟

لا طلاق
يوضح الاستشاري الأسري الأستاذ خليفة المحرزي: ''إن من بركات هذا الشهر الكريم وآثاره الإيجابية على الحياة الزوجية، أن نسبة الطلاق فيه تكاد تكون منعدمة. وبالرغم من أن مؤشر الطلاق في المجتمع في ازدياد مستمر خلال الأشهر الأخرى، إلا أن واقع سجلات تدوين حالات الزواج والطلاق خلال شهر رمضان من كل عام تؤكد لنا انعدام نسبة الطلاق فيه. ونادرا ما يأتي زوجان لطلب الطلاق في هذا الشهر، وحتى لو حدث هذا فإن المستشار الأسري يسعى بكل جهده للإصلاح والتوفيق بين الزوجين''.

ويضيف المحرزي: ''طوال فترة عملي، لم أحرر وثيقة طلاق خلال الشهر الفضيل، نظرا لأن الأزواج في هذا الشهر أكثر تقبلا للنصيحة، ولأن المفاهيم والقيم والتعاليم الدينية ما زالت هي التي تحكم وتسير تصرفات الناس وشؤون حياتهم. فالحالة الإيمانية التي يعيشها الصائم والناتجة عن تقربه إلى الله سبحانه وتعالى تنعكس على سلوكه وتصرفه، فيتحول رد فعله تجاه الانفعالات والمؤثرات والضغوط إلى رد عقلاني هادئ بعيد عن ''الانفلات''، أي أن أعصابه تصبح تحت السيطرة، وهذا يجعل حياته كلها بصفة عامة تسير في حركة متزنة غير مضطربة. هذه الهدنة السنوية تُعَد فرصة للأزواج لكي يفكروا ويجعلوا سلوكهم في رمضان سلوكا مستديما في السنة كلها، حتى تحل المشكلات ويزول سوء الفهم بينهم حفاظا على الأسرة والمجتمع كله.

نصائح خبير
ويشير المحرزي إلى أن تراكم مشاعر الغضب بين الزوجين وغياب البوح، يؤدي إلى تآكل الأحاسيس الطيبة ويقلل من رصيد الذكريات الزوجية الحلوة، ولهذا ينصحهما في كل وقت بالأمور التالية:
على الزوجين أن يرفعا شكواهما لبعضهما أولا بأول بكلمات واضحة وصوت مسموع ونبرة ودودة.
من المهم فتح حوار بين الطرفين حول احتياجات كل طرف من الآخر بلا حياء.

العناد هو أكثر الطرق فاعلية لإشاعة النكد في المنزل، واستمرار الزوجين في العناد معناه عدم النضج.
العلاقة الزوجية الصحية لا تقبل بدور ''الضحية''، فيجب ألا يكون أحد الأطراف دائم الإصرار على رأيه، وألا يكون الطرف الآخر دائما متنازلاً عن أفكاره.

أما في رمضان فيمكن للزوجين الاستفادة من الجو النفسي المريح فيه بعــدة أفكار عائلية، منها:
مراجعة أيامهما السابقة وتقويمها والاستفادة من إيجابيتها، ومناقشة سلبياتها.
أن يكون للزوجين جلسة إيمانية أو قيام ليل وتزويد العائلة ببرنامج روحاني إيماني كصلاة التراويح أو جلسة بعد العصر لتفسير القرآن.

التركيز على صلة الرحم وتقوية العلاقات الاجتماعية من خلال الزيارات المستمرة.
الاستفادة من اجتماع العائلة كلها على الإفطار ثلاثين مرة في الشهر مما يوفر للزوجين فرصة استثمار هذا الحدث لتقوية العلاقة فيما بينهم، وبين أبنائهم من خلال الحوار وتبادل الحديث.
رمضان فرصة مناسبة للتغير، فليحدد كل من الزوجين الأمور التي يود تغييرها في الطرف الآخر، ويفضل عدم تحديد أكثر من هدف واحد لإعطاء فرصة للتغير في الطرف الآخر.