الغذاء الوجدانى للطفل

أسرة وطفل
طبوغرافي

 

 

Toys-for-emotional-development

 

الغذاء الوجدانى للطفل

 

 بقلم / د. شاهين رسلان

 أستاذ الصحة النفسية

 

أطفالنا هم فلذات أكبادنا، وأغلى ما وهبنا الله عز وجل، نحاول جاهدين أن نقدم لهم أفضل رعاية وتربية سليمة؛ حتى يتحقق لهم عوامل التنشئة الأسرية الصالحة، عاقدين العزم والأمل على أن يكونوا بذرة طيبة، وأن يصبحوا ثمرة ناضجة، وثروة نافعة للحياة والبشرية، فأطفالنا أمانة فى عنقنا حمَّلنا الله تعالى مسئوليتها وليس أمامنا إلا أن نقوم بحقها فى الرعاية والعناية وحسن التربية، ونذكر هنا نوعًا من العناية لا يهتم به الكثير، وهو الغذاء الوجدانى وماله من أهمية للطفل لا تقل عن الطعام والشراب إن لم تكن أكثر أهمية، ففى ظروف الحياة المتشابكة والضغوط الحياتية المستمرة التى لا تعطى للآباء أو الأمهات فرصة التقاط الأنفاس، أو استعادة التوازن لديهم، نجد أولادنا مشتتين يخيم عليهم شبح الإهمال العاطفى، والجوع النفسى، والظمأ الوجدانى الذى قد ينعكس على سلوكياتهم وعلى نمو شخصياتهم فيما بعد.

وإذا دققنا النظر لوجدنا أن كثيرًا منا ينبذ طفله بطريقة أو بأخرى، ولا يعطيه أية حقوق أو مطالب حياتية، وأيضا نجد بعض الأباء والأمهات بدافع الحب يمنع طفله أو يعزله من التواصل مع الأطفال الأخرين بدعوى الحرص عليه، وأحيانا نخوف أطفالنا ونفزعهم، فنولد لديهم إحساسًا قاسيًا بعدم الأمان، وهناك أيضا أمورًا أشد خطورة وقسوة مثل حرمان أطفالنا من كل المثيرات الاجتماعية اللازمة لنموه الإنساني، أو إكسابهم الخبرات الحياتية التى تسهل له التعامل مع البيئة المحيطة به.

ونجد أيضًا أن بعض الأسر قد تترك الحبل على الغارب، وتقدم طفلها إلى بيئات غير سوية، تقوده بسهولة إلى الانحرافات السلوكية، وأحيانا يكون الحرمان العاطفى نتيجة الإهمال من قبل الوالدين وانشغالهم بالنزاعات الأسرية، ومشاهدة الطفل لهذا الصراع بين الأم والأب، ومعايشته والإحساس به؛ يؤدى إلى فقدان الحب والحنان، والدفء الأسرى، ومن ثم تفكك الأسرة وتشرد أطفالها؛ علينا أن نحاول إبعاد أطفالنا عن ويلات وشرور هذه الخلافات؛ حتى لايضطربوا نفسيًّا، و ينتابهم الخوف والقلق، أو إصابتهم بالأمراض الاجتماعية، مثل: السرقة والكذب، وإدمان المخدرات.....إلخ وهو ما يؤدى بهؤلاء الأطفال إلى الدخول فى منحدر ضيق وطريق مسدود.

إن الغذاء الوجدانى للطفل هو الذى يجعله ينمو جسديًّا ونفسيًّا، واجتماعيًّا نموًا سليمًا، ويحقق له التوافق النفسى والاجتماعى داخل البيئة التى يعيش فيها بعيدًا عن السلبيات التى تجعله لا يشعر بالأمان؛ وتؤدى به إلى الأمراض النفسية، والتى من أهمها الاكتئاب مما جعل بعض العلماء يطلقون على الأطفال المحرومين عاطفيًّا لقب "الأقزام نفسيًّا".

إن الطفل عجينة تتشكل حسبما تشكلها البيئة المحيطة فعلينا أن نتعلم ألا نرفض أطفالنا أو نرعبهم أو نحرمهم وألا ندللهم، ولكن خير الأمور الوسط ؛ حتى يكون هناك توازن فى رعايتهم؛ تؤدى بهم إلى الصحة النفسية التى تحقق لهم النمو النفسى السوى السليم، والذى يساعدهم على بناء شخصياتهم وتقويم سلوكهم داخل المجتمع... علينا أن نجتمع سويًّا فى الأسرة ونخرج سويًّا، وأن نتحاب ونختلف فى الرأى لا فى المبدأ، فهذا أساس الأسرة السوية والبذرة التى تغذينا كلنا أطفالا وكبارًا بالغذاء الروحى والوجداني.