أقوال وأفعال لإصلاح البيوت

أسرة وطفل
طبوغرافي

فضيلة الأستاذ الدكتور/ أحمد عبده عوض- الداعية والمفكر الإسلامي

أمر الله تعالى عباده بأن يذكروه ويشكروه، ويكثروا من ذلك على ما أنعم به عليهم، وجعل تعالى ذلك دون حد لسهولته على العبد، ولعظم الأجر فيه قال ابن عباس: لم يعذر أحد في ترك ذكر الله إلا من غلب على عقله.

هناك العديد من الأعمال التي علمنا إياها النبي صلى الله عليه وسلم، تصلح البيوت وتنورها وتجعل فيها الخير والبركة وتبعد عنها الشياطين، ومن هذه الأعمال التي تملأ البيوت نورًا وسعادة وتحفظها من كيد الشيطان وتجعلها حصن أمان على أهلها قراءة سورة البقرة :
فقد ثبت فى الحديث الصحيح أن البيت الذى تقرأ فيه لا يدخله شيطان، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الفضل العظيم لسورة البقرة كاملة، ولبعض آياتها العظيمة مثل ((آية الكرسي)) وآخر آيتين منها، ومما ذكره صلى الله عليه وسلم في فضلها أن الشياطين تفر من البيت الذي تُقرأ فيه هذه السورة ، وأنها نافعة في الوقاية من السحر وفي علاجه .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفِر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة)) [رواه مسلم 780 ].
قال النووي – رحمه الله : هكذا ضبطه الجمهور ((ينفِر)) ورواه بعض رواة مسلم ((يفرُّ)) وكلاهما صحيح [شرح مسلم: 6/69].
وعن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البَطَلة)) [رواه مسلم : 804 ] ومعنى البَطَلة : السحرة .
ولا يشترط قراءتها بصوت مرتفع، بل يكفي أن تُقرأ وتتلى في البيت، ولو مع خفض الصوت، كما لا يشترط أن تُقرأ دفعة واحدة، بل يمكن أن تُقرأ على مراحل، ولا يشترط أن يكون القارئ واحدًا من أهل البيت، بل لو وزعت بينهم لجاز، وإن كان الأفضل في كل ذلك أن تُقرأ دفعة واحدة ومن شخص واحد.
ويحكي لنا المنذري رحمه الله عن بعض الصالحين أنه وجد أذى من الجن في بيته، فأوصاه العلماء بتلاوة سورة البقرة، فلما قرأها ذهبوا بإذنه سبحانه وتعالى [من كتاب الترغيب والترهيب].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان يفر من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة)) [رواه مسلم والنسائي والترمذي].
وعن معقل بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((البقرة سنام القرآن وذروته نزل مع كل آية منها ثمانون ملكا، واستخرجت : الله لا إله إلا هو الحي القيوم من تحت العرش، فوصلت بها، أو فوصلت بسور البقرة ويس قلب القرآن لا يقرؤها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر له)) [رواه أحمد عن رجل عن معقل].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثًا ، وهم ذوو عدد، فاستقرأهم، فاستقرأ كل رجل منهم- يعني: ما معه من القرآن-فأتى على رجل من أحدثهم سنًا فقال: ما معك يا فلان؟ قال : معي كذا وكذا وسورة البقرة، قال : نعم قال : اذهب فأنت أميرهم، فقال رجل من أشرافهم، والله ما منعني أن أتعلم سورة البقرة إلا خشية أن لا أقوم بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تعلموا القرآن، واقرؤوه فإن مثل القرآن لمن تعلمه فقرأه، وقام به كمثل جراب محشو مسكًا يفوح ريحه في كل مكان، ومثل من تعلمه فيرقد، وهو في جوفه كمثل جراب أوكي على مسكنه.
ومن الأعمال التي تصلح بها البيوت الإكثار من صلاة النافلة:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيبا من صلاته فإن الله تعالى جاعل في بيته من صلاته خيرا)) [رواه أحمد ومسلم وابن ماجه وابن حبان والبيهقي].
وعن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((صلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)) [متفق عليه ورواه أحمد وابن حبان وابن خزيمة والدارمي وغيرهم].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تطوع الرجل في بيته يزيد على تطوعه عند الناس كفضل صلاة الرجل في جماعة على صلاته وحده)). [صحيح رواه ابن أبي شيبة عن رجل من الصحابة لم يسم].
ومن الأعمال التي تصلح بها البيوت الإكثار من ذكر الله تعالى عموما وخصوصا أذكار الصباح والمساء ودخول المنزل والخروج منه:
لقد أمر الله تعالى عباده بأن يذكروه ويشكروه، ويكثروا من ذلك على ما أنعم به عليهم، وجعل تعالى ذلك دون حد لسهولته على العبد، ولعظم الأجر فيه قال ابن عباس: لم يعذر أحد في ترك ذكر الله إلا من غلب على عقله.
وروى أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( أكثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنون)).
وقيل: الذكر الكثير ما جرى على الإخلاص من القلب، والقليل ما يقع على حكم النفاق كالذكر باللسان.‏
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {اذكروا الله ذكرا كثيرا} يقول: لا يفرض على عبادة فريضة إلا جعل لها حدًّا معلومًا، ثم عذر أهلها في حال عذر غير الذكر، فإن الله تعالى لم يجعل له حدًّا ينتهي إليه، ولم يعذر أحدا في تركه إلا مغلوبا على عقله فقال: اذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم، بالليل والنهار، في البر والبحر، في السفر والحضر، في الغنى والفقر، والصحة والسقم، والسر والعلانية، وعلى كل حال، وسبحوه بكرة وأصيلا، فإذا فعلتم ذلك صلى عليكم وهو وملائكته، قال الله تعالى {هو الذي يصلي عليكم وملائكته}
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله {اذكروا الله ذكرا كثيرا} قال: باللسان، بالتسبيح، والتكبير، والتهليل، والتحميد، واذكروه على كل حال {وسبحوه بكرة وأصيلا} .
وأخرج أحمد والترمذي والبيهقي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل : ((أي العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة؟ قال: الذاكرون الله كثيرا قلت يا رسول الله: ومن الغازي في سبيل الله؟ قال: لو ضرب بسيفه في الكفار والمشركين حتى ينكسر ويختضب دما لكان الذاكرون الله أفضل منه درجة)).
تقول إحدى النساء الصالحات: كنت أعاني من مشكلة كبيرة جدا، وكرست حياتي وصار وقتي أغلبه للدعاء والاستغفار، وكنت أقوم الليل وأدعو الله تعالى من قلب ودموع وبعد صلاة الفجر أجلس حتى تطلع الشمس، واستغفر ولا تفوتني السنن الرواتب والدعاء بكل سجدة والتسنن بين الأذان والإقامة، وأدعو وكانت المشكلة تزداد كل فترة شدة وتعقد بداخلي يقين بالله وذكره أن الله سيفرج كربي ويذهب همي ويجعل لي من أمري يسرا ومخرجًا .
وما خيب الله ظني فقد جعل الله لي من ذكره فرجًا، وجعل في قلبي طمأنينية وسكينة، وأذهب الله كل ما بي من معاناة وآلام بفضل ذكره ومحبته سبحانه وتعالى، فهو أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين وخير ملجأ وخير ملاذ في الدنيا والآخرة.