هل يلجأ الكبار لزواج “الونس”؟

أسرة وطفل
طبوغرافي

زواج الكبار من صغار السن

عندما يمر الزمن ويتزوج كل الأبناء ويموت أحد الزوجين يعيش الطرف الثانى وحيدًا، وهذه الوحدة تصيب البعض منهم بالاكتئاب وتزيد من أمراض الشيخوخة وتعجل بالوفاة ولذلك لجأ بعض المسنين لطرق جديدة للتخلص من هذه الوحدة بعيدًا عن دور المسنين كزواج الونس..

فيبحث عن زوجة قريبة من عمره وتعانى من ظروفه نفسها ليكملا ما تبقى من حياتهما سويًا ليؤنسا وحدة بعضهما البعض، فيما تتجه فئة أخرى إلى الاستعانة بجلساء لخدمتهم ورعايتهم ثم يأتى مشروع الأسرة المضيفة والذى لم يحقق الهدف منه ولم يلق قبولاً لدى المسنين.

الوحدة القاتلة

* الحاجة سعاد بكرى البالغة من العمر 67 عاماً تقول: توفى زوجى منذ سبع سنوات وتركنى وحدى فى هذه الحياة حيث لم يرزقنى الله بأبناء يعينونى فى كبرى، وسنين ضعفى وأعانى من مرض السكر وضغط الدم، وأصبت بالجلطة مؤخرًا، وأقضى معظم يومى فى النوم.. فليس لدى ما أفعله وقلبى يحترق من الوحدة والمرض والحزن.. فأنا أعيش بين أربعة جدران وما من أحد يطرق بابى ولا يأتى أحد لزيارتى مطلقًا سواء أكانوا أقارب أم أشقاء من لحمى ودمى فليس لى إلا ثلاثة أخوة وجميعهم بطبيعة الحال مشغولون بحياتهم.

* أما الحاجة نوال جاد البالغة من العمر 74 عامًا فتقول: عندى خمس بنات وولدان وجميعهم تزوجوا وتركونى وحيدة، وكل منهم مشغول بعمله صباحًا وبزوجته وأبنائه فى المساء، ولم يبق لى منهم سوى مكالمة المحمول الذى اشتراه لى أحدهم حتى لا أشكو الجفاء مرة ثانية، ومنذ أربعة أشهر توفى ابنى ورغم حزنى الشديد عليه وبقاء أحفادى فى حضنى بعد أن تخلت عنهم أمهم أعدت إلى الحياة من جديد.

* أما م.ع 68 عامًا فتقول: مات زوجى من أكثر من ثلاثين عامًا، وكنت شابة ولدي أربعة أبناء، ورفضت عروض الزواج فى ذلك الوقت، واتخذت قرارًا بأن أفنى عمرى لتربية وتعليم أبنائى وبالفعل أديت رسالتى، وأنا الآن أعيش وحيدة أنتظر زيارات أبنائى من آن لآخر لأحتضن أحفادى الذين أعشقهم وعلى الرغم من أننى أعانى الوحدة التى تؤرقنى وتعذبنى لكننى أرفض فكرة الزواج فى هذه السن.

* عبدالقادر “70 سنة”روى قصته قائلاً: ماتت زوجتى منذ عشرين عامًا ولى ثلاثة أبناء تزوجوا، أحدهم سافر والآخر يعمل فى محافظة أخرى، والبنت تسأل عنى كل فترة بالهاتف، وقليلاً ما تأتى لزيارتى لانشغالها بأبنائها، وأنا مريض بالقلب وأعانى من الوحدة الشديدة، وتمر على الأيام ثقيلة موحشة مما جعلنى أتمنى الموت كل يوم إلى أن اقترح على ابنى الذى يعيش فى الخارج فكرة الزواج من امرأة تقترب من عمرى ووحيدة مثلى، وفى البداية رفضت الفكرة خوفًا من نظرة المجتمع والجيران والأصدقاء، ولكن عندما ألح ابنى وكانت لديه الزوجة والدة أحد أصدقائه التى تعيش أيضًا وحيدة وتصغرنى فى العمر بخمس سنوات فقط، وابنها يخاف عليها من الوحدة لأنه يعيش أيضًا فى الخارج وهى ترفض السفر للعيش معه.. وبدأت أقتنع وفى إحدى إجازات ابنى رتب لنا مقابلة وتم الزواج وبالفعل شعرت أن حياتى استقرت فوجدت من يشاركنى الحياة.

* وتضيف الحاجة نادية علي: أنا أعيش مع زوجى وأتمنى أن نموت معًا فى اليوم نفسه حتى لا أتركه وحيدًا، ولا نستخدم حقًا كفله الله لنا عز وجل وهو الزواج ولى بالفعل صديقة عرض عليها صديق زوجها القديم الزواج، وكانت ترفض فى البداية ولكنني أنا وزوجى أقنعناها هى وابنتها الوحيدة.. وهى الآن تعيش سعادة من نوع خاص لا يشعر بها إلا كبار السن الذين عانوا من وحدة الكبر والعجز.

قرروا التغلب على الوحدة القاتلة فى مجتمعات لا ترحم