كان الصحابيات رضى الله عنهن أشد النساء ورعًا وعفافًا وحرصًا على طاعة ربهن والقيام بحقوق أزواجهن، ومن أمثلة ذلك ما جاء فى وصف أم المؤمنين حفصة - رضى الله عنها - أنها كانت صوّامة قوَّامة، وهما لفظان يدلان على المبالغة، بمعنى أنها كانت كثيرة الصيام كثيرة القيام.
ومما يُذْكَرُ أن زينب الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود رضى الله عنهما كانت صناعا تبيع من صناعتها، فقالت لعبد الله: والله إنك شغلتنى أنت وولدك عن الصدقة فى سبيل الله (أى لأنها تعطيهم ما تكتسبه لا تنفق)، فسل النبى صلى الله عليه وسلم فإن كان لى فى ذلك أجر وإلا تصدقت فى سبيل الله، فقال ابن مسعود: وما أحب أن تفعلى إن لم يكن لك فى ذلك أجر، فسألت النبى صلى الله عليه وسلم، فقال: (أنفقى عليهم فإن لكِ أجر ما أنفقت عليهم) [حلية الأولياء].
ومما يلفت نظرنا هذا التنافس بينهن على الإنفاق فى سبيل الله تعالى، فقد ورد أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لنسائه:- ((أولكن يتبعنى أطولكن يدا، قالت السيدة عائشة رضى الله عنها:- فكنا إذا اجتمعنا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم نمد أيدينا فى الحائط نتطاول، فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش، وكانت امرأة قصيرة ولم تكن أطولنا يدا، فعرفت أن النبى صلى الله عليه وسلم إنما أراد بطول اليد الصدقة، وكانت زينب امرأة صناع اليدين، فكانت تدبغ وتخرز وتتصدق به فى سبيل الله)) [صفة الصفوة].
وكثيرة هى الروايات التى تدل على سباق الصحابيات للخيرات فعن عائشة أم المؤمنين - رضى الله عنها - قالت:
كان التنافس بين الصحابيات على الإنفاق فى سبيل الله..
والسيدة زينب بنت جحش كانت تدبغ وتخرز وتتصدق
((كنت أدخل بيتى الذى دفن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى فأضع ثوبى فأقول: إنما هو زوجى وأبي، فلما دفن عمر معهم، فو الله ما دخلت إلا وأنا مشدودة علىَّ ثيابى حياء من عمر)) [مسند أحمد].
وعن أم المؤمنين عائشة - رضى الله عنها – ((أن نساء المؤمنات كن يصلين الصبح مع النبى صلى الله عليه وسلم ثم يرجعن متلفعات بمروطهن لا يعرفهن أحد)) [مسلم].
وعن أم سلمى - رضى الله عنها - قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلَم قام النساء حين يقضى تسليمه، وهو يمكث فى مقامه يسيرًا قبل أن يقوم، قالت أم سلمة: نرى - والله أعلم - أنه ذلك كان لكى ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال)) [البخاري].
وعن أنس - رضى الله عنه - قال: ((دخل النبى صلى الله عليه وسلم فإذا حبل ممدود بين الساريتين، فقال: ما هذا الحبل؟ قالوا هذا حبل لزينب، فإذا فترت (أى تعبت فى صلاتها) تعلقت (أى به) فقال النبى صلى الله عليه وسلم لا، حلوه، ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد)) [البخاري].
وعن تطويلهن فى الصلاة، وتدبرهن للقرآن الكريم؛ ورد عن القاسم أنه قال: ((كنت إذا غدوت بدأت ببيت عائشة أسلم عليها، فغدوت يوما فإذا هى قائمة تسبح وتقرأ: (فَمَن الله عَلَينا وَوَقَانَا عَذَابَ السموم) [الطور: 27] وتدعو وتبكى وترددها، فقمت حتى مللت القيام، فذهبت إلى السوق لحاجتي، ثم رجعت فإذا هى قائمة كما هي، تصلى وتبكي)) [صفة الصفوة].
رضى الله عن هذا الجيل الطاهر الذى يعد قدوة مضيئة للصالحات فى كل زمان ومكان.
ورع الصحابيات وحرصهن على الطاعة
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة