لا تنبش فى ماضى زوجتك لأنه يورث الشك

أسرة وطفل
طبوغرافي

كثير من المشاكل الزوجية تشتعل إذا ما قرر الزوج النبش فى ماضى زوجته، وحتى إذا لم يكن فى هذا الماضى ما يسيء، فإن مجرد البحث فيه يفتح بابًا أمام الشك والغيرة، ويؤدى إلى عواقب غير محمودة، لكن

هل ما يفعله الزوج هنا جائز شرعًا؟ وهل يمنحه الشرع الحق فى التفتيش عن كل ما كانت تفعله زوجته قبل ارتباطهما؟

فى البداية تشير الدكتورة آمنة نصير، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية بالإسكندرية جامعة الأزهر، إلى أنه لا يجوز للزوج محاسبة زوجته على ماضيها أو سؤالها عنه، لأنها لم تكن قد ارتبطت به بعد، ولهذا فإن محاسبة كل من الزوجين لشريك حياته على ماضيه نوع من الظلم من الناحية الشرعية، وقد نهى الإسلام عن الظلم، وقد جاء فى الحديث القدسى أن الله حرم الظلم على نفس وحرمه بين عباده فجاء فى نصه: «يا عبادى إنى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا، يا عبادي، كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدونى أهدكم».

وترى أن النبش فى الماضى يؤدى إلى إفساد الحاضر وتدمير المستقبل، لأنه من المفترض أن كلًا من الزوجين سأل عن الآخر وتعرف عليه خلال فترة الخطوبة، ولسنا جميعًا ملائكة، بل كلنا أخطاء، وهذا ما أكده النبى صلى الله عليه وسلم: «كل بنى آدم خطاء وخير الخطائين التوابون».

أوضحت الدكتورة عبلة الكحلاوي، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر، أن الستر مبدأ إسلامى أصيل، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله حيى ستير، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر»، وقد عرف الفقهاء «الستير» الذى يستر على عباده كثيرًا من القبائح والفضائح ولا يفضحهم فى المشاهد، ويحب الستر من عباده على أنفسهم، ويكره المجاهرة بالمعصية والمفاخرة بالفاحشة.

وأوضحت أنه انطلاقا من مبدأ الستر وعدم المجاهرة بالذنب وطالما أن صاحب أو صاحبة الماضى قد تاب إلى الله وصلح عمله.

لا يجوز شرعًا محاسبتها على الماضى الذى ستره الله وتاب الإنسان منه

ولا يجوز شرعًا محاسبته أو محاسبتها على الماضى الذى ستره الله وتاب الإنسان منه.

وأشارت إلى أن النبش فى الماضى والتفتيش عنه مرض يورث الشك الذى قد يؤدى إلى الطلاق بل والقتل، ولهذا عمل الإسلام على علاج هذه المشكلة بدعوة الرجل إلى اختيار صاحبة الدين والأخلاق، فقال النبى صلى الله عليه وسلم :«تنكح المرأة لأربع، لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك». وعلى الجانب الآخر أمر المرأة وأهلها أن يكون اختيارهم للرجل شريك حياة المستقبل على أساس الدين والأخلاق أيضًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد عريض».

تؤكد الدكتور عزة كريم، أستاذة علم الاجتماع فى المركز القومى للبحوث، من أنه لا يوجد بشر على وجه الأرض فى أى مجتمع بلا ماضٍ أو أخطاء، وإذا قمنا بحساب كل إنسان إلى ماضيه الذى تاب منه فإننا سنفتح أبواب جهنم على كل الأسر أو غالبيتها، لأنه إذا دخل الشك من الباب خرج الحب من الشباك كما يقولون، وكلنا أصحاب ذنوب لكن الله سترنا وعلينا ألا نسعى لفضح الآخرين.

وأوضحت أنه من الأفضل طى صفحات الماضي، لتبدأ الحياة الزوجية منذ يوم عقد القران، لأن كلًا منهما يكون شريكًا فى الحياة وتكون الزوجة فى عصمة زوجها، أما قبل ذلك فينبغى البعد عنه وعدم التفكير فيه، لأنه لن يأتى بخير والجدل حوله سيزيد المشكلات الزوجية.

عن رؤية علم النفس للقضية يقول الدكتور سيد صبحي، أستاذ الصحة النفسية فى جامعة عين شمس: «لا شك أن نفسية الزوجين الشرقيين يغلب عليها الغيرة، التى قد تكون محمودة إذا كانت معتدلة، أما إذا دخلنا فى دوامة البحث عن الماضى فإن هذه الغيرة ستتحول إلى غيرة مذمومة، ستقضى على الاستقرار الأسري، إن لم يصل الأمر إلى الطلاق والفضائح للأسرة والأولاد.