تشكل الأخت الكبرى حالة من المشاعر الإنسانية داخل بيت العائلة، فهي الأنثى التي تلعب أصعب الأدوار في حياة أسرتها، وأحياناً تصبح الأم البديلة لإخوتها الصغار، تنصت لهم، وتحتويهم، وتمد يد العون لمساعدتهم، وبسبب مسؤوليات دورها في الرعاية بأسرتها، قد تغيب حياتها من أمام عينها من دون أن تشعر، وعلى الرغم من أنها قد تكون سعيدة بما حققته من نجاح في إدارة مملكة عائلتها، وصمودها أمام أعاصير كادت أن تعصف بهم كما يحدث في كثير من العوائل، إلا أنها قد تتمنى لو كان باستطاعتها إعادة الزمن قليلاً للوراء، لعلها تجد ذاتها.
«الأخت الكبرى.. أم ثانية» مقولة تتردد على مسامعنا كثيراً، وتتحول إلى حقيقة في كثير من الأحيان، هذا ما تشعر به سميرة راشد، فمنذ وفاة والدتها تولت مهمة الأم الثانية لأخوتها فتحملت أعباء المنزل، وفي مقابل ذلك تخلت عن بعض طموحاتها التعليمية، حتى تستطيع العناية بأخوتها وتولي مسؤولية الأسرة داخل البيت.
تقول «أنا الأخت الكبرى في البيت وبالفعل أحس أني الأم الثانية لإخوتي، أسمع منهم، وأحل مشاكلهم على قدر استطاعتي، وجميل أن أكون الأخت الكبرى فطلباتي وأوامري دائماً مجابة».
تؤكد منى أنه على الرغم من تنازلها عن مواصلة رحلتها التعليمية الجامعية بسبب توليها مسؤولية أخوتها فإنها تشعر بالسعادة لأنها وقفت بجانب والدتها المريضة، حيث أصبحت تتحمل مسؤوليات الأسرة بأكملها، مبينة أنها مسؤولة عن كل صغيرة وكبيرة، كما أنها الأقرب لإخوتها، كل أسرارهم تمر عليها، وتقول: «باختصار، الأخت الكبرى في نظري هي الأم الصغرى وهو شعور جميل أشعر به دائماً».
منيرة «خريجة جامعية»، تقول «دور الأخت الكبرى، مسؤولية مرهقة بالنسبة لي، وأي تقصير غير مقصود، يثقلني أكثر، والدي يسميني أمنا، لذا عليَّ دائماً أن أكون المتفهمة، المقدرة، القوية، وامرأة لا تخطئ». «وأمر بالعديد من المواقف، وأشعر بأنني أكبر من عمري الواقعي، فأنا اهتم برعاية إخوتي الصغار في غياب أمي، وأهتم بالمنزل، وقد أتعرض أحياناً لمواقف صعبه ومحرجة».
رئة الأسرة
فاطمة شقيقة منيرة، تقول «أختي الكبرى هي رئة الأسرة وقلبها الذي يضخ فيها الحياة، لقد تلمست دور أختي الإيجابي في حياتنا بشكل كبير، فقد ساهمت في نقل تجربتها العملية في الحياة لنا، هي بحق تعاملت معي بقلب الأم». وتقول: «بصراحة أنا شخصياً لا أستطيع الاستغناء عنها فهي بالنسبة لي صندوق أسراري، أستطيع كذلك التحدث معها في كل الأمور من دون خجل أو خوف بعكس والدتي التي يجب عليَّ أن أعمل ألف حساب قبل أن أتحدث إليها».بناء نفسي
حول تلك المسؤوليات والمشاعر التي تشعر بها الأخت الكبرى، تؤكد فائدة الكثيري - استشارية أن قيام الأخت الكبرى بدور فعال في الأسرة، يتطلب أن تكون قوية، سواء من ناحية البناء النفسي أو المادي، لتستطيع مد يد العون بشكل حقيقي، وتكون قادرة على التحدي واتخاذ القرار وتملك الحكمة حتى تتعامل مع أخوتها بمختلف الأعمار، فالتعامل مع الطفل يختلف عن المراهق وعن المريض
وتقول «حتى لو كانت منفصلة عن أسرتها الكبيرة ولها زوج وأولاد، يمكنها أن تتحمل مسؤوليتها تجاه إخوتها الصغار بحسن إدارتها للأمور وقدرتها على إقناع زوجها بضرورة قيامها بدورها ودعمها المادي والمعنوي لهم.وقيام الأخت الكبرى بدور الأم تجاه إخوتها يتطلب منها التمتع بسمات عديدة، أولها القدرة على التضحية، والإحساس بالآخر، الرحمة والعطاء، والقدرة على التواصل، فضلاً عن قوة الشخصية والمرونة.
الأخت الكبرى.. أم ثانية تعشق التضحية
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة