الطبيبة العاملة.. كيف تنجح في حياتها الأسرية؟

استشارات
طبوغرافي

 بقلم:

الأستاذة/ سمية رمضان عبدالفتاح

مستشار أسرى 

زوجتى طبيبة عامة، ويستحيل عليها تقريبًا الحصول على عمل حاليًا، وتريد أن تحضر امتحانات التخصص، وهى امتحانات عسيرة تحتاج إلى تحضير طويل يقارب العام.

حاولت كثيرًا الدراسة فى البيت، إلا أنها لم تستطع ذلك لرعايتها لابننا ذى العام والنصف، والذى هو كثير النشاط من ناحية، وكثير التعلق بوالدته (لا تذهب إلى مكان إلا وصاحبها فيه، وكلما جلست للدراسة جلس فوق الطاولة ويبدأ اللعب بالأوراق والأقلام).

الحلول لدينا هي: إما أن تترك المذاكرة والدراسة وتتفرغ لابننا، أو تتركه فى حضانة (وهى حسب رأينا قد تعلمه عادات بعيدة عن الدين)، أو تحضر معها شغالة فى البيت تعينها عليه (وقد يواصل فى هذه الحالة مضايقة أمه خلال دراستها)، أو تتركه فى بيت والدتى وهو حل مستبعد لأن والدتى لا تريد ذلك (ما زالت تعمل كمدرسة ابتدائى وهذا عامها الأخير قبل التقاعد، وهى لا تريد ذلك لأنه يتعبها، وقد يقيد من حريتها).

ماهو رأيكم؟ وهل لديك حلول أخرى؟

كما أريد الإشارة أنه فى حالة رسوبها، فهى ستحتاج عامًا إضافيًا للدراسة، وفى حالة نجاحها ستضطر للتغيب على الأقل كامل الصباح وربما أحيانا كامل اليوم، كما أنه سيتعذر عليها الحصول على راحة كافية إن وضعت مولودًا آخر..  عبد الله- من تونس

 

 استشارة الطبيبة العاملة

أخى الفاضل..

شعرت بمدى المعاناة التى تعانيها، وذلك لأن ابنك هو الطفل الأول والوحيد وعمره لم يتجاوز الفطام بعد وبالتالى فتعلقه بأمه وبالبيت وحزنه وخوفه من فراقهما أمر طبيعى جدًّا.

 

تطرقتَ فى رسالتك لمجموعة من البدائل والحلول، منها: أن تترك الأم دراستها وتتفرغ لتربية ابنكما–حفظه الله-، وهذا الحل استبعده، لأنه لم يتبقَّ لزوجتك سوى عام واحد، لتصبح طبيبة إن شاء الله، ونحن نحتاج إلى الطبيبة المسلمة، وهى أيضًا تحتاج إلى الاستقرار، ولن يتم لها هذا الاستقرار إلا بعد أن تنتهى من دراستها.

والحل الآخر الذى استبعدتَه، وهو أن تقوم والدتك بتربيته، استبعده أنا أيضًا، وذلك لأهمية ارتباط الطفل بأبويه بشكل مباشر، حتى لا تحدث فجوة بينكما وبينه، كما أن أسلوب التربية يختلف من جيل إلى جيل، ولهذا قال الإمام على بن أبى طالب: أدبوا أبناءكم غير أدبكم.

 

ويبقى حلان من الحلول المطروحة، وهما:

إما أن يذهب ابنكما إلى حضانة، أو أن تأتوا بمربية فى البيت لتشارك أمه فى رعايته وتربيته، وهنا أقول: مربية وليست شغالة، ويا حبذا لو كانت مؤهلة تربويًا كأن تكون خريجة رياض أطفال أو تربية، ففى هذه الحالة ستكون عونًا لكما فى تنشئة الطفل التنشئة السليمة، وسيكون لديها عوامل الجذب التى تستطيع أن تجعل الطفل يتعلق بها، وإذا كان الطفل الآن متعلقًا بأمه بهذه الدرجة، فهذا لأنها هى الشخص الوحيد الذى يراه ليل نهار، ولكن وجود المربية سيخفف من هذا الارتباط بالتدريج، وسيجعل الأم أكثر هدوءًا فى التعامل مع ابنكما، وهذا سيجعلها أكثر نجاحًا معه فى التوجية والتربية.

كما أنه يمكنكما الاستعانة بحضانة؛ على ألا تزيد مدة إقامة طفلكما فى الحضانة فى هذه السن عن أربع ساعات يوميًا، وعليكما مراعاة بعض الشروط عند اختياركما الحضانة، مثل: كفاءة الرعاية وتقديم الأنشطة المسلية الهادفة، وكذلك أن يكون المكان صحيًا تتوافر فيه النظافة، وكذلك التهوية الجيدة، وأن تدخله الشمس، وكذلك توافر الرعاية الصحية والطبية فى الحضانة، وكذلك أن يكون القائمون على الحضانة مؤهلين لاستيعاب الطفل؛ ليتحقق تآلف روحى ونفسى بين طفلك وبين المشرفين على الحضانة.

كما أنه على الأم اصطحاب طفلها عدة مرات متتالية إلى الحضانة، والبقاء معه لفترة، حتى تزيل الوحشة من نفسه، ويبدأ بالتدريج فى التأقلم مع جو الحضانة، وربما كان لوجود أطفال فى مثل سنه عامل تحفيز له، ليشاركوه فى اللعب والانطلاق، وهذا بالطبع سيقلل من نشاطه الزائد عند عودته للبيت.

 

وكما أن للحضانة بعض العيوب والتى ذكرتَها فى رسالتك، فإن لها بعض المزايا، ومنها:

1- تكمل وظيفة الأسرة فى التربية والتعليم.

2- تعوّد الطفل على التفاعل مع مجتمع أكبر مع أقرانه.

3- تهيئة الطفل للالتحاق بالمدرسة، وإكسابه بعض المهارات، وكذلك تدريبه على بعض العادات والسلوكيات ، مثل الصلاة والنظافة والنظام، وغيرها من الأمور.

4- تدرب الطفل على الاستقلالية وتحمل المسئولية تدريجيًا، ويتعود الطفل على إدارة أموره بنفسه، وهذا ما يسمى بالفطام الأسري.

6-تقويم بعض السلوكيات الخاطئة عند الأطفال مثل الكذب والفتنة وغيرها من السلوكيات والعادات غير المحببة.

وأخيرًا أخى الفاضل..

أدعو الله العظيم الكريم أن يجعل ابنكما قرة عين لكما، وأن ترزقا بره، وأن يوفق زوجتك فى دراستها، وذلك بفضل الله ثم بفضل مساندتك ومشاركتك لها، ودعمها ومساعدتها، وتحمل بعض تبعات البيت عنها، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم فى مهنة أهله.

ونحن فى انتظار رسالة منك تبشرنا فيها بحصول زوجتك على شهادتها، وتدعونا إلى حفل نجاحها إن شاء الله.