الأستاذة/ سمية رمضان
مستشار أسرى
أنا شاب عمري 35 سنة، متزوج ولي من زوجتي ولدين وبنت، وعمر أصغر بناتي شهر، مشكلتي أني أحب مهندسة زميلتي في العمل، وهي متزوجة ، وزوجها سافر إلى إحدى الدول العربية، هي تعلم أني أحبها جدا، وتستغل هذا الحب في طلب أشياء كثيرة مني، فهي تعلم أنني ضعيف جدا أمامها، كما أني أغير عليها جدا من زملائنا، فهي تعاملهم جميعا بأسلوب يجعلني أكاد أجن من شدة غيرتي عليها، أخبروني ماذا أفعل، فأنا لا أفكر في شيء في حياتي سوى في زميلتي تلك.. انتظر ردكم حتى أستريح.
*******************************************************************************
كانت هذه رسالة وصلتني على الخاص على حسابي على الفيسبوك، وتواصلت مع صاحبها، بالحوار والرد، ونصحته بأن يبحث عن نقاط إيجابية في حياته مع زوجته وأولاده، وبعد شهر من التواصل تحول هذا الزوج إلى شخص مختلف، فأحببت أن أنقل إليكم التجربة، بعد طلب من صاحب المشكلة، فقد قال لي: أود أن يتعلم الجميع من مشكلتي، وإليكم ردي عليه.
أخي الفاضل/ أهلا وسهلا بك ضيفا عزيزا على صفحة استشارات أسرية بجريدة الفتح اليوم.
ولنبدأ أخي من حيث انتهيت، حيث تقول: لا أفكر في شيء في حياتي سوى زميلتي تلك..
وهنا تكمن المشكلة، لقد صنعت لنفسك سرابا، وبدأت تمني نفسك بالارتواء، وأنت تعلم جيدا أن السراب لن يرويك أبدا، فهو من نسج خيالك وحدك، وتركت الماء الصافي ، فها هي زوجتك المخلصة لك، وأم أولادك لا تهتم بها ولا بأولادك، وهي أحق بوقتك وتفكيرك، فتركت أخي طريق الحلال الذي تؤجر عليه بالحسنات، وسلكت مسلكا آخر، تبحث فيه عن لذة عابرة يعقبها الألم والندم.
الحب الحقيقي أخي الفاضل هو الحب الحلال، هو حب الزوجة وحب الأبناء، الحب الذي يبني ولا يهدم، الحب الذي يسعد ولا يشقى.. لأنه حب أصله طاعة الله.
وهنا أود أن أحكي لكَ قصة عن أحد الصيادين ، فقد جلس الصياد على الشاطئ ينتظر بزوغ ضوء الفجر، فوجد كيسا بجانبه، ففتحه، فوجد بداخله حجارة، فأخذ يلقي بها في الماء واحدة تلو الأخرى، مستمتعا بصوت ارتطام الحجارة في الماء، وعند بزوغ أول ضوء للفجر كانت المفاجأة، فقد اكتشف أن الحجر الذي بيديه هو قطعة من (الماس)، فأخذها فرحا بها، ولكن بعد أن فقد كل القطع الباقية لعدم إحساسه بقيمة ما في يده، وربما كان الصياد سعيد الحظ لأنه لم يلقِ قطعة الماس الأخيرة في الماء.
أراك تتعجب من قصة الصياد، مع أني أراك تلقي بكيس الماس كله في الماء لتبحث عن الأصداف ؛ لأنك لا تشعر بقيمة ما في يديك.
أخي الفاضل، لديك زوجة مخلصة وأبناء وبنات، وبيت ووظيفة، وغيرك لا يملك كل هذه النعم، وبدلا من شكر النعم، قابلت هذه النعم بالجحود والنكران، بل وتمني نفسك بحب امرأة متزوجة، ليس لك الحق حتى في التفكير فيها، أو النظر إليها.
أخي الفاضل، سأطرح عليك سؤالاً، وأرجو أن تكون صريحا مع نفسك في الرد: هل تقبل أن تكون زوجتك على علاقة بزميلها في العمل؟!
طبعا.. لا.. فلمَ إذًا ترضى لغيرك ما لا ترضاه لنفسك؟!
أخي الفاضل! النفس لا تشبع ولا تقنع، وإن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، فابدأ بترويضها، وأغلق في وجهها كل باب للمعصية ، واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، ولتبدأ حياة جديدة تعوض فيها زوجتك تلك المشاعر التي تفتقدها، واجعل لك مع أبنائك لقاءً يوميًا، تتبادلون فيه الحديث والسمر ، وستكتشف أشياء جميلة في حياتك لم تكن تشعر بها من قبل.
وأنصحك بنقل عملك إلى مكتب آخر غير المكتب الذي فيه زميلتك تلك، وكذلك قطع كل كلام أو صلة أو تعامل يربطك أو يذكّرك بها، وإن استدعى الأمر نقلك إلى مكان آخر.
اجعل لنفسك هدفًا معينًا، وليكن، حفظ القرآن، دورات في لغة أجنبية، أو دورات كمبيوتر، أو غيرها حسب ظروفك.
حوّل هذا الهدف إلى خطة ، ثم إلى جدول أعمال يومي، وحاسب نفسك عن الإنجاز بالمكافأة والتشجيع، وهذا سيجعلك تشعر بالتميز في حياتك وفي عملك.
كان هذا جانبًا من الحوار الذى دار بيني وبين صاحب الاستشارة، والذي استغرق فترة زمنية ليست بالقصيرة.. وبعد ذلك راسلنى على الفيس بوك وسعدت بقوله: تغيرت حياتي كلية، وأشعر الآن بسعادة غير عادية، وأدعو لكم بكل خير لأنكم كنتم سببًا في هدايتي وتغيير مسار حياتي..
وأخيرًا أحمد الله أن كانت كلماتى مخلصة لوجه الله فأثمرت وآتت أكلها، وهذا من فضل الله علينا، وهذه هي المكافأة الحقيقية.. فاللهم تقبل.. آمين
أحب زميلتي المتزوجة بجنون!
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة