بقلم/
المستشارة الأسرية/ سمية رمضان عبد الفتاح
الزوجة الذكية مصدر الأمن للأسرة كلها.. وهي رمز التضحية والعطاء
السؤال
أنا زوجي يعمل ولكن عندما نطلب منه شيء لا يلبيه لنا، وإذا طلب منه الآخرون يفعل لهم كل شيء بدون تردد، أنا والله العظيم لا أملك ملابس ولا ذهبًا مثل النساء، وعندما أحضر حفلة أو وليمة أستعير من الجيران أو من زوجة أخي فستانًا ألبسه، ومع ذلك لا يهمني.. فقط أريد أن تنجح بناتي، ويهدي لي ربي ابني إلى الصراط المستقيم ويرزقه عملاً صالحًا ويطول ربي في عمره فهو ابني الوحيد، ولا أريد أن أدمّر حياتي وأشتت أولادي، فلهذا أتحمل كل شيء لأجل أولادي.. والآن أصبح فضيلة الدكتور أحمد عبده عوض وقناة الفتح هى شغلي الشاغل لأني بفضلها عرفت الصبر. أم سعيد من الجزائر
الرد
أختي الحبيبة، أهلاً ومرحبًا بكِ على صفحة استشارات أسرية بجريدة الفتح اليوم، وأرجو أن نكون عند حسن ظنك بنا إن شاء الله.
أختي الفاضلة.. عندما قرأت رسالتك شعرت بسعادة كبيرة، وأما مصدر هذه السعادة فهو أنتِ عزيزتي الزوجة والأم، فما أجمل أن نرى في هذه الأيام هذا النموذج الطيب! فمن كثرة المشكلات التي تأتيني يوميًا بسبب الخلافات الزوجية، والتي تتسرَّع المرأة فيها بطلب الطلاق من الزوج لأتفه الأسباب، ولهذا افتقدنا هذا النموذج من الزوجات التي تعشّش، فكانوا قديمًا يقولون في الأمثال المصرية: "الراجل يطفّش، والست تعشّش"، فدائما كانت الزوجة الذكية مصدر الأمن للأسرة ككل، وهي رمز التضحية والعطاء، والحمد لله جاءت رسالتك في الوقت المناسب؛ لأشعر أن الدنيا ما زال فيها الخير الكثير.
استوقفني في رسالتك عزيزتي عدة أمور، أهمها: أن زوجك ليس بالرجل البخيل، بدليل أنه يعطي الغير، فلماذا يبخل عليكم فقط؟! هذا يؤكد أن البخل ليس طبعًا أصيلاً فيه، ويمكن ببعض الصبر والحوار والتفاهم، أن تغيري من طباعه معكم إن شاء الله.
هناك فرق كبير بين الحرص والبخل حبيبتي، فربما كان زوجكِ لا ينفق إلا فيما هو ضروري، وهذا ليس ببخل، بل هو نوع من التدبير، وربما كان هذا بدافع تأمين مستقبل أولادك وبناتك، لتجهيز بناتك وتزويج ابنك في الغد القريب.. فإذا فهمنا الدوافع الحقيقية التى تجعله يفعل هذا فإنه يسهل حل المشكلة دون عناء أو تعب.
أما الشيء الآخر الذي استوقفني في رسالتك هو عدم ذكرك لعيوب أخرى في زوجك، وهذا يدل على أن به الكثير من المزايا التي تجعلكِ تتحملين بعض البخل منه، وكما ذكرتِ أنتِ الحل السحري نهاية رسالتك، إنه الصبر، فعليك بالصبر والصلاة وكثرة الدعاء، وكثرة الاستغفار، حتى ييسر الله عليكِ، سبحانه إنه الكريم الجواد.
عزيزتي الزوجة الصابرة المحتسبة، هل سمعتِ من قبل قصة المرأة والأسد، يقولون: جاءت امرأة قروية لأحد العلماء وهي تظنه ساحرًا، وطلبت منه أن يصنع لها سحرًا، يجعل زوجها يحبها ولا يرى من كل نساء الدنيا سواها.
فكر العالم قليلاً، ثم قال لها: إنك تطلبين شيئًا ليس سهلاً.. لقد طلبتِ شيئًا عظيمًا، فهل أنت مستعدة لتحمّل التكاليف؟! قالت: نعم.
قال لها: إن الأمر لا يتم إلا إذا أحضرتِ شعرة من رقبة الأسد. قالت: الأسد؟! قال: نعم
قالت: كيف أستطيع ذلك والأسد حيوان مفترس ولا أضمن أن يقتلني أليس هناك طريقة أسهل وأكثر أمنًا؟
قال لها: لا يمكن أن يتم لك ما تريدين من محبة الزوج إلا بهذا، وإذا فكرت ستجدين الطريقة المناسبة لتحقيق الهدف.
ذهبت المرأة وهي تفكر في كيفية الحصول على الشعرة المطلوبة، فاستشارت من تثق بحكمته فقيل لها أن الأسد لا يفترس إلا إذا جاع وعليها أن تشبعه حتى تأمن شره.
أخذت بالنصيحة وذهبت إلى الغابة القريبة منهم وبدأت ترمي للأسد قطع اللحم وتبتعد، واستمرت في إلقاء اللحم إلى أن ألِفت الأسد وألِفها مع الزمن، وفي كل مرة كانت تقترب منه قليلاً إلى أن جاء اليوم الذي تمدد الأسد بجانبها وهو لا يشك في محبتها له فوضعت يدها على رأسه وأخذت تمسح بها على شعره ورقبته بكل حنان، وبينما الأسد في هذا الاسترخاء لم يكن من الصعب أن تأخذ المرأة الشعرة بكل هدوء، وأسرعت للعالم الذي تظنه ساحرا لتعطيه إياها والفرحة تملأ نفسها بأنها الملاك الذي سيتربع على قلب زوجها إلى الأبد، فلما رأى العالم الشعرة سألها: ماذا فعلتِ حتى استطعت أن تحصلي على هذه الشعرة؟ فشرحتْ له خطة ترويض الأسد، والتي تلخصت في معرفة المدخل لقلب الأسد أولاً وهو البطن ثم الاستمرار والصبر على ذلك إلى أن يحين وقت قطف الثمرة، حينها قال لها العالم: يا أمة الله.. زوجك ليس أكثر شراسة من الأسد.. افعلي مع زوجك مثل ما فعلت مع الأسد تملكيه. تعرَّفي على المدخل لقلبه وأشبعي جوعته تأسريه وضعي الخطة لذلك واصبري.
حبيبتي.. لكل شخصية مفتاح، وبالتأكيد أنتِ أكثر من تعرفين مفاتيح زوجك، فحاولي أن تبحثي عن المفتاح الذي به تدخلين قلب زوجك وعقله، واعلمي أن الحب لن يقابل إلا بالحب، والعطاء لن يقابل إلا بالعطاء. {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}؟
من الجميل أن ننظر إلى نصف الكوب المملوء بالماء، ولا نمعن النظر في نصف الكوب الفارغ، فالنظرة الإيجابية للأشياء تعطينا مزيدًا من الثقة والسعادة والرضا، وهذا ما أعجبني جدًا في رسالتك، فبرغم ما تعانيه من بخل زوجك معكِ إلا أنكِ استشعرتِ نعمة ابنك الوحيد وبناتك، ومن الجميل أن تنميهم وتستثمريهم، فاستثمار الأبناء هو أفضل استثمار في الحياة، ولقد سمعت أحد المفكرين يقول: "صناعة الإنسان هي الصناعة الثقيلة".
عزيزتي الزوجة الصابرة، أولادكِ هم مستقبلك الحقيقي، فأحسني صناعتهم وتربيتهم، وكوني بارة بهم، وسيكونون– إن شاء الله- عونا لكِ في الدنيا والآخرة، فأنتِ تغرسين الآن، وغدًا تحصدين.
وعليك بكثرة الدعاء لهم ليل نهار، فالدعاء سلاح المؤمن، رزقنا الله وإياكِ بر الأبناء، وجعل لكِ من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقك من حيث لا تحتسبين.. ولا تنسينا أختي الحبيبة من دعوة صادقة بظهر الغيب.
زوجي البخيل.. كيف أروضه؟!
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة