إستشارات أسرية: دموع زوجة مغتربة نادمة لأنني تزوجت !

استشارات
طبوغرافي

الأستاذة/ سمية رمضان

مستشار أسرى

download

 

فى زحمة الحياة، تصادفنا المشكلات، فهناك من يقابلها بثقة وثبات، وهناك من يرتبك ويغرق فى بحارها؛ لذا خصصنا هذه السطور لنطرح الأفكار ونقدم الحلول التى تساعدنا فى تخطى تلك المشكلات، والعبور مع قرائنا الأعزاء إلى بر الأمان.

أنا امرأة متزوجة ومغتربة منذ سنة مع بداية زواجنا، وكان هناك الكثير من المشاكل، وكنت أبكي دائما لدرجة أن زوجي لم يعد يهتم؛ لذلك كانت مشاكلنا كثيرة ولأسباب سهلة جدا.. زوجي لا يخرج معي إلا في النادر، وقد تكون بعدد الأصابع ويخرج مع أصحابه ويتركني في المنزل، وأجلس دائمًا مع نفسي، وأشعر بالحسرة عليها كوني كنت طالبة مجتهدة ومن الأوائل، وأكملت دراستي.. والآن حالتي امرأة لا تخرج من المنزل، بعيدة عن أهلها، وأشتاق إليهم بكثرة، وكنت أعتقد أن زوجي سيكون لي الأب والأم والأهل بغربتي ولكن للأسف يقول لي أنتِ طفلة، ودائمًا ما يجرحني في كلامه، ولا أستطيع الرد عليه غير بالدموع التي تنهمر مني.. زوجي رجل متدين والحمد لله... لكنه جافي الطبع ويكون هو سبب أي خلافات بيننا ولا يصالحني، وأنا من أبادر بمصالحته، مما يشعرني بالندم على زواجي..

أختي الحبيبة.. أهلا ومرحبا بك في صفحة الاستشارات بجريدة الفتح اليوم، ونشكر لكِ –حبيبتي- ثقتك فينا، تعالى معا لنفكر في هدوء، وبعقلانية، وبحيادية وموضوعية، ولنبدأ من كلامك أنت.. تقولين حبيبتي: هناك الكثير من المشاكل، وكنت أبكي دائما، لدرجة أن زوجي لم يعد يهتم بي، مشاكلنا بأسباب سهلة جدا... حبيبتي ربما كانت المشكلة فيكِ أنتِ وليست في زوجك، نعم حبيبتي، فيبدو أن تجاهل زوجك لدموعك وبكائك لم يأت من فراغ، ولكنه نتيجة أنه أصبح أسلوبك اليومي في التعامل معه، فبدلا من أن تبادريه بالبسمة التي تهون عليه غربته، ومشاكله في الغربة، يأتي إلى البيت ليجد زوجة كثيرة الشكوى والبكاء، فتصبح عبئا عليه بدلا من أن تصبح عونا له، وهذا وحده كفيل بأن يجعل زوجك يهرب من هذا النكد، ومن هذه المشاكل إلى أصحابه، فهم بالطبع مرحون ويجعلون وقته معهم بدون مشاكل، فالزوجة الأنّانة (كثيرة الأنين والشكوى) – حبيبتي- مشكلة كبيرة. حبيبتي..

يعلم الله مدى حبي لكِ ، ولحرصي عليك حبيبتي فأنا أخلص لك في النصيحة، ولهذا سأكمل الرد على مشكلتك من كلامك أنتِ، فتعالي نكمل.. تقولين: زوجي لا يخرج معي إلا في النادر وقد تكون بعدد الأصابع وبالعكس يخرج مع أصحابه أنا أجلس في المنزل وعندما أتحدث معه تكون مشكلة. وهنا أسألك: هل المشكلة في خروجه مع أصحابه، فهل تغارين من أصحابه، واهتمامه بهم، أم المشكلة أنك تحتاجين للخروج معه، لو كانت المشكلة علاقته بأصحابه، فليس من حقك أن تحرميه من أصحابه، وبخاصة في بلاد الغربة، أما إذا كانت المشكلة في عدم خروجك معه، فهذه المشكلة يمكن حلها بالحوار معه، ولكن الحوار يجب أن يكون بذكاء، حتى تكسبي زوجك ولا تخسريه، فربما كانت المشكلة في طريقة مناقشتك له، فعليك بحسن العرض للمشكلة، وفتح مساحة للود بينك وين زوجك، حتى يسمعك، ويستجيب إن شاء الله.

تقولين حبيبتي: أجلس مرات مع نفسي وأشعر حسرة عليها كوني كنت طالبة مجتهدة ومن الأوائل وأكملت دراستي في مجال جدا جميل والآن حالتي امرأة قاعدة في المنزل. حبيبتي.. ربما كان هذا التفكير مدخلا من مداخل الشيطان لك، يريدك أن تسخطي على حياتك، وبدلا من أن تصبحي إيجابية وتستغلي كل لحظة تقضينها في البيت الاستغلال الأمثل، تجلسي لتبكي على اللبن المسكوب، وهذا وحده كفيل بأن يحول حياتك إلى جحيم، فتنبهي حبيبتي لمداخل الشيطان وأغلقيها في وجهه، وحولي هذه المحنة إذا اعتبرناها محنة إلى منحة، وذلك باستغلال وقت الفراغ في عمل مفيد مثل حفظ القرآن، أو حفظ اللؤلؤ والمرجان مثلا، أو قراءة بعض الكتب المفيدة، وكذلك في العبادة والتسبيح والشكر، أو في تنمية بعض المهارات والخبرات، مثل الكمبيوتر أو بعض المهارات اليدوية، أو دراسة لغة أجنبية، أو المشاركة الفعالة في بعض الأنشطة، أو غيرها من الأفكار التي تنفعك وتنفع المجتمع، فالوقت نعمة غالية، فالوقت هو الحياة، فعليك بحسن استغلاله واستثماره. لقد اخترتِ بإرادتك الكاملة أن تشاركي زوجك في غربته، وإن شاء الله سيكون هذا في ميزان حسناتك، وكنت وقتها تعلمين جيدا، أنك ستقعدين في البيت، ولم تعترضي، قلم الاعتراض والحسرة الآن؟!

حبيبتي.. تقولين: أنا بعيدة عن أهلي أشتاق لهم بكثرة رغم زواجي كنت أعتقد أن زوجي سيكون لي الأب والأم والأهل بغربتي ولكن للأسف. ربما كان شعورك بالغربة والشوق إلى أهلك هو ما جعلك لا تستشعرين أي لذة في حياتك، أما اعتقادك أن زوجك سيكون لك الأب والأم والأهل، فهذا يا حبيبتي لن يأتي من فراغ، ولكن بجهد ومثابرة، فاجعلي بيتك جنة يلجأ إليها زوجك ليستريح بعد عناء يوم طويل، ووقتها سيعود إليك وإلى جنتك بعد عناء وتعب، بل سيعد الدقائق والثواني حتى يعود إليك وإلى جنتك، لأنه سيجد السعادة والسكينة، وليس البكاء والنحيب. أما قوله لك أنك طفلة، فهذا نتيجة لما قلته لك في بداية طرح المشكلة، فأنتِ كالطفل الصغير، الذي كلما أراد شيئا أخذ يبكي ويصرخ حتى تستجيب أمه لرغبته، وهذه الطريقة لو كانت تصلح مع الأطفال، فهي لا تصلح معك، فأنت الزوجة سكن لزوجك، يجب أن تحتويه، وأن تكوني له الأم الحنون، والأهل جميعا، قبل أن تطلبي منه أن يكون لك الأب والأم والأهل، ووقتها ستجدين مدى تغير زوجك في المعاملة، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!

تقولين حيبتي: (زوجي رجل متدين والحمد لله لكنه جافي الطبع ويكون هو سبب الخلاف، ولا يصالحني وأنا من أأنهي الخلاف دائما وأصالحه) حبيبتي الزوج المتدين نعمة كبيرة، فلا تضيعي هذه النعمة، وحافظي على هذه النعمة الغالية، أما وصفك له بأنه جافي، فهذا الجفاء سيتحول إلى عطاء بحبك واهتمامك به. أما ما أحزنني في رسالتك، فهو شعورك أنك نادمة على الزواج منه، وهذا مدخل خطير جدا من مداخل الشيطان، فهو لا يريد لك السعادة والهناء، يريد لك أن تصبح حياتك جحيما، فاحذري حبيبتي من مكائد الشيطان وتنبهي، واجعلي تفكيرك في بيتك وزوجك، فهذه الوحدة إن شاء الله ستنتهي عندما ينعم الله عليك بطفل جميل يملأ عليكما الدنيا سعادة وهناء، ويكون قرة عين لك ولأبيه، ووقتها ستحتاجين لكل دقيقة، ولن تستشعري الفراغ الذي تشعرين به الآن، رزقك الله الذرية الصالحة، ورزقك بره، وأرجو أن تتابعينا بأخبارك، وأرجو ألا تنسينا من فضل دعائك.