الأستاذة/ سمية رمضان
مستشار أسرى
فى زحمة الحياة، تصادفنا المشكلات، فهناك من يقابلها بثقة وثبات، وهناك من يرتبك ويغرق فى بحارها؛ لذا خصصنا هذه السطور لنطرح الأفكار ونقدم الحلول التى تساعدنا فى تخطى تلك المشكلات، والعبور مع قرائنا الأعزاء إلى بر الأمان.
أنا شاب فى السابعة والعشرين من عمري، أحببت زميلتى فى الجامعة، واتفقنا على أن أتقدم لها بعد التخرج، واستمرت علاقتى بها ثلاث سنوات كاملة، وهى ظلت ترفض كل من يتقدم لها، وتختلق الحجج لأهلها؛ حتى تخرجت والتحقت بعمل، وبدأت فى تكوين نفسى والحمد لله، ولكن المفاجأة عندما فاتحت والدتى فى رغبتى بالارتباط بها، فقد رفضت والدتى رافضا باتا، ورشحت لى ابنة خالتي، وبعد إصرار مني، وافقت أمى على مضض، وتمت خطبتى لهذه الفتاة، ولكن للأسف، بدأت أمى تختلق المشاكل مع خطيبتى لأتفه الأسباب، وتتعمد إهانتها، وفى البداية حاولت الفتاة أن تتحمل من أجلي، ولكن بعد فترة نفد صبرها، وحكت لأهلها بعض المواقف، فقرروا فسخ الخطبة، ومن يومها وأنا أشعر بمرارة وألم، ولا أستطيع أن أعيش حياتى بشكل طبيعي، وأمى تقنعنى ليل نهار بالارتباط بابنة خالتي، التى أعتبرها فى منزلة أختى الصغيرة، والتى لا تتناسب معى فكريا ولا أخلاقيا ولا تعليميا، فهى سطحية جدا، ولا تفكر إلا فى اللبس على الموضة، وأحدث صيحات الموبايلات، كما أنها حاصلة على معهد سنتين، فى حين أنى خريج كلية هندسة، ولى أحلام وطموحات فى حياتي، فخطيبتى الأولى لم تكن شريكا لى فى حبى ومشاعري، بل كانت شريكا أيضا فى أحلامى وطموحاتي، كانت تفهمنى دون أن أتكلم.
أشعر بحيرة شديدة، فأنا أحب أمى جدا، وبارا بها لأقصى درجة، وفى نفس الوقت لا أستطيع أن أبعد عن تلك الفتاة، فهى ضحت من أجلى كثيرا، ورفضت الكثير من الخاطبين من أجلي.
عندما تحدثت مع والدي، نصحنى بالعودة إلى خطيبتي، ووعدنى بأن يتدخل لإصلاح العلاقة بيننا، ولكنى أخشى أن أغضب أمي، ولا أكون بارا بها.. لا أدرى لماذا تقف أمى فى طريق سعادتي؟!.. ماذا أفعل؟!
أخى الفاضل
أهلا ومرحبا بك على صفحة استشارات أسرية بجريدة الفتح اليوم، ونشكر لك ثقتك فينا، ونسأل الله أن نكون جديرين بهذه الثقة.
الزواج أخى الفاضل حياة دائمة أصلها التفاهم والتعاون، الزواج عبارة عن شراكة، ولكنها شراكة دائمة، وليس تجربة عابرة، فاختيار الزوجة هو اختيار شريكة الحياة، ولهذا فيجب أن يكون أساس الاختيار سليما.
ولهذا أنصحك بأن تخرج من كل الضغوط التى حولك، وأن تحضر ورقة وقلما، وتكتب فى نصف الصفحة الأيمن الصفات التى ترغبها فى شريكة حياتك، وفى النصف الآخر صفاتها الموجودة بالفعل، وبعدها قرر بعقلانية إمكانية الارتباط من عدمه.. إذا وجدت أنك ما زلت متمسكا بزميلتك الجامعية، وأنك تفكر بقلبك وعقلك معًا، فاذهب إلى والدتك وتكلم معها بكل صراحة..
أخبرها أن اختيارك للفتاة نابع عن تفكير عميق واقتناع، واذكر لها مزايا خطيبتك، والتى تتمسك بها بشدة، وأخبرها أنك حريص على برها ورضاها، ولن تقدم على تلك الخطوة إلا بمباركتها، وأخبرها أيضا أنه فى حالة عدم موافقتها، فلن ترتبط ايضا بابنة خالتك؛ لأنها لا تتناسب معك.. حاول أن تتحدث معها بهدوء؛ لتعرف سر رفضها لتلك الفتاة، فربما كان لديها من الأسباب ما يجعلها ترفض، وأنت بعين المحب لا ترى ما تراه والدتك، فعين المحب لا تبدى المساوي، وإذا كانت محقة فى رأيها، فقد فعلت خيرا برفضها، وإن كانت غير محقة، فتكلم معها بهدوء، وأقنعها بوجهة نظرك، وأنك أنت الذى ستتزوج، وأخبرها أن سعادتك وراحتك مع تلك الفتاة لا غيرها، وبالتأكيد هى تريد لك السعادة، فهى أمك.
ختمت الرسالة بسؤالك: لماذا تقف أمى فى طريق سعادتي؟! أمك لا تقف فى طريق سعادتك، بل هى تريد لك السعادة كل السعادة، ولكنها ترى الفتاة بعينها هى، وقد تكون محقة أو مخطئة، ولكن فى كل الأحوال، هى لا تريد لك سوى سعادتك.
يبدو من رسالتك أن موقف أبيك أكثر إيجابية لصالحك، فيمكنه أيضا أن يقنع والدتك، كما أنه سيكون سندا لك مع أهل خطيبتك.
تبقى مشكلة أراها هى الأهم، وهى خطيبتك وأسرتها، فقد جرحوا كثيرا من تصرفات الأم، وهذا يحتاج بالطبع إلى حكمة وإلى صبر، فربما رفض الأهل عودتك لابنتهم مرة أخرى، وربما رفضت الفتاة نفسها العودة إليك مرة أخرى، فهناك ما هو أهم من الحب والعاطفة، فالكرامة أغلى وأهم من العاطفة، ومن يحب شخصا يحافظ على كرامته.
حاول معهم بكل السبل، ولو وفق الله بينكما، وعدت إليها، فحافظ على كرامتها، فكرامتها هى وأهلها من كرامتك، وعليك أن تخبر أمك بشكل مهذب ألا تحاول إحراجها مرة أخرى، ولتكن الاتفاقات بين أبيك وأبيها، دون تدخل منك أو من أمك، حتى تتجنب حدوث المشكلات، وبالطبع فأنت مهندس تحسن التخطيط للبناء، فما بالك ببناء أسرة ستكون نواة للمجتمع الذى نحلم به.. دعواتى لك بالتوفيق والسداد، ولا تنسَ صلاة الاستخارة كما علمنا النبى صلى الله عليه وسلم..
والآن همسة فى أذن الأهل.. ارحموا أبناءكم، فهم من سيعيشون حياتهم، اتركوا لهم مساحة من حرية الاختيار، حتى لا تكونوا سببا فى تعاستهم، عليكم بالنصيحة والإرشاد دون فرض سيطرة، فهم وحدهم من سيتحملون نتيجة اختياراتهم، وأختم بقول الإمام على بن أبى طالب: (أدبوا أبناءكم غير أدبكم، فإنهم خلقوا لزمانٍ غير زمانكم).
أحب زميلتى ولكن.. أمى تقف فى طريق سعادتى
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة