سبحـــــات فـى النفـــــس

تنمية بشرية
طبوغرافي


بقلم

شريف شحاته - الكاتب الإسلامي

لحظات ونعود ..
عاش دهرا .. قطع مسافات .. مضى من عمره أعوام .. وهربت من بين يديه الأيام .. فصار يجمع ما جمع .. ويحصد ما حصد .. ونسى نفسه .. وتغافل عن خُلقه .. وفرط فى أعماله .. ويا ليتها كانت القاضية ..
أيا صاح :

إذا جلست مع ذاتك .. وبدأت عملية التشريح .. ودعوة التأمل .. وتفقدت مهاراتك .. وقيمت قدراتك .. واطلعت على مواهبك .. واستعرضت مؤشر ذكائك .. ودققت النظر فى سلوكياتك ومعاملاتك .. هنا .. تلتمس نقاطك الجوهرية .. وتكتشف قواك الخفية .. حينئذ تدرك قيمة نفسك وقدر ذاتك وطبيعة أخلاقك ..

فلديك الكثير وأنت لا تدرى ؟ وتملك الدنيا وأنت لا تشعر ؟ ..
اعرف نفسك أولا
أناديك وأقول لك تعرف على مواهبك التى وهبك الله إياها وأخلاقك التى منحك إياها.. وظفها في بابها سواء كلاما أو عملا أو مهمة أو موهبة .. فلكل إنسان هداية .. ولكل واحد معتقد .. ولكل فتاة غاية .. ولكل متميز أخلاقه .. قد علم كل أناس شربهم ؛ وكل ميسر لما خلق له ..

واقرأ القاعدة التى دونها ديل كارنيجى " أكثر من 93% من الحالات التي تسبب السلبيات والكسل لا تحدث أبدا ؛ و7% يمكن التحكم فيها "
.. وينسج على نفس منواله شاعر البيان .. وبليغ الإسلام مصطفى صادق الرافعى " لا تنظم الحياة من حولك .. وتترك الفوضى فى قلبك " ..

وما المانع من أن تشرح لنفسك حالك عن نفسك .. وكن أنت الطبيب والمداوى
وخذها منى كلمة ..

إنك لن تكون شىء إلا إذا علمت .. نفسك على أى شىء !!
لا .. ثم لا ..

ولا تتحجج بالظروف .. وترخى يديك للواقع .. فهذا ابن خلدون يفقد أسرته وتسلب ثروته .. وما أقعده أن يحاول ويتميز .. ويقهر الظروف ولا يلعنها .. ويشعل فى الظلام شمعة ولا يلعن الظلام ألف مرة .. حتى أنك علمت بمجرد ذكر اسمه أنه كتب أعظم مؤلف فى علم الاجتماع ..

وهذا رجل يسأل : إلى متى تكتب العلم ؟
فقال : لعل الكلمة التى انتفع بها لم تكتب بعد!
فما بالك بمن هو .....ولا يحاول !!!...

فيا أيها الهُمام :
مهما قست الظروف .. وضاقت المذاهب .. فنفسك وحدها تكفيك لأن تفقدك لذاتك .. ومعرفتك بنفسك .. هى بداية لكل نهاية مشرقة .. أنسيت قول ربك: " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " .. فماذا عن حالك .. وماذا عن أخلاقك .. ولن يكمل رشدك أو تبلغ هدفك إلا وتاج الأخلاق مرصعا باللآلىء على رأسك ..

وهذا ما دعا الشاعر دوجلاس مالوك لينادى " إن لم يكن بإمكانك أن تكون صنوبرة على قمة جبل .. فكن شجيرة صغيرة فى الوادى .. فستكون أفضل شجيرة بجانب الغدير "
وهذه مصبات منابع سلوكك الذاتى والانسانى
المصب الأول : من البيت ننطلق
في خلال دراسة منذ السنوات قليلة تم حساب شخص بلغ من العمر 18 سنة فوجدوا أن الأب والأم يكررون على أذنه " 148 ألف مرة " لا لا أو لا تفعل أو لا تتحرك و " 400 مرة " فقط نعم أفعل !!..انظر إلى الفرق الشاسع والبون الرهيب .. فذلك يولد للإنسان إحساسا داخليا تجتمع بين طياته أن للوالدين دور هائل في تربية الأولاد .. ويضرب لنا النبى (صلى الله عليه وسلم) منذ ألف وأربعمائة عام أنه يحث الأطفال على الإيجابية والشجاعة .. وأن يترك لهم سراح التفوق والتميز ..

لا الكبت والتقييد ولا لمنع الحرية ووأد التفكير .. وكأنه آله لا عقل لها .. افعل أو لا تفعل ؛ وهكذا يسير من خلالها .. وينتهج نهجها ..

فذاك مصدر للتحدث مع الذات يرسخ في الأذهان ما قاله لنا الآباء والأمهات .. وهذا قيد تستطيع التخلص منه ببدء صفحة جديدة .. وبناء أفكار من طراز جديد ..

ولو كانت طبيعتك !!
فهناك من الناس من جُبل على الخسة وسوء الخلق ؛ فتنهش هذه الطبيعة فى عظمه نهشاً؛ وتأكل فى رصيد أخلاقه أكلاً .. فينصرف عن محاسن الأخلاق بسيئها .. وعن فضائلها لمذامها؛ وخصوصاً إذا ارتقى بواقع حياته وسياسة نفسه فلا مقوم له إلا هو .. ولا مغير ولا مصلح له إلا هو .. فالبداية من عنده.. ونقطة التحول بين يديه.. فمن يستسلم لطبيعته السيئة؛ أو يخضع لظروف تربيته المنزلية السيئة..