بقلم الإعلامية/ زينب طلعت
مدرب التنمية البشرية ومقدمة برامج
إن النظرة تجاه الأشياء هي التي نرى من خلالها الأعمال التي نقوم بها، ولذا فهذه النظرة أمر في غاية الأهمية إنه الاختلاف الذي يقود لتباين النتائج.. وهي مفتاح السعادة، فمن روائع ما قرأناه من القصص:
أنه ذهب أحد مديري الانشاءات إلى أحد مواقع العمل حيث كان العمال يقومون بتشييد مبنى ضخم واقترب من عامل وسأله: ماذا تفعل؟ رد العامل بعصبية: أقوم بتكسير الأحجار الصلبة بهذه الآلات البدائية ثم أرتبها كما أمرني رئيس العمال، وأتصبب عرقا في هذا الحر الشديد..إنه عمل مرهق للغاية ويسبب لي الضيق من الحياة بأكملها.. تركه المدير وتوجه بذات السؤال لعامل آخر: فقال: أنا أقوم بتشكيل هذه الأحجار إلى قطع يمكن استعمالها ثم أجمعها حسب تخطيط المهندس المعماري وهو عمل متعب، وممل حينا ولكني أكسب منه قوتي أنا وأسرتي وهذا أفضل عندي من أن أظل بلا عمل. أما العامل الثالث فرد وهو يشير الى الأعلى: ألا ترى أني أقوم ببناء ناطحة سحاب؟
والآن: واضح تماما أن الثلاثة كانوا يقومون بنفس العمل لكن الاختلاف الجذري في نظرة كل منهم إليه فالنظرة تجاه الأشياء هي التي من خلالها نرى الأعمال وتجعلنا نعطي في العمل بحب وإتقان بدافع قوي يدفعنا لذلك، ولقد بدأ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم جهاده منذ الوهلة الأولى للبعثة متسلّحاً بقوّة خارقة، فتحمّل الوحي الإلهي، الّذي كان ينزل على قلبه صلى الله عليه وآله وسلم كما ينزل الغيث العذب ويهطل على الأرض الخصبة، فيمنحه الطاقة ويمدّه بالقوّة، فانبرى موظّفاً كلّ طاقته ليأخذ بِيَد العالَم إلى زمن من التحّول العظيم، وبالتالي بنى صلى الله عليه وآله وسلم الخلايا الأولى لجسد الأمّة الإسلامية بحب لعمله وباتقان بدافع جعل ِيَده مقتدرة على مواجهه الصعاب، و هو الّذي فتح بهذه اليد القويّة أبواب الأفئدة على عالَمٍ رحبٍ من المعارف والأحكام الإلهية، فتفتّحت الأذهان والقرائح، وازدادت الإرادات صلابة..
ولذا كان حب العمل ونظرته صلى الله عليه وسلم فيما يعمل نجده في قوله صلى الله عليه وسلم " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه " فهو ليس حبًا فقط بل مزيناً بالإتقان مع الدافع القوي الذي يجعلك تقول قوله عظيمة جدا قالها وليام شيكسبير على لسان هاملت وهي "أكون أو لا أكون" فالدافع يجعلك مصرًا على هدفك مهما حصل، مهما فشلت ستقول في نفسك "أكون أو لا أكون"، لن تجد بديلا عن النجاح إذا كان لديك دافع قوي، فالدافع هو ما يدفعك للنجاح.
ولعل أغلب الناس يعرف قصة الشاب الذي ذهب لحكيم صيني يسأله عن النجاح. دله الحكيم على أنها الدوافع، فلم يستوعب الشاب الأمر جيدا، فطلب توضيحا. فقام الحكيم بوضع رأس الشاب في قدر مليء بالماء، لم يتحرك الشاب في البداية، ولكنه بدأ يحس بأن الأمر صعب، فبدأ يتحرك ويبدي انزعاجه، ولكن الحكيم لم يهتم لحركات الشاب، وأحكم قبضته على الشاب، وعندما وجد الشاب نفسه غير قادر على التنفس، بدأ يقاوم الحكيم بقوة ويحاول التخلص منه إلى أن أفلح في التخلص من الحكيم الذي كاد يقتله..
وهنا نجد أن الإنسان عندما تشتعل رغبته للوصول لهدفه، مهما كان السبب خوفا أو إرادة قوية أو أي سبب، سينجح بتوكل على الله وحبه لعمه وإتقانه له وبدافع قوي يقوده لإنجاز هذا العمل طالما صحت نظرته لهذا العمل.
همسة للشباب.. أكون أو لا أكون
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة