كيف تجدد حياتك؟ ومتى يكون مطلبًا..

تنمية بشرية
طبوغرافي

بقلم د/ محمد السيد

محمد السيد
إن من يفهم معنى الحياة يكون له القدرة على التجديد، فالحياة تتخذ أشكالاً منها الأجمل ومنها العكس.. وبكل ألوانها منها الزاهي ومنها المعتم، فإنك كشخص واحد تمر عليك جميع الأشكال والألوان تذوقتها في ساعات الخلوة قمة الضجيج ونفس المذاق المميز لأكثر الناس ألمًا، ولكن عندما تكون الساعة قد أزفت.. والأحبار قد جفَّت.. والأوراق قد رُفعَت، من يتعلم من تجاربه، أو من الآخرين حب الحياة بكل آمالها وآلامها؟ وحب البقاء بكل صراعاته شكل من أشكال الغرائز لا يفهمه العاجزون عن ذلك.. عندما تسودهم نظرة التشاؤم، ولكن يبقى للحياة طعم قد يكون مميزًا ومن يقرأ؟ ومن يريد أن يتعلم أن الحياة غير الموت؟ كثيرون للأسف لا يفهمون معنى الحياة، فالعدسات الملوَّنة لا تحوِّل القُبح جمالاً، الكل لديه القدرة أن يفلسف الحياة واقعًا أو وهمًا، عندما لا يكون لحياتك معنى مع كل هذا الضجيج من حولك.

فكرة يوم جديد:
اجلس في مكان هادئ مرتين في اليوم: صباحًا ومساءً، وامتنع عن الكلام، واشعر بما يدور حولك، انظر إلى مغيب الشمس، أو اسمع خرير الماء، أو استنشق رائحة الورود.

ادخل في لقاء مع الطبيعة من حولك، واشعر بالحياة تدب في كل شيء، فتراك تُبدع إبداعًا لا نهاية له، ابدأ يومك بالقول بأنك لن تحكم على أي شيء يحدث من حولك هذا اليوم، امنح الناس من حولك ابتسامة أو زهرة أو دعاء، بهذا تكون أنت الحلقة المانحة في تلك السلسلة الطويلة، فابتسامك لأخيك تؤدي إلى سروره وفرحه، وهو بالتالي سيعطي الفرح من حوله وينتج عن ذلك دائرة العطاء.

وعندما تدور الدائرة ويصلك الفرح من سواك بابتسامة، أو بشيء أكبر من مال وصداقة وأخوة أو يصلك عطاء الطبيعة من نور الشمس، أو زقزقة العصافير، عندئذٍ تقبل ذلك برضا وشكر، تقبَّـل العطف والاحترام والحب من الآخرين، وأعطهم بالمقابل العطف والاهتمام والاحترام والحب حتى وإن أبديت ذلك بصمت، فإن تلك الأشياء تظهر من خلال تصرفاتك، إذا كنت تدركها.

اعلم أن أفضل طريق لتحضير مستقبل باهر هو أن تكون على إدراك كامل بالحاضر، سل نفسك قبل أن تتخذ قرارًا هل ستحقق نتائج هذا القرار الذي أتخذه الرضا لي ولجميع المتأثرين من حولي بذلك القرار؟ استفت قلبك فإن شعرت بإحساس يريحك فابدأ، وإن شعرت بضيق وانقباض فراقب ذالك، وخذه بالاعتبار تقبل الأحداث كما هي، لا كما ترغب أنت، ولا تُلقِ المسئولية على غيرك بل تحمَّـل مسؤوليتك بنفسك، واعلم أن كل عسر يحمل في طياته اليسر، والفرصة لتغير حياتك نحو الأفضل، ثق بالحياة ولا تكن بحاجة للدفاع عن نظرتك للأمور أمام الآخرين، ولا تحاول أن تُقنع الآخرين بتقبل نظرتك للحياة، وافتح قلبك لكل وجهة نظر دون أن تتشبث بها، فكل الطرق صحيحة لأصحابها، وليس هناك طريق أصح من الطريق الآخر، بل كل طريق صحيح للشخص الذي يسير فيه، تبعًا للزمان والمكان والحالة النفسية له، ألا ترى بأنك أحيانًا تضحك من نفسك لأنك تسلك طريقًا معينًا، والآن ترى بوضوح أن ذلك الطريق لم يعد يناسبك؟

أنتَ اليوم لستَ الذي كنتَه بالأمس، فلا تسخر من طريق الآخرين، بل احترمها، وأحبها، وقدسها، واعتبرها صالحة للسائرين بها، ولا تقل بأن طريقك هو أفضل الطرق، ولكن هو أفضل الطرق لك وحدك في حالتك النفسية الراهنة، وفي مكانك الحالي وزمانك هذا، فإذا تغيَّرت إحدى تلك العوامل الثلاثة، فإنك تصبح بحاجة إلى طريق آخر، وإن لم تفعل فإنك ستعيش في تناقض وصراع مع نفسك، ويصبح طريقك الذي كان الأفضل لك عبئًا عليك، وعقبة أمام وصولك إلى هدفك، فلا تفرض آراءك التي تظن أنها حلول لمشاكلك، بل انتظر أن يأتيك الحل من حيث لا تتوقع، إذا كنت تعيش في حاضرك بوعي ومحبة، وإذا كنت تتقبل ما يأتيك من هذا الكون المليء بالمفاجآت، وعش بشعور دائم أن الأشياء غير ثابتة وأنك في أمان بهذا الشعور، فليس هناك شيء ثابت، بل كل شيء يتحرك ويتغير، وفي كل لحظة يتحول الكون من شأنٍ إلى شأن، ويؤدي إلى الشعور بأن لكل مشكلة حلاً، وأن كل صعوبة في تحول إلى سهولة، بل إلى فرص للتغيير وهذا سر الحياة، كُن على وعي تام بأنك قبل أن تكون جسدًا بأعضاء، وفكرًا، وشعورًا، أنت روح وجدت منذ الأزل، وستبقى إلى ما شاء الله لك أن تكون، فبتلك النفخة الإلهية تشعر بالحياة.

ومن أجمل أوقات التغيير والتجديد هذا الموسم الإيمانى الذى يمر على الامة كل عام وهو شهر رمضان فبادر بالتجديد فحياتك تستحق شيئًا من البذل والتضحية لتصبح أفضل.