مابعد رمضان.. وقوة الإرادة

تنمية بشرية
طبوغرافي

 

 

بقلم: زينب طلعت3

الإعلامية/ زينب طلعت

 

 

 

 

 

الإرادة هي قلب الحياة، وحياة القلب، وإذا وجدت الإرادة، وجد التطبيق لتنفيذها أيضًا، فمع الإرادة والصبر لا يبقى شيء صعب، وبدونها لا يتحقق حتى الشيء السهل، وما أجمل أن تعقد العزم على تعمير وقتك بالطاعات وزيادة الحسنات وهجر السيئات، وعلى بذل المجهود واستفراغ كل الوسع في استغلال كل لحظة فيه في رضا الله سبحانه، وهذا العزم ضروري فإن العبد لا يدري متى توافيه منيته؟ أو متى يأتيه أجله ؟ فإذا انتهى عمره وسبق إليه من الله أمره، وعادت الروح إلى باريها، قامت نيته مقام عمله فيجازيه الله على حسن نيته وعلى هذا العزم فينال الأجر وإن لم يعمل . عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم : ( إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة)

 
11393092_857279491004381_8540570455616544334_n

 

إن الانسان سيد مصيره لأنه سيد إرادته. فهو الكائن الوحيد الذي ليس خاضعًا للسبب والمسبب، كما هو حال الأشياء المادية، والحيوانات محدودة التطور، وإنما الإنسان يمتاز بأنه ذاتي التوجيه، حيث إن باستطاعته أن يوجه دفة حياته، وأن يخطط لمستقبله، وأن يعدل في خططه حسبما يتبدى له من ظروف جديدة في سياق عمله، ولأن الإرادة من أسباب امتياز الإنسان، فإن الناس يولدون متساوين فيها، غير أن الذي يجعل بعضهم أقوياء في الإرادة وآخرين ضعفاء فيها إنما يرتبط بما يلقاه البعض من خبرات، وما يخوضونه من تجارب، فيصير الواحد قوي الإرادة، والآخر ضعيفَها، فأنت تمتلك حينما تولد، رأسمالًا أوليًا من الإرادة، كما تمتلك رأسمالًا أوليًّا من العقل والعاطفة والضمير وغيرها، فإذا حصلت على إرادة سليمة، واهتممت بتنمية ما تملك ستصبح بعد فترة قويًا في إرادتك.
ومن أهم مظاهر الإرادة الحرص على التوبة الصادقة، وهي واجبة في كل وقت ومن كل ذنب، ولكنها في شهر رمضان الكريم ألزم وأوجب لأنه موسم طاعة، ولأن قيد الذنوب يمنع عن المشي إلى طاعة الرحمن، وإن ثقل الذنوب يمنع الخفة للخيرات والمسارعة في الطاعات فتجد القلب في ظلمة وقسوة وبُعد عن الله وجفوة، وقد صدق الأول حين قال: "حرمت قيام الليل سنة بذنبٍ عملته"
وعندما قيل للحسن لا نستطيع قيام الليل، قال قيدتكم خطاياكم . وقال الفضيل : " إذا كنت لا تستطيع قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محبوس قد قيدتك ذنوبك"
ومن هنا تقوى الإرادة على التوبة بسرعة فإذا أدرك الإنسان قِصر وقت رمضان أقبل على الطاعة وهجر المعصية وعلم أن مشقة الطاعة سرعان ما تذهب ويبقى الأجر وتوابعه من انشراح القلب، وانفساح الصدر، وفرحة العبد بطاعة الرب سبحانه في قيام الليل، وتلاوة القرآن، فللقرآن في رمضان مزية خاصة، ولذلك فإن كسب الانتصار بالإرادة، وإحراز النجاح بالإرادة، والحصول على الدنيا بالإرادة، واكتساب الآخرة بالإرادة، يقول الله تبارك وتعالى: {ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها} وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتدارس القرآن مع سيدنا جبريل في رمضان كما في حديث ابن عباس وذلك كل ليلة.
علينا بالإرادة والمنافسة على الفردوس الأعلى في هذا الشهر الكريم مصداقاً لقوله تعالى: { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} وفي الحديث: سبق المفردون سبق المفردون قالوا: وما المفردون يا رسول الله! قال: {الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات}.