الوضوء ينشط مسارات الطاقة

تنمية بشرية
طبوغرافي

دكتور صيدلى
 محمد إبراهيم خليل

عدت ذات يوم متأخرًا من العمل فى حالة من الإنهاك والتعب الشديد ، وحالة نفسية سيئة بسبب مواجهات الحياة ، وسرعان ما قمت بتغيير ملابسى وشرعت فى الوضوء فإذا بالألم يتلاشى والتعب يذهب والنفس تهدأ وشعرت بسكينة شديدة وزيادة فى النشاط حيث قلت وقتها أستطيع أن أبدأ الآن يوما جديدا من العمل الشاق.. ظللت أفكر فى تفسير ما حدث وكيف أننى بمجرد الوضوء تحولت حالتى من شخص كسول محزون إلى شخص نشيط ذى أمل؟!

لقد اكتشف العلماء نظاما أساسيا ينظم طاقة الجسم وحيويته ، فهناك علم مسارات الطاقة وقد اكتشفها الطبيب الفيلسوف توماس ليفير 1837م وأن مسارات الطاقة فى الجسم اثنى عشر مسارًا تتحكم حركة الطاقة الحيوية فيها فى عمل جميع أعضاء الجسم ووظائفه ووظائف الغدد الصماء ، وتكون حالة الجسم بين الصحة والمرض والنشاط والخمول تبعا لقوة أو ضعف سريان الطاقة فى هذه المسارات ، واكتشف العلماء أيضا أن هذه الطاقة تبدأ من قمة الرأس وهى منطقة الفيض الإلهى ويمكن اعتبارها نقطة اليافوخ التى احتجم عليها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (وهى معروفة لعلاج جميع الأمراض النفسية والعصبية وجميع مشاكل الدماغ وحالات المس والسحر والحسد ) وتكون بدايات ونهايات هذه المسارات فى أطراف الجسم فى الكفين والقدمين ، كما يوجد أنظمة لتنشيط طاقة أعضاء الجسم متركزة فى أعضاء معينة فيما يسمى بالأنظمة الدقيقة (micro system) مثل الوجه والأذنين والكفين والقدمين والذراعين والأذنين وهى نفسها الأعضاء التى أمرنا بغسلها وتدليكها فى الوضوء عند حدوث حالة مرضية فإن العلماء يقومون بتنشيط هذه المسارات عن طريق عدة طرق منها وضع الإبر الصينية أو العلاج بالضغط وغير ذلك.

وهنا تتجلى عظمة الإسلام والإعجاز الربانى والنبوى فى الأمر بالوضوء فى قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} والأمر النبوى فى شرح طريقة هذا الوضوء حيث أمر النبى صلى الله عليه وسلم بالإسباغ فقال: (إسباغ الوضوء على المكاره) كما أمر بتدليك الأعضاء والتخليل بين الأصابع ، ثم نكتشف أن هذه الطريقة النبوية هى من أهم طرق تنشيط مسارات الطاقة الحيوية عندما نقوم بتدليك هذه الأعضاء الطرفية فنقوم بذلك بتنشيط جميع أعضاء الجسم الكبرى كالقلب والرئتين والكليتين والأمعاء وعمل الغدد الصماء وتنشيط الدورة الدموية فتتحسن حالة الجسم ، وما أروع الإسلام حيث أمرنا بهذا العلاج خمس مرات يوميا فمن أين يأتى الداء لرجل مؤمن صالح يعالج أعضاءه خمس مرات يوميا بخلاف النوافل ؟ فتجد وجهه مضيئا مستنيرا (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة) فالوضوء يزيل الآثار السلبية العالقة بالجسم من أثر الذنوب والمعاصى كذلك هموم ومتاعب الحياة قال النبى صلى الله عليه وسلم :(تحترقون تحترقون فإذا صليتم الصبح غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم الظهر غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العصر غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم المغرب غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العشاء غسلتها ثم تنامون فلا يكتب عليكم حتى تستيقظوا) حديث حسن فانظر كيف شبه الهموم والذنوب بالحريق وكيف أن الوضوء والصلاة تزيل آثار الحريق بل إنه من المثبت علميا أن أطراف الخلايا والناقلات العصبية تحترق فعليا ثم يعاد إليها النشاط والحيوية بالوضوء.

كما أن الوضوء يعيد التوازن عندما يكون الإنسان غاضبا ففى حالة الغضب يعمل الجهاز العصبى السمبثاوى فتزداد كمية تدفق الأدرينالين فقد يتصرف الإنسان تصرفات غير محسوبة قد يندم عليها ، ولكنه إذا استعاذ بالله من الشيطان وتوضأ ذهبت عنه تلك الطاقة السلبية وعادت إليه حالة السكينة النفسية ، فكيف يكون المسلم غضوبا أو يصاب بمرض نفسى وهو يعالج حالته النفسية خمس مرات يوميا. وعندما يريد أى إنسان الدخول فى الإسلام يؤمر بالوضوء والغسل كى تنتظم مسارات الطاقة لديه فينشرح صدره للإسلام فيأتيه البكاء ليعاد تنظيم حيوية جسمه (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام) سئل النبى صلى الله عليه وسلم كيف تعرفنا يوم القيامة ، فقال: غرا محجلين من آثار الوضوء أى أن طاقة الوضوء الحيوية ليست فقط فى الدنيا ولكنها أيضا تستمر معك فى قبرك وتستمر معك إلى يوم القيامة تضيء نورا يعرفك منه رسول الله (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).