علماء الدين: التسول حرام شرعاً والإسلام دعا للعمل ..

تنمية بشرية
طبوغرافي

علماء الدين: التسول حرام شرعاً والإسلام دعا للعمل وأن يأكل المرء من عمل يده

المدارس طاردة والطلاق يدفع بالأطفال لإشارات المرور

المتسول يعتبر شخصية سيكوباتية نتيجة النشأة الاجتماعية الخاطئة

علماء النفس والاجتماع أجمعوا على أن انتشار ظاهرة التسول أصبحت تثير قلق العديد من فئات المجتمع حيث تتواجد أعداد هائلة من المتسولين فى وسائل المواصلات والشوارع والميادين لمطاردة المواطنين للحصول على مساعدة وأن أسباب انتشار هذه الظاهرة هى التفكك الأسرى والبطالة وتدنى مستوى المعيشة وعدم تفعيل القانون وارتفاع نسبة الفقر إلى أكثر من 40% وعدم قيام مؤسسات الدولة الاجتماعية بدورها .

فى البداية يقول الدكتور رشاد عبداللطيف - عميد معهد الخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان سابقا - إن انتشار ظاهرة التسول أسبابه هى التفكك الأسرى بسبب زيادة نسبة الطلاق مما يدفع الأطفال مبكرا للخروج للشارع والاندماج مع أطفال السوء مما يؤدى إلى حاجتهم للمال لتوفير نقود لشراء السجائر والمخدرات مما جعلهم يلجئون إلى التسول في إشارات المرور والمواصلات العامة.

يضيف أن الفقر والحاجة وعدم وجود مصدر للدخل يؤدى إلى قيام بعض أولياء الأمور إلى دفع أبنائهم إلى التسول لجلب إيراد يساهم فى سد احتياجات الأسرة ورفع مستوى المعيشة المتدنى بالإضافة إلى عدم قيام الجهات الرسمية المنوط بها العمل الاجتماعى بدورها فى رعاية الأسر الفقيرة وضعف المساعدات المخصصة لهم وسوء توزيعها مؤكدا أن المدارس تلعب دورا هاما فى انتشار ظاهرة التسول حيث إنها طاردة للطلاب مما يؤدى إلى محاولتهم الهروب من المدرسة والتسرب من التعليم بسبب تكدس الفصول وحالة المدارس المتدنية وعقم المناهج والتى تعتمد على الحفظ والتلقين وليس الفهم والاستيعاب وتوظيف طاقة الطلاب وملكاتهم الخاصة وكذلك الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلد وانتشار البطالة ومحدودية فرص العمل أدت إلى استسهال البعض وامتهان التسول.

القانون نائم

د.عزة كريم - خبير علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية بالرغم من أن التسول ممنوع ومجرم قانونا إلا أن عدم تفعيل القانون على المتسولين أدى إلى زيادة هذه الظاهرة وخاصة فى السنوات الماضية مؤكدة على رفض المتسول أى فرصة عمل أخرى لأنه يعمل بلا قيود فيختار مكان ووقت التسول كما أنه يدر عليه دخلا وفيرا بأقل مجهود كما تلجأ بعض النساء إلى تأجير أطفال للتسول بهم بدعوى عدم وجود عائل لهم لكسب تعاطف الناس وجمع أكبر حصيلة ممكنة وأيضا بوجود تسول غير مباشر مثل بيع أشياء تافهة مثل المناديل الورقية الصغيرة.

وترى أن تراخى القانون فى التعامل معهم أدى إلى زيادة الأعداد سنويا فلو عرف المتسول بأنه سيخضع للعقاب فلن يلجأ للتسول مرة أخرى كما ترى ضرورة عدم قيام المواطنين بإعطاء النقود للمتسولين إلا فى حالات الضرورة القصوى مثل حالات كبار السن لغير القادرين على العمل حتى لا نشجع على انتشار هذه الظاهرة وانضمام آخرين لهم.

شخصية سيكوباتية

ويضيف الدكتور عصام عبدالجواد - أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية النوعية جامعة القاهرة - أن المتسول يعتبر شخصية سيكوباتية أى مجرم بطبعه نتيجة النشأة الاجتماعية الخاطئة فهو تربى على الحرمان من العاطفة والقسوة لذا شب على التسول وعندما يكبر نجده يعمم الكراهية على مجتمعه نتيجة ظروفه المحيطة به وإذا كان من الأحداث فانه نتيجة تعرضه للكثير من الإهانات والضغوط النفسية نجده يكره السلطة كما أن أكثر من 40% من المصريين تحت خط الفقر يعيشون غلاء المعيشة وضغوط الحياة الاقتصادية الصعبة والمجتمع المادى لذا نجده يعيش وبه العديد من الأمراض النفسية وجسدية مثل القولون العصبى وقرحة المعدة والسكر والضغط والقلق والصداع المستمر حيث إنه غير راض دائما عن وضعه والمجتمع المحيط به.

ويرى أن احتواء المتسول هو الحل ويبدأ من داخل المؤسسات بالنسبة للصغار مثل مؤسسة SOS أى مؤسسة رعاية مجهولى الأبوين، فهى تقدم لهم الأم النفسية وليست البيولوجية أى الأم البديلة التى تجعل الطفل يتصالح مع نفسه، وتوفر له الوضع المناسب والحياة الكريمة خاصة فى المجتمع الرأسمالى وبالنسبة للمتسول كبير السن على الدولة مساعدته حتى يكف عن التسول ومد يديه للسؤال، كما أن أفراد المجتمع المدنى من الأغنياء عليهم دور في المشاركة المجتمعية بتبنى المتسولين بتوفير حياة كريمة لهم وخلق فرص عمل عن طريق إقامة مشروعات صغيرة.

وتؤكد الدكتورة نادية قاسم - خبيرة سيكولوجى بالمجلس القومى للأمومة والطفولة - أن التسول له علاقة بمشاكل الاقتصاد المصرى، والذى بات يهدده بالانهيار حيث إنه شخصية موجودة بالمجتمع، وليس له عمل أو مصدر رزق وله أهداف تنموية لذا يلجأ لمد يده للسؤال ونجده يدخل إلى عالم التسول ومن مرحلة لأخرى يكتسب مهارات تجعله يلتصق بعمله الذى يكسب رزقه بكده.. وهذا من وجهة نظره هربًا من الفقر الذى نهش عظامه ودافعًا للرقي.

على المجتمع إعالة المحتاج الحقيقى بمعاشات الضمان الاجتماعى التى تؤخذ من الضرائب والزكاة

التسول حرام شرعاً

الدين الإسلامى حرم التسول وحث المسلم على العمل الشريف والكسب من كده وعرقه. كما يقول الشيخ عبد الستار فتح الله -أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين جامعة الأزهر- إن التسول حرام شرعًا. فهو يكثر من جمر جهنم كما أن الغنى مطلوب بمعنى أن يجد المرء ما يغذيه ويعيشه. وليس الغنى الفاحش. لأن الإسلام يريد لأتباعه مثلاً أعلى للنشاط والعمل. كما يعلمنا الله عز وجل ويحثنا رسولنا الكريم على ذلك بالعمل والكسب الحلال من كده وعرقه وهو صلى الله عليه وسلم دعا بإبعاد أربعة هموم عنه وهى “العجز والكسل والجبن والبخل وغلبة الدين وقهر الرجال”. وبهذا يعلمنا أن نستعيذ بالله وأن نبتعد عن الكسل حتى لا نقع فى الظلم، ويطالب المتسولين باتقاء الله وتطبيق شريعة الله بالعمل الشريف والكسب الحلال.

ويضيف الدكتور رشاد خليل -أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر- أن الإسلام تصدى لظاهرة التسول بعدم الرضا عنها بالدعوة للعمل وأن يأكل المرء من عمله يده. حيث إن اليد العليا خير من اليد السلفي. كما أنه حذر صاحب المال فى حالة الوصية بألا يوصى بأكثر من ثلث ماله لأن الإسلام يريد أن يكون الناس أغنياء ولا يمدون يدهم للغير. كما أنه يدعو الأغنياء بأن يتكفلوا المحتاجين. حيث إن من ثوابت الإسلام الدعوة للعمل ومد يد المساعدة للغير؛ لذا لابد من التصدى لظاهرة التسول وعلى المرء بعدم الاعتياد عليها.

الصدقة المستحبة 

يقول إن الدولة عليها التكفل بهم من خلال الصدقة المستحبة والصدقة الجارية؛ لذا لا بد من الدعوة للعطاء والتبرع بالطرق الشرعية للإنفاق بهدف تكافل المجتمع وسد حاجة الفقراء من المجتمع؛ ولذا فإن الدولة أمامها سبل كثيرة للإنفاق. كما أن لأصحاب العمل دورًا فى ذلك بمساعدة العاجز عن الكسب والإسلام حل هذه المعادلة بالمشاركة والتكافل. حيث إن الله لا يأمن من بات وجاره جائع.

يقول خليل: إنه لا بد أن يكون المحتاج محتاجًا حقيقيًا، وعلى المجتمع إعالته بصورة آدمية دون تشويه للمجتمع. حيث إن للتسول صورًا لا يرضى عنها الإسلام وعلى الدولة أن توفر لهم البدائل الاجتماعية من خلال معاشات الضمان الاجتماعى التى تؤخذ من الضرائب والزكاة. وبالتالى فلا حجة للتسول مادام يحصل على قوت يومه بصورة تحفظ كرامة الإنسان؛ ولذا فإن حكم الإسلام على التسول بالكسب من السحت والأكل من المحرمات لاتباع الغش فى التحايل على الناس بخلاف الحقائق، حيث إن الكثير يدعى المرض والعمى وبذلك يقع عليه الخراب ويكون أكله من النار.

يقول الشيخ محمد عطية: إن الأزهر يقوم بدوره على الوجه الأكمل فى رعاية المواطنين وتقديم كافة الإعانات لمن يحتاج. ولكن البداية يقومون بالحصر والجدولة لمعرفة إن كان بالفعل هذا الشخص يحتاج أم لا. ومن هنا يتم الصرف سواء كان أدوية أم ملابس أم كفالة ويجب علينا التطبيق. حيث الرسول الذى يقول: “لأن يحمل أحدكم حزمة من حطب ويحتطب بها خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه”. وإن طبقناه سوف ننهى ظاهرة التسول والتعريف الوحيد للتسول فى العرف الإسلامي. فهو ذاك الذى يرتبط بالسؤال. والسؤال هو طلب شيء معين يتغير مضمونه بتغير جنس الطلب واستجداء صدقات الناس.