التمكين ..مفهوم القوة المعاصرة

تنمية بشرية
طبوغرافي

المستشار حسام الدين أمين

المحاضر الدولى بأكسفورد - لندن

حسام الدين مصطفى

طرحت الإدارة الحديثة في العالم المتقدم مفاهيم متطورة للتعامل مع منظمومة العمل الإداري، ومن هذه المفاهيم مفهوم التمكين (Empowerment) وذلك لتعزيز جهود الجودة الشاملة وتطوير أداء الموارد البشرية، وهذا المفهوم مشتق من كلمة Power أي القوة والمقصود منها التمكين والقوة تتخذ عدة أشكال حسب التخصص الذي تطبق فيه .

وفي علم الإدارة وتطوير الأداء البشري هناك مجموعة من العناصر التي يمكن أن تعبر عن جوانب قوة تمكن الموظف من أداء عمله بشكل أفضل مثل : الصلاحية والمسئولية والمعرفة والتكنولوجيا والمظهر والعلاقات والمال والسمات الشخصية . مع العلم بأن عملية التمكين هي أبعد ما تكون عن إعطاء الموظف صلاحية فقط بل إنها تشمل دائرة أوسع لتضم المعرفة والمستوي التقني والثقة بالذات

ولقد سبق القرآن الكريم العالم الحديث في فكرة التمكين حيث ورد ذكر التمكين من أربعة عشر قرنا في كتاب الله الكريم في الآيات التالية وليس علي سبيل الحصر { وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ } [الأعراف: 10]، { كَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } [ يوسف:21]

والتمكين هو منح الفرد القدرة علي أداء الأنشطة لتوليد الشعور بالاحترام الذاتي ورفع أدائه، وهي عملية توزيع السلطة والمسئوليات والصلاحيات بين الأفراد في المنظمة، وكذلك الاشتراك الكامل لكل من الرؤساء والمرؤسين في اتخاذ القرارات

أهمية التمكين من الناحية الاجتماعية يعني التمكين في مرجعيات علم النفس بتهيئة الفرد ودعم نموه النفسي بما يحقق قدراته واستعداداته وطوحاته، والتفاعل الاجتماعي مع أعضاء مجتمعه في الأسرة والمجتمع

أهداف التمكين :

التغلب علي عدم الرضا الوظيفي للفرد، وخفض تكلفة الغياب، ودوران العمل، وزيادة جودة الأداء والمساهمة، والمشاركة في اتخاذ القرارات والمساعدة في تحمل المخاطر بشكل فعال ومساعدة الأفراد علي حل المشكلات التي يواجهونها دون انتظار لحلها من قبل رؤسائهم.

القيادة والتمكين، وهو أسلوب قيادي ينسجم مع قوة الخبرة وقوة المعرفة وقوة الإعجاب بشخص القائد (الكاريزما). فالقادة الفعالون هم الذين يقودون بتمكين مرؤوسيهم وبتوفير المعلومات والمسؤولية والصلاحية للمرؤوسين، والثقة بهم في اتخاذ القرار والتصرف باستقلالية في مجالات العمل التي يعملون بها، هؤلاء القادة يعلمون أنهم عندما يمنحون مرؤوسيهم مزيدا من التمكين وحرية التصرف بمسؤولية واقتدار، لأنّ نتيجة ذلك أداء متميز وجودة عالية وانتماء في العمل. وتنازل القائد عن شئ من قوته لصالح المرؤوسين لا يعني فقدانه لتلك القوة، لأن القادة الناجحين هم الذين تزداد قوتهم عندما يشاركهم الآخرون بها من خلال تبنيهم وانتمائهم لرؤية القائد والدفاع عنها بشكل ذاتي .

فيمكن التأكيد هنا على أن منح المرؤوسين مزيدًا من التمكين بمعنى التمكين المتفق عليه في هذا الكتاب يعدّ أسلوبًا قياديًا ناجحًا، ويمكن أن يعدّ التمكين مصدرا من مصادر قوة القيادة المعاصرة التي ترتفع بالكفاءة القيادية إلى أعلى مستوياتها، فما هي الكفاءة القيادية؟

نقول الكفاءة القيادية تتحقق عندما يحقق القائد أعلى مستوى من التأثير بالمرؤوسين بأقل جهود ممكنة، فهنالك قادة يبذلون جهودا كبيرة بسبب عدم الثقة بمرؤوسيهم، فيراقبونهم بشكل كبير ويستخدمون أنظمة بيروقراطية متشددة لإحكام الرقابة والتأكد من سير العمل بصورة دائمة. هؤلاء القادة لايتركون في حياتهم الوظيفية وقتا كافيا للأمور الاستراتيجية المصيرية في حياة المنظمة، ولا يعملون على خلق رؤية ونقلها ونشرها بين المرؤوسين، ولا يمكنهم إعمال الشفافية في المنظمة. وتسود حالة من الشك وعدم الثقة بين المستويات المختلفة. أما القيادة من خلال التمكين فتعطي للقائد كفاءة قيادية وفاعلية قيادية كبيرة، فهو لا يشغل نفسه كثيرا في التأكد والرقابة والتفتيش والسيطرة وهي كلها وسائل خارجية بالنسبة للعامل؛ وسبب ذلك هو الثقة. فالثقة وقدرة المرؤوسين على القيام بالعمل دون رقابة، وتوافر المعلومات التي يحتاجون إليها والاتصال المستمر والشفافية العالية تحتم على القائد التفرغ للمصالح العليا والترفع عن رقابة كل صغيرة

والسؤال من هو الفرد أو الموظف الذي يستحق التمكين؟ لا بد أن يتصف بالصفات التالية: الأمانة، القوة، الصدق، الاستقامة، العلم، الحماس.

معوقات تطبيق استيراتيجيات التمكين :

-الخوف من فقد السلطة أو نفوذ المديرين، والخوف من تحمل المسئولية واتخاذ القرار من المرؤسين خوفًا من إظهار قدراتهم الحقيقية الضعبفة أمام الإدارة، وسيادة البيروقراطية، وإساءة استعمال عوامل القوة الممنوحة للعاملين، وتركيز بعض الأفراد علي نجاحهم الشخصي وتفضيله علي نجاح الجماعة، واتخاذ القرارات علي أسس شخصية وليس علي مبررات منطقية أو موضوعية.