بقلم:
الدكتور/ محمد السيد
محاضر ومدرب تطوير الذاتهل تحس بضعف فى روحانياتك؟
ماذا تفعل إذا جاعت معدتك؟ طبيعى أنك تأكل!
وإذا بقيت تشكو للناس من الجوع والطعام بين يديك؟ سخر منك الناس.
وقالوا: ماذا أصابه؟! جاعت معدتك.. فأطعمتها.. وجاعت روحك فمتى تطعمها.؟! جاعت حتى ضعفت.. فلم تعد تهتز لكلام الله، ولا تحنّ إلى الصلاة، وتكسل عن كل عبادة وتتثاقل فوق الأرض!
أقول لنفسى ولك: رائع أن تستشعر ضعف روحانياتك فهذا أول العلاج، فإدبار النفس أمر يقع، ولكن! لا يجوز استسلامها له، وما ينبغى عليك فورا أن تضع لنفسك زاداً روحيا ترقى به روحك فى مدارج الإيمانيات والعبادات، فأنت بالروح لا بالجسم إنسانٌ.تأملت وجبات خفيفة على الجسم، ثقيلة فى ميزان الروح، تعال نبدأ بها من اليوم نقوى بها علاقة روحنا ببارئها العظيم، ونتعاهد عليها بإذن الله.
لنبدأ باستشعار أن محور حياتنا هو (الله) نمشى لله، نأكل لله، ننام لله، ندرس لله، نتصل بالهاتف لله، نعمل لله، نخرج برحلة لله، وندور حول هذا المعنى كل يوم.. المعاصي... أليست سببا فى ضعف الروح؟ نظرة من هنا، غيبة ونميمة من هناك، عقوق ثالثة، وكذبة رابعة..
تعال أنا وأنت نستحدث لكل معصية توبة مباشرة..! فكلما وقعت بذنب أحدثت له توبة.. أستغفر الله.. أستغفر الله.. ألن تجد روحك لذلك حلاوة ما بعدها حلاوة..؟!ماذا لو خصصنا من وقتنا للتأمل؟
ما رأيك بمحاضرة إيمانية تذكرك ببعض الإيمانيات...؟
ما رأيك بأنشودة ترقق القلب .. مع ضرورة أن نتأمل فى معانيها ونعيشها حقيقة. ما رأيك أن تذهب لأحد الناس الذين تحبهم وتثق بدينهم، وتقول له: جئتك لنتذاكر فى أمور الدين وعبادة الله فقط، ونؤكد إيماننا صافيا لو ساعة..!!
وقد قال بعض الصالحين:
(أرى فلانا من الصالحين فأكون برؤيته عاقلا أياما) وقد مرَّ أحدهم بقبر ابن المبارك - عليه رحمة الله - فقال: مررت بقـبر ابن المبارك غدوة، فأوسعنى وعظًــا وليس بناطق، وقد كنتُ بالعلم الذى فى جوانحى غنيا، وبالشيب الذى فى مفارقي، ولكن! أرى الذكرى تنبه عاقلاً إذا هى جاءت من رجال الحقائق، تعالوا نجلس مع رجل من أهل الحقائق بهدف تقوية روحنا لا لهدف غيره..
لنكثر الصمت إلا فيما ينفع، صدقا أعرف أناس يصمتون كثيرًًا، تشع وجوههم بالنور، ولا ينطقون إلا يسيرًا ويذكرون الله كثيرًا.إن بدأنا بما سبق فما رأيك أن نصوم يوما دون أن يعرف أحد أننا نصوم، ولا حتى أقرب الناس إلينا، أعدكم بأنه سيكون من أجمل أيام حياتنا الروحية مع الله!! هيا نخبئ أعمالاً ندعها سرًا بيننا وبين الله.
وكل ما ذكرته لا يتطلب عناء.. ولا يتطلب إلا أن تقرر الآن أنك تريد تغذية روحك، والاعتناء بها من اليوم..!! يا من قرأت هذه الكلمات.. اعلم أننا كلما تعلقنا بالدنيا والمحسوسات، أضاعت أرواحنا قطار اللذات الحقيقيات.. لذة الأنس بالله، والرضا بقضائه.قد يكون عجيبًا أن تعرف هذه المعلومات القليلة ولا تفعلها .. وإن كان عجيبًا فهناك ما هو أعجب يقول ابن القيم : من أعجب الأشياء أن تعرفه ثم لا تحبه، وأن تسمع داعيه ثم تتأخر عن الإجابة، وأن تعرف قدر الربح فى معاملته ثم تعامل غيره ، وأن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له ، وأن تذوق ألم الوحشة فى معصيته ثم لاتطلب الأنس بطاعته ، وأن تذوق عصرة القلب عند الخوض فى غير حديثه والحديث عنه ، ثم لا تشتاق إلى انشراح الصدر بذكره ومناجاته ، وأن تذوق العذاب عند تعلق القلب بغيره ، ولا تهرب منه إلى نعيم الإقبال عليه والإنابة إليه ، وأعجب من هذا علمك أنك لابد لك منه ، وأنك أحوج شيء إليه وأنت عنه معرض ، وفيما يبعدك عنه راغب.
زاد الروح .. ولذة الأنس بالله
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة