الحرص المفرط.. أسرع وسيلة لتربية جيل معقّد نفسيًا

تنمية بشرية
طبوغرافي

الحرص المفرط.. أسرع وسيلة لتربية جيل معقّد نفسيًا

أغلب الحالات التي تعاني من وساوس تعرضت لقهر نفسي نتيجة التربية الخاطئة

بعض الآباء لا ينتبهون لسلوكهم الخاطئ مع الأبناء ولا يعلمونهم كيف يمكن أن تكون للواحد منهم شخصيته المستقلة وأن يتمتع بالثقة في النفس. تبدأ السلوكيات الخاطئة بهذا الحرص الزائد علي سلامة ومصلحة الطفل وبالتالي القيام بأعمال كثيرة نيابة عنه ليتحول الآباء إلي سجانين يكبلان الإبن ويمنعانه عن الحركة فتكون النتيجة كيان مشوّه عدواني متوتر أو ضعيف الشخصية.

حماية واعية

يقول د. سيد صبحي أستاذ الصحة النفسية : إن الحماية الزائدة تنقلب للضد بعد فترة ولذا ينبغي أن تكون هناك حماية واعية ومتابعة رشيدة وفعالة علي أساس أن إيقاع العصر يغلب عليه المادية، مما يترتب عليه ضرورة المتابعة والحماية ولكن ليس بالصورة المتشددة التي تجعل الأولاد يعيشون في قفص وتقتل فيهم ملكة الإبداع والإحساس بالإختلاف ، فمن الضروري العمل علي تكوين مفهوم الذات بالتعامل مع الآخرين ، مما يساهم في تكون الخبرة لديهم ، ولكن عندما نحرمهم من ذلك بالحماية المفرطة ، سوف نكون نماذج لا تستطيع مواجهة المجتمع ولا تؤدي دورها بالمهارة المطلوبة ، فنحن بحاجة للحماية الواعية التي لا تخرج عن أصول الرعاية السليمة ، بالإضافة إلي مراعاة إختلاف الرعاية حسب المرحلة العمرية ، فالرعاية والمتابعة يختلفان في سن الروضة عن سن المراهقة ، كذلك في سن الشباب مؤكدا أن أغلب الحالات المرضية في سن منتصف العمر والتي تعاني من وساوس وتردد، في الغالب تعرض في سن صغيرة إلي قهر نفسي نتيجة التربية الخاطئة.

الانزواء والإكتئاب

ويضيف د. فكري عبد العزيز استشاري الطب النفسي : الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة كثير التقليد والمحاكاة والحركة الزائدة وتكوين الشلل والجماعات ،وذلك بغرض اكتساب الخبرة من المحيطين، وممن هم في حكم سنه، والطفل في هذه المرحلة كثير المطالب والإلحاحات والاستفسارات، ويحتاج من الأهل دائما معلومات مبسطة وإجابات لإستفساراته وتشجيع قدراته وإمكانياته، لكن الإفراط يعني التدليل وبالتالي عدم الاعتماد علي النفس ، فيصبح الطفل مستهترا يطلب تحقيق الاستجابة لما يريده فورا وبأي وسيلة ، ويمكن بهذا الشكل أن يؤذي نفسه والمحيطين به ، بينما القسوة والحرمان يدفعان الطفل للانزواء والاكتئاب والخوف ، وما يصاحب ذلك من اضطراباتا في النوم وكوابيسا، بالإضافة إلي التبول اللا إرادي وقضم الأضافر ومص الأصابع.

ويضيف : بعض الأسر التي لا تعرف كيف تربي أبناءها، وتعتبر كل مسئوليتها هي توفير الطعام والغذاء والملبس لهم فقط بينما هناك أسرة أخري تهتم بكل التفاصيل، في النوع الأول سنجد الأم تترك طفلها يلعب في أي مكان وتذهب هي لقضاء احتياجاتها وفي النوع الثاني سنجدها تصطحبه إلي مكان ولا تفارقه إلا عند النوم أو الدرس وكلها سلوكيات خاطئة والمطلوب أولا أن نعلم الطفل كيف يكون واعيا في علاقاته بالآخرين وأن نصنع منه إنسانا اجتماعيا يحب الآخرين، ويعتمد علي نفسه، ففي صغره لابد أن تمنحه الأم فرصة لأن يقف بمفرده وتساعده إذا سقط وشيئا فشيئا يتعلم المشي بمفرده وبثقة عالية .

تشجيع قدرات الطفل

وتعقب د. سامية خضر أستاذ علم الاجتماع: الحماية مطلوبة كوقاية، ولابد أن تكون واعية معتمدة علي الجانب الأخلاقي والديني معا بحيث نعطي الحرية والمرونة بقدر ما نتجنب الفوضي مع عدم الاعتماد علي القسوة التي تسبب آلاما نفسية مشيرة إلي أن السلوك السوي من الآباء ، هو الحرص علي تشجيع قدرات الطفل وهواياته ومساعدته علي الوصول للمرحلة المدرسية بسلام حتي يصبح فيما بعد شابا قادرا علي العطاء، كما أنه من الضروري أن نوجه نظر الآباء إلي عدم التفرقة في المعاملة بين البنت والولد، لأن الفتاة بحكم تركيبتها الفسيولوجية والسيكولوجية لا تحتاج في التعامل معها لعنف، حيث إن هذا الكائن الحي يكتسب الخبرات بقدرة تفوق الولد أحيانا ، ولهذا يجب إنشاء مراكز للتوجيه الأسري ، وبرامج لتوعية الآباء و الأمهات بأساليب التنشئة الإسلامية الصحيحة أو أن تلتزم أجهزة الإعلام بالقيم الإسلامية.