د.محمد السيد التسامــــح يمنحــــك السعـــادة

تنمية بشرية
طبوغرافي

الدكتور/ محمد السيد

دكتوراة فى التنمية البشرية

محمد السيد

التسامح شعور بالتعاطف والرحمة والحنان، والمزيد من هذه المشاعر النبيلة في قلوبنا، مهما أطفأت الظروف شموع اليأس فالنور يملأ هذا العالم من حولنا، لأنه الطريق الأمثل للوصول إلى حالة السلام الداخلي، والسعادة  فالبداية من أعماقنا.. من أرواحنا وقلوبنا، والشعور بهذا السلام متاح دائما يهلل مرحباً بالجميع، وإن كنا لا نري لافتة الترحيب أحياناً لأنها بصائرنا ضلَّت عن رؤيته في لحظات غضب.


فالتسامح دعوة للخروج من الظلمات إلى النور، كما أنه سبيل من سُبل الإيمان بالله يجعلنا نفرِّق بين العقل واللامعقول، بين الجهل والعلم، بين المتناقضات كافَّة، ومهمتنا علي الأرض أن نسعى بأنفسنا لإدراك ضياء النور، ثم نعكسه للعالم ويسمح لنا التسامح أيضا بالفرار من الماضي من الظلم، من التواتر وتعاقب الضجر وتسلل الملل إلى دقائق وساعات حياتنا.

ومن شأن التسامح أيضاً أن يحررنا من سجون الخوف والغضب، التي فرضناها علي عقولنا، فهو يحررنا من احتياجنا ورغبتنا في تغيير الماضي، فعندما نسامح تلتئم جراح الماضي وتشفي وفجأة ندرك ونري حقيقة حب الله لنا، حيث يكون هناك الحب ولا شيء آخر سواه.

كان هناك شاب أمريكي يدعي جوي يبلغ من العمر تسع عشر عاماً، ترك منزله وتمرد علي أبيه وقد ضاق به والده بشدة، وهدده بأنه سوف يتبرأ من نسبه ما لم يغير ما بعقله، وبالرغم من ذلك لم يغير من رأيه وتقطعت الأواصر بين الأب والابن، وقد هام الابن حول العالم ليبحث عن حقيقة نفسه، وقد وقع في حب سيدة رائعة وبعد مرور فترة من الوقت أحس أن لحياته معني وهدف.

وبعد عدة أعوام وذات يوم في إحدى مقاهي؛ قابل صديق له الذي قال له معزياً “آسف جد لسماع وفاة أبيه الشهر الماضي” وذهل جوي فقد كان لأول مرة يسمع هذا النبأ، فعاد إلى منزله واكتشف جذوره الدينية وانفصل عن خطيبته وبعد قضاء فترة قصيرة في البيت، قرر أن يكتب رسالة إلى والده.. يعبر فيها عن حبه الشديد له ويطلب منه السماح.

وبعد أن كتب الرسالة طواها وحاول وضعها في إحدى فجوات الحائط وفي أثناء ذلك سقطت أمامه رسالة أخرى مطوية واستقرت أمامه فانحني والتقطها، وبدافع الفضول قام بفتح الرسالة ولم يكن خط اليد غريبا عليه، فقراها ولدهشته فقد كانت رسالة من أبيه يطلب منه أن يسامحه، لأنه تبرا من ولده ويعبر عن حبه العميق وغير المشروط الذي يكنه لجوي.

أصابت جوي صدمة شديدة، وكيف يمكن أن يحدث ذلك لقد كانت معجزة، ورغم صعوبة تصديق ذلك لكن! ذلك قد حدث فعلا فقد كانت رسالة مكتوبة بخط يد والده، ويعد ذلك دليلاً لا يقبل الجدل بأن ذلك ليس حلماً.

وبدأ جوي يعود إلي حياته ودارسته في الولايات المتحدة، وبعد عامين دعاه صديقة علي العشاء قابل هناك صديقته القديمة، التي تركها منذ أعوام وتزوج منها، فليس من السهل أن نتقبل دائما حقيقة أن نغير في الفهم ما يمكن أن يحدث مثل تلك المعجزة، ويمحو العوائق التي تعوق إدراكنا للحب، وتوضح قصة جوي أنه حتى الموت لا يمكنه أن يقف في طريق عملية التسامح وكان واقعة هذه الحادثة التي تسببت لنا يوما ما في الشعور بالخزي، قد تلاشت مستبدلة بذلك الحب الكامن هنالك دائما والذي سيظل موجودا وإلي الأبد..و التسامح يمنحنك كل ما تريد..ماذا تريد أن يمنحك التسامح..؟ ثم لم يمنحك إياه..هل تريد السلام؟
هل تريد السعادة وراحة البال؟

أو تحقيق هدف ما؟ أو الإحساس بقيمة وجمال يفوق العالم؟ هل تريد الرعاية والأمان ودفء الحماية دائما؟ هل تريد هدوء لا يعكره شيء؟ ورقة لا ينالها أذى وراحة عميقة دائمة؛ وسكوناً رائعا لا يزعج فيه كائناً من كان،

كل ذلك يمنحك إياه التسامح وأكثر فهو وميض لعينيك عندما تنهض من نومك، ويمنحك البهجة التي تستقبل بها يومك إنه يربط علي جبهتك أثناء نومك ويستقر فوق أجفانك،

فنري أحلاماً بلا خوف أو شر أو حقد أو حسد، وعندما تستيقظ مرة أخرى يمنحك يوماً آخر من السعادة والسلام كل ذلك يمنحك إياه التسامح.أجهزتنا المناعية تزداد قوة عندما نتسامح..

بالمنطق بالعين المجرّدة ببساطة بكل الوسائط الآثار واضحة والأدلة شواهد من شرائح مجتمعية تقيم بيننا، وربما معنا يأكلها هذا الشعور ويفتت عمرها بالألم والمرض المزمن، نتيجته عبرة تبدو غليظة على عقل وإحساس من لا يعتبر.