علماء يؤكدون: سوء التنشئة والتربية، وغياب دور المدرسة أبرز الأسباب.
ظاهرة خطيرة تدق ناقوس الخطر على المجتمع المصري وتتعدد أسبابها ما بين سلبية دور الأسرة والمؤسسات التربوية بالمجتمع وتقاعسها عن آداء رسالتها الكاملة وانتشار البطالة ما أدى إلى ظهور العديد من المظاهر السيئة التي تعارض العادات والتقاليد المجتمعية وتخالف تعليمات الدين الإسلامي وقيمه الحقيقية.
يقول الشيخ علاء الإمام، مقيم شعائر 30 عاما: للأسف أصبحت ظاهرة الأخلاق السيئة طاغية بصورة كبيرة لدرجة أنه من الصعب أن ترى أحدا صاحب خلق يحافظ على هويته الإسلامية، ولعل أكثر ما نراه ونسمعه هي انتشار الألفاظ الخارجة والبذيئة، ولعل الأمر يرجع إلى وسائل الإعلام المنتشرة والتي أصبحت تعمل على نشر السقطات الأخلاقية وإفراد المساحات الكبيرة لها حتى أصبحت هذه الشاشات القدوة بالنسبة للشباب، ولا ننسى أيضا الصحبة السيئة من أصدقاء السوء ودورها في انتشار الخلق السيء، ويقترح الشيخ علاء أن تقوم الدولة بسن قانون يسمح من خلاله مراقبة وسائل الإعلام وعملية الإنتاج الإعلامي، وأنه يجب علينا نحن المواطنون أن نقاطع مثل هذه الأعمال الفاضحة المشينة تماما.
ويضيف " وليد صلاح" طالب بالثانوية الأزهرية: بالفعل أصبح الانحراف الأخلاقي بين الشباب ظاهرة عيانا بسبب فشل التعليم والمدرسة وعدم اهتمام المدرسين بأخلاق الطلبة والشباب وإجبارهم على الاقتداء بالخلق الحسن، وأكبر ما نراه واضحا هو سب الدين وانتشار التدخين والسجائر والإدمان، والتعدي على المدرسين والصوت العالي، والتحرش ومعاكسة الفتيات.
ويضيف الأستاذ زاهر صابر، 65 عاما موظف بشركة مصر للطيران: أن ظواهر الانحراف الأخلاقي لا يستطيع أن ينكرها عاقل يرى ما يحدث من تحرش وإدمان للمخدرات وانتشار السرقة والبلطجة، ويوجه الأستاذ صابر اتهامه إلى الإعلام وتسويق الأفلام الهابطة والإباحيات وخاصة إنتاج آخر 5 سنوات كاملة حيث لم تخرج أطرها عن المخدرات والجنس والبلطجة، وكيف أصبحت تقدم القدوة السيئة للشباب، ولعل الحل في أن تقوم مراكز الشباب بدورها التوعوي المهم وإفراغ طاقات الشباب في الرياضة المفيدة لهم.
وتذكر الأستاذة نجلاء محمد فتحي، ليسانس تجارة: عدم الاحتشام من جانب الفتيات والشبان والإدمان وتعاطي المخدرات من أبرز مظاهر سوء الأخلاق وتغير أخلاق المجتمع وتدنيها كارثة لا يمكن لأحد أن يتغافل عنها أو ينكر وجودها، ولعل الحل يكون في زيادة دور المساجد ودور العبادة ومراجعة أسلوب الخطابة لدى الأئمة وضرورة النزول إلى مستويات الشباب والعناية بمشكلاتهم والتقرب منهم والاهتمام بإجراء المسابقات الدينية وتقديم الجوائز المحفزة إليهم.. كما أن إغلاق القنوات الفضائية السيئة أمر لا بد منه إذا أردنا أن نعود إلى أخلاقنا الطيبة وخاصة القنوات التي ليست لها أي رسالة سوى نشر الرقص والإسفاف المبتذل.
وتوضح الدكتورة إيمان السيد الاستشاري النفسي، أن سوء التنشئة والتربية سواء بالإهمال الشديد لها أو العناية الزائدة التي تصل إلى حد التدليل المبالغ به للأبناء من أهم أسباب انفلات الأخلاق لدى الشباب وأيضا عدم تفهم الحاجات النفسية لهم والتعامل السلوكي السليم وخاصة مع مرحلة الشباب أو المراهقة من أبرز الأسباب.. وتضيف السيد: ولعل انحصار دور الوالدين أو ولي الأمر داخل الأسرة على الدعم المادي فقط وتلبية المتطلبات المادية دون الاهتمام بزرع القيم وأداء الدور الرقابي وتحمل المسئولية الكاملة عن سلوك الأبناء من عوامل التفاقم بشكل كبير، وترى الدكتورة إيمان السيد: أن الاستقرار الاجتماعي والنفسي الحقيقي داخل الأسرة وتحمل الأسرة لدورها المسئول تجاه الأبناء والمجتمع هي من العوامل الرئيسة للرجوع إلى الطريق الصحيح وعلاج المشكلة.
من جانبه يوضح الأستاذ الدكتور أحمد عيسى، أستاذ المناهج وطرق التدريس بجامعة القاهرة أن المدرسة تشارك فيما وصل إليه الحال بجانب كل من الأسرة والبيئة والمجتمع والإعلام، وأن دور المدرسة الإيجابي في مواجهة الآفات الأخلاقية أصبح غير موجود لأن المدرسة ليست موجودة أصلا، وإن وجدت فلا يذهب إليها الطلبة والشباب، بالرغم من وجود منهج دراسي جيد إلى حد ما؛ يستطيع أن ينشيء الشباب جيدا ويزرع بهم القيم والهوية الصالحة، وخاصة ما إذا حسن تطبيقه والاهتمام بالأنشطة اللاصفية التي تعتني بالمهارات وتنمية الفرد معرفيا ووجدانيا ومهاريا لأنه يركز على شخصية المتعلم وبنائها بصورة أكبر .. ويؤكد الدكتور عيسى: أنه دائما ما بعد الثورات يكون هناك تدن أخلاقي يصيب الشعوب، فالثورات كالزلازل تهدم الكثير، ولدينا الثورة الفرنسية مثال واضح وخير دليل. ويوضح الدكتور عيسى: أن الحل في أن يتحمل المجتمع كله مسئوليته، وأن تعود المدرسة لسابق عهدها وأن يعود الشباب إليها وأن توضع إليهم العديد من المحفزات التي تحببهم بها وأن نعمل جاهدين إلى تطوير العملية التعليمية والتربوية بصورة أفضل وأن نواجه كافة مشكلاتنا وألا نتغافل عنها.
ويؤكد الشيخ جمال توفيق، من علماء الأزهر الشريف أن الأخلاق في الدين الإسلامي الحنيف تحتل مكانة عظيمة، فالخلق الحسن شرط للإيمان بالله تعالى، ومعنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وتتضح هذه المكانة من استعمال رسول الله صلى الله عليه وسلم للغة القصر فكأنما اقتصر هدف بعثة الرسول الكريم في نشر الخلق الحميد، والعمل على محو وتقويم خبيث الأخلاق، ولهذا فعناية الدين الحنيف بالخلق تنبع من أنه جوهر الإسلام ولبه، وروحه السارية في جميع نواحيه، ولهذا فمعيار التفاضل بين المؤمنين هو حسن الخلق وفي الحديث لما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم : أي المؤمنين أفضل إيمانا ؟ قال صلى الله عليه وسلم : "أحسنهم أخلاقاً ". وما نجده اليوم من انفلات في البنية الأخلاقية للكثير من شباب المجتمع يرجع إلى بعدهم عن الله تعالى ومنهاجه الصحيح فقلما نجد الآن منهم من يحافظ على الصلوات الجامعة ومدارسة كتاب الله تعالى والتفقه في شئون الدين، وربما يرجع هذا الأمر لسرعة الحياة والمادية الطاغية وصعوبة الحصول على لقمة العيش.. فكأن الدنيا تخطفتهم، ويؤكد الشيخ توفيق أنه لا سبيل للعودة إلا بالرجوع إلى منهج الله تعالى وكتابه المجيد.
غياب الأخلاق سمة زماننا وسب الدين والتدخين والتحرش.. أبرز المظاهر
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة