عزوف الكثير من جيل الشباب عن العمل اليدوي أو الحرفي وانتظاره فرصة عمل مكتبية من المشكلات الحقيقية التى تواجه سوق العمالة في مصر.. وهو مايدق ناقوس الخطر؛ ولعل المسئول الأول عن هذه المشكلة هي النظرة الدونية الخاطئة إلى العمل اليدوي والحرفي وهذا بالقطع من المفاهيم الخاطئة التي يجب محاربتها ..و الأمر لا يقف عند حدود هذه النظرة فقط حيث يشترك معها العديد من الأسباب..
يقول علي السيد من الجيزة : المشكلة تتلخص في عدم أن الدولة تخلت عن جيل الشباب ولا توفر له أية فرص للعمل سواء مكتبية أو حرفية ، ويناشد بضرورة البدء في تنفيذ المشروعات الصغيرة غير التقليدية والتي تستوعب أكبر عدد ممكن من الشباب.
ويرى طه السعيد، من المنيا أن المشكلة تتلخص في انشغال الشباب بأمور تافهة وعدم وجود الإرادة الحقيقية للعمل ، كما أنهم متسرعون بالحصول على المال الكثير والوفير دون الصبر أو العمل الشاق.
وطالب " طه" بضرورة النظر إلى فئات الشباب الجاد الذي يعمل ويبحث بجد عن مهنة شريفة تساعده على لقمة العيش ، موضحاً أن ديننا الحنيف ينظر إلى العمل نظرة شرف وعزة ولعل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم واضحا حينما قال "ما أكل أحد طعاما قط خيراً من أن يأكل من عمل يده وأن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده".
ويؤكد علي ضرورة أن تعتني الحكومة بالمدارس الفنية ولعل من أسباب عدم الإقبال على الأعمال اليدوية عدم ثبات الدخل المادي للعامل شهريا بعكس الوظائف التي تضمن مرتبا شهريا ومحددا للموظف بحيث يستطيع التحكم في مصروف
وتضيف سعاد أحمد موظفة بأسوان.. أن المشكلة تكمن في رغبة الشباب العمل بتخصصاتهم التي تخرجوا منها بالجامعات، وعدم الرغبة في الخروج إلى المجهول بالنسبة لهم، وهذا كثيرا ما ينطبق على خريجي الكليات الأدبية، وتقول أنه يجب توعية الشباب وتعبئتهم معنويا من خلال وسائل الإعلام المختلفة لتحفيزهم على الأعمال الحرفية مثل الحرف الخاصة بالزراعة أو صناعة الملابس بأنواعها المختلفة أو حرف المأكولات..
وتؤكد ناهد وجيه، محامية أن كسل العديد من الشباب والتواكل والمعايشة التامة لوسائل التواصل الاجتماعي هو السبب في عزوف الشباب عن العمل وخاصة اليدوي وانتظارهم لعمل الحكومة المكتبي المكيف، وتقترح على الحكومة أن يكون العمل إجباريا بعدما يتفرغ الشاب أو الفتاة من الخدمة العامة أو العسكرية
وفي النهاية نؤكد أن إعداد برامج وندوات تعمل على التوجيه المهني لأفراد المجتمع باختيار المهن التي تتلاءم مع ميولهم واستعداداتهم وتوفير البرامج التدريبية التي تزود الشباب وتغذيهم بالمهارات وتمدهم بالمعرفة ، وفتح التخصصات التي تلبي حاجة السوق والتوسع فيها لقبول أكبر عدد من الشباب، وخاصة أن هناك بعض الشباب الذين يمتلكون مهارة عالية نحو مهن أو حرف معينة ويستطيعون الإجادة مثل مهارات الميكانيكا أو الصيانة للأجهزة الكهربائية وخاصة أن دخلها المادي كبير ومتميز، ويجب علينا دائما أن نعي بعين الاعتبار تقديس الإسلام العمل ورفع شأنه ونبذ البطالة.
كارثة ..حرف نسيج كرداسة تتدهور بصورة مفزعة:
تسرب الحرفيين للعمل فى "الحراسة" وقيادة "توك توك" بعد الكساد
يروى لنا الفنان طلبة عبدالغنى، مؤسس مدرسة كرداسة الحديثة لفن النسيج الحائطى المرسم، الجوبلان، وصاحب إحدى الورش العريقة فى هذا الفن:
ويوضح الفنان طلبة عبدالغنى أن كرداسة تتميز بنوعية عالمية من النسيج هو النسيج "القمشة" و"القمشة" نوع من القماش ينفذ يدويا بأيدى الحرفيين فى كرداسة أنفسهم، ويتم تصنيع نوعية القماش على حسب الزى المطلوب تصنيعه، وأيضا طبقا للأقلام والأنماط الزخرفية المنفذة بها، أو العريجات الزجزاجية التى تتميز بها نوعية الزى، فجلباب كرداسة صاحب الشهرة العالمية، يحتاج إلى نوعية معينة من الأقطان المصرية الخالصة التى تتميز بنعومتها الشديدة، ومتانتها، ويتم تقطيع هذه المنسوجات بعد نزولها من على النول حسب المقاسات المطلوب تفصيلها وحياكتها وتطريزها يدويا .
ويضيف: حظيت كرداسة بشهرة واسعة بعدما تفننت فى تصنيع الزى الوطنى الخاص ببعض الدول العربية، والعباءة ليست المنتج الوحيد الذى تشتهر به كرداسة، فهناك "الفركة" و"الشال" الكرداسى الشهير اللذين يقول عنهما طلبة عبدالغنى: "الفركة" هى زى يشبه العباءة، لكن دون حياكة، وتتكون من جزءين يتم لفهما بطريقة معينة على الجسد، أما الشال فهو زى من جزء واحد تتم حياكته من جميع الأطراف، ويلقى على الرأس والكتفين، ويصنع كل منهما من الأقطان المصرية والحرير.
وعن تأسيس مدرسة كرداسة فى النسيج المرسم الجوبلان، يقول الفنان طلبة عبدالغنى: اشتهرت كرداسة فى مرحلة لاحقة بتصنيع الكليم والنسيج المرسم، مما جعلها تجذب الحرفيين المهرة فى هذا المجال من كل أنحاء الجمهورية، نتيجة لحالة الرواج الكبيرة التى كانت تعيشها هذه الحرف، واستوطنوا كرداسة، وأصبحوا جزءا من منظومة كرداسة الحرفية، وفى هذا السياق شرفت بتأسيس مدرسة كرداسة الحديثة فى فن النسيج، التى حظيت بشهرة عالمية، وفزت من خلالها بجوائز عديدة .
وفى هذه المدرسة ابتكرت أسلوبا جديدا فى النسيج الحائطى، حيث أضفنا لوحات وأعمال الفنانين التشكيليين المصريين من العرب والعاملين فى هذا الفن، وتمت ترجمة هذه الأعمال التشكيلية على قطع من الجوبلان، مما جعل مشغولات مدرسة كرداسة طبيعة، خصوصا أنها جمعت ما بين الفن التشكيلى والتراث الحرفى .
ويواصل الفنان طلبة عبدالغنى بأسى، برغم كل هذه الشهرة، فإن فنون وحرف نسيج كرداسة تتدهور بصورة مفزعة، حيث تقلص عدد الأنوال اليدوية من نحو عشرين ألف نول إلى أقل من مائة نول فقط فى السنوات الخمس الأخيرة، إضافة إلى كارثة تسرب الحرفيين الذين فضل معظمهم العمل فى مجال الأمن والحراسة أو شراء "توك توك" والعمل عليه، ليستطيع إطعام أسرته، بعد أن ساد الكساد مجال الحرف، وتفاقمت المشكلة مع إهمال الدولة لرعاية الحرفيين صحيا واجتماعيا وماليا، واحتكار الخامات، وإغراق المنتج الصينى الرخيص للأسواق المصرية بلا ضابط وبكميات ضخمة وخامات رديئة، مما أصاب مشغولات كرداسة بالكساد فى الأسواق المحلية، إضافة إلى تراجع السياحة العربية والأوروبية، وحتى ورش وزارة الثقافة لحماية هذه الحرف التراثية هى مجرد ورش وهمية تستوفى الشكل دون المضمون، ولا يستفيد منها أحد سوى القائمين عليها.
أما محمد صلاح، أحد فنانى فن الجوبلان بكرداسة، فيوضح لنا أن مراحل تصنيع السجادة تبدأ بتجهيز النول نفسه ليستوعب حجم وثقل السجادة، ثم تجهيز الخامات من القطن وغزلها يدويا، ثم تعقيمها حتى لا تتآكل أو تفسدها الآفات، ثم يتم صبغها بالألوان المطلوبة، موضحا أن كرداسة تشتهر باستخدام ألوان طبيعية من النباتات وأوراق الشجر وأجنحة الفراشات وكلها صديقة للبييئة، وآمنة صحيا، بعكس القماش والسجاد المصبوغين كيميائيا، ولهما مخاطر صحية عديدة، مما يجعل السجادة اليدوية استثمارا مضمونا، حيث تزداد قيمتها مع الزمن مثل أية قطعة تراثية.
وينبه سمير إلى أن الخطورة ليست فقط فى الركود بل فى عزوف الأجيال الجديدة عن تعلم المهنة، بعد أن أصبحت غير مجدية ماديا، بعد أن كان الأطفال من سن أربع سنوات يبدأون فى دخول مجال التدريب على الأنوال، حيث يبدأ الطفل فى هذه السن تعلم "لضم الإبرة" أسفل وأعلى الخيوط، وفى أقل من عام يكون الطفل قد أتقن مهارة شد الرسومات على النول، وكان الإقبال على التدريب شديدا فالطفل يمكنه تحصيل مائة جنيه يوميا من العمل فى الورش، لكن الوضع الآن ينذر بكارثة اقتصادية واجتماعية.
"الخيامية".. مهنة تنقرض!
"الأسطوات" هجروها. . الأجيال الجديدة عازفة عن تعلم المهنة
في أقدم شوارع القاهرة، وفي قلب مصر الإسلامية النابض "شارع المعز لدين الله الفاطمي"، هذا المكان الذي يشهد كل شبر فيه علي ما تركه الأجداد من بصمات واضحة علي الفنون بمختلف أشكالها، عمارة المساجد، المشربيات، السبل، الفانوس، حرفة صناعة النحاس، الزجاج، السجاد، الشموع، الطرابيش، والخيامية. كل هذه الحرف وغيرها الكثير التي تعبر عن مكنون الفن داخل كل مصري، ودون دراسة أكاديمية، وتبقي الفطرة هي المحرك الأساسي، للتعبير عن ذلك الفن أو ذاك، واليوم عزيزي القارئ نصحبك للتعرف علي مهنة أوشكت علي الانقراض، وهي فن صناعة الخيام، أو كما اصطلح علي تسميته بـ"الخيامية".
في البداية يقول أحمد محمد "صانع خيام" 27 عاماً، ورثت العمل بهذه المهنة عن أبي، فمعظم عائلتي تعمل في هذه المهنة منذ قرون، وكان عمري وقتها 13 عاماً.
ويضيف أحمد أن مهنة صناعة الخيام بهذا الشكل بدأت منذ العهد العثماني، وكان أساسها صناعة كسوة الكعبة المشرفة، ثم تلا ذلك تعبيرها الفني عن العصور المختلفة مثل "الشغل" الفرعوني والإسلامي، ومعظم شغل الخيامية يعبر عن عصر مرت به مصر فكل لوحة بمثابة تأريخ للأحداث في مصر.
وعن أشهر اللوحات التي صنعها أحمد يقول: كل عمل أنتهي منه هو أفضل أعمالي، أما عن رأيه فى أشهر فناني هذه المهنة فيقول: كل فنان في هذه المهنة له بصمة ومنهم محمود السناسلي، وحسني الخيمي، وعصام علي، والحمد لله مازالوا أحياء ويمتعوننا بأعمالهم الفنية، فهم لا يعملون من أجل المال ولكن من أجل الفن.
يسرد أحمد أشهر مدارس هذا الفن فيقول: الحاج محمد هاشم هو أحد رواد هذا الفن، ومحمود الشيخ، فالحاج محمد هاشم مميز في "الشغل العربي" ومحمود الشيخ مميز في صناعة السرادقات، فمجال الخيام لم يعد مقصورا علي الخيام وحدها، بل امتد ليدخل في تصميم الأزياء، وتطريز "العبايات" بالشغل اليدوي "العربي وزهرة اللوتس" من نفس خامات الخيام وهو "التيل".
وعن مستقبل هذا الفن يقول: مهنتنا أصبحت مثل القوات الخاصة، يمكن استدعاؤها في أي وقت، وهي من المرونة بحيث يمكن أن تدخل في أي شيء، وعلي سبيل المثال ففي صناعة خيام السفاري يمكن أن تكون الأقمشة المستخدمة في صناعة الخيام هي نفسها المستخدمة في كساء الصالونات بداخلها بما فيها الرسومات والزخارف، فأنا قمت بتصميم بعض الخيام المجهزة لبعض الأمراء العرب بالتعاون مع مهندسي الديكور.
ويضيف أحمد أن المهنة أوشكت علي الانقراض بسبب إحجام البعض عن تعليم أبنائهم هذه المهنة، وإحجام السائحين عن القدوم لمصر، وأغلبية شركات السياحة تصدر تعليمات إلي السائحين بعدم التجوال منفردين داخل الأسواق كما كان يحدث بالسابق، وأصبحت شركات السياحة تأخذهم للتجوال داخل "المولات" ثم العودة إلي الفندق، وهو ما سبب حالة من الركود في شارع المعز ومنطقة خان الخليلي، وتسبب أيضا في أن يترك كثير من الصناع هذه المهنة ليطرقوا أبواب رزق جديدة، فالمهنة أصبحت في خطر.
الخطاطون: اللافتات المطبوعة.."هزمتنا"
مع العد التنازلى لانتخابات المرحلة الثانية بدأ كل مرشح بتعليق اللافتات المطبوعه حيث انقرضت عصر اللافتات بخط اليد وراح عصرها مما دفع بعضهم مثل "عم محمد الحناوي" من أقدم خطاطى مركز أجا ان يطور من ادائه ويتجه إلى تصميم اللافتات الإلكترونية حيث يقول لقد عملت بتلك المهنة منذ ان التحقت بالمدرسة الثانوية وكان قدوتى ابن عمى مدرس التربية الفنية وكانوا يستعينون بى فى المدرسه لاقوم بكتابة اللوحات وزملائى يتوددون إلى حتى أكتب عنهم لوحاتهم والتحقت بمعهد فوق متوسط لم يرض طموحى فقررت الالتحاق بمدرسة للخطوط وكنت أحضر مع الفرق المتقدمة.
ويضيف عم محمد فى موسم الانتخابات يزداد طلب المرشحين على اللوحات واللافتات وعاصرت مرشحين قدماء وكبار استمروا أكثر من دورة انتخابية بمجلس الشعب وكان ثمن اللوحة من 10 جنيهات الى 20 جنيها على عكس انتخابات المحليات فشغلهم ضعيف جدا وفى هذه اثناء أكتب على السيارات النقل والتوكتوك والمحلات كسب رزقي.
ويضيف :الآن الموسم مضروب مفيش شغل والحال نايم والماكينات غطت على التخطيط.
5 أسباب وراء عزوف الشباب عن العمل اليدوي
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة