أ.د / عبد الله أحمد جاد عبد الكريم
الله تعالى هو القادر على كل شيء، والخالق لكل شيء، يفعل ما يريدُ ويختار، لا معقب لحكمه، كرم العربية وشرفها وشرفنا معها بإنزال القرآن الكريم باللغة العربية، يقول تعالى:(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)[يوسف:2]، ويقول سبحانه: (بلسان عربي مبين)[الشعراء:195]، ويقول تعالى:(كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)[فصلت: 3]، وقوله تعالى:(إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)[الزخرف:3]، وقوله سبحانه:(وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ)[إبراهيم:4]. وفضل الله العربية على سائر اللغات؛ لذا فهي سيدة اللغات، يوجد في العالم مئات اللغات.
فما الحكمة من اختيار الله تعالى للغة العربية؛ للقيام بهذه المهمة العظيمة ؟
يرى العلماء أن الله تعالى أنزل القرآن بلسان العرب لأن نبيهم عربي ويجب أن يكون باللسان نفسه حتى يفهموا كلامه ويعقلوه، ثم يساعدوه في نشر الإسلام وقيمه وتعاليمه للناس أجمعين....لكننا نؤكد أن الله تعالى يفعل ما يريد، ويختار دائمًا النافع المفيد لإسعاد عباده في الدنيا والآخرة، فالله تعالى علم بعلمه القديم أن العربية صالحة وقادرة على حمل أمانة القرآن وما فيه من قيم وتعاليم سامية ، فالقرآن دستور الله القويم الذي رسم فيه الله تعالى طريق السعادة للناس أجمعين في الدارين.وهناك أسباب عقلية لهذا الاختيار؛أسباب تتعلق ببناء اللغة العربية وتكوينها؛ منها نضج اللغة العربية وكمالها، واتساعها ومرونتها؛ مما جعلها قادرة على التعبير عن الماضي والحاضر والمستقبل، وكذلك التعبير عن المعاني بسهولة ويسر...وتمتاز العربية بعدة خصائص ميزتها عن غيرها من اللغات؛ منها:
1- الاعتدال: فاللغة العربية أكثر كلماتها ثلاثي الوضع (فعل)، وقليل منها الرباعي (فعلل) أو الخماسي؛ منعاً لطول النطق وعسره، وعدم الإكثار من الكلمات الثنائية؛ خشية توالي كلمات عدة في العبارة الواحدة.2ـ اتساع معجمها: فالمعنى الواحد وضعت له ألفاظ متعددة لتكثير وسائل الفهم: (السيف = المهند = القاطع = الباتر..) (أسد= الليث=الغضنفر=..).هذا الاتساع جعلها قادرة على التعبير بجدارة ونجاح عن أحوال الأمم السابقة، والحال الحاضرة، والمستقبل وكذلك يوم القيامة وما بعده، بل أحوال أهل الجنة وأهل النار..الخ.
3 طريقة التوليد: وهي خاصية تمكن العربية من توليد كلمة من أخرى (كتب – كاتب – مكتب – مكتوب – مكتبة)؛ مما يثري اللغة.وهذا غير موجود لغات أخرى كثيرة، فمثلاً: (Book- Wrote- Library- Writer) يجد متحدث الإنجليزية صعوبة في الربط بينها(كاتب- مكتبة- كتب- كتاب) على الترتيب.
4ـ دلالات قاطعة على الزمن: كما في دلالة "لن" على نفي الفعل في الزمن المستقبل، و"لم" تفيد نفي الفعل في الزمن الماضي ، فلنفي الإهمال الماضي أقول (لم أهمل في عملي) ولنفي الإهمال المستقبل أقول (لن أهمل في عملي).
5- احتفاظ الكلمة الواحدة بدلالاتها المجازية: دون التباس بين المعنيين الحقيقي والمجازي. مثل قولك:رأيت الرجل بعيني/لمست عين الحقيقة..الخ.
6- الاختصار: على الرغم من أن العربية تمتاز بالاتساع والثراء اللغوي فإنها تمتاز أيضًا بالاختصار.
لماذا اختار اللّه العربية لغة للقرآن؟!
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة