د.محمد السيد
كاتب ومحاضر فى تطوير الذاتكان هناك مزارع هولندي يدعى (فان كلويفرت) هاجر إلى جنوب أفريقيا للبحث عن حياة أفضل.. وكان قد باع كل ما يملك في هولندا على أمل شراء أرض أفريقية خصبة يحولها إلى مزرعة ضخمة. وبسبب جهله- وصغر سنه- دفع كل ماله في أرض جدباء غير صالحة للزراعة.. ليس هذا فحسب بل اكتشف أنها مليئة بالعقارب والأفاعي والكوبرا القاذفة للسم.. وبينما هو جالس يندب حظه خطرت بباله فكرة رائعة وغير متوقعة.. لماذا لا ينسى مسألة الزراعة برمتها ويستفيد من كثرة الأفاعي حوله لإنتاج مضادات السموم الطبيعية..
ولأن الأفاعي موجودة في كل مكان- ولأن ما من أحد غيره متخصص بهذا المجال- حقق نجاحا سريعا وخارقا بحيث تحولت مزرعته (اليوم) إلى أكبر منتج للقاحات السموم في العالم!
هذه القصة تعلمنا كيفية قلب الحظ السيئ إلى حظ جيد بمجرد تغيير الهدف وتشغيل الدماغ والتصالح مع الواقع.. وهي قصة أهديها لكل عاطل ومحبط تواجد في ظروف بائسة ووضع لم يتخيل يومًا إمكانية تغييره..فأحلامنا المحطمة سرعان ما تتحول إلى بدايات مختلفة وفرص غير متوقعة.. وما نكرهه اليوم سرعان ما يتحول لمصلحتنا غدًا حسب قاعدة {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم}.. ولو تأملت أحوال الناجحين في الحياة لوجدت أن بداياتهم المتعثرة كانت نقطة انطلاقهم الحقيقية نحو الثراء والشهرة وتحقيق الأحلام (وليس أدل على هذا من أن معظمهم لم يكملوا تعليمهم الجامعي ولم يكن لدى أحدهم وفرة المال ولا شيء من الشهرة ولا ميراث من الآباء أو الأجداد).
- وأحدهم شاب كانت أمنيته الوحيدة دخول كلية عسكرية معينة.. وقد تقدم لدخولها عدة مرات بدون فائدة (وفي المرة الوحيدة التي تلقى فيها قبولا مبدئيا لم يوفق في تجاوز امتحانات القبول).. ورغم حالة الإحباط التي أصيب بها إلا أنه- مثل المزارع الهولندي- حول وضعه البائس الى نجاح خارق من خلال تجارة الملابس التي كان يعرفها جيدا.. واليوم؛ في حين لا تتجاوز رواتب أقرانه من العسكريين والمدنيين- بضعة آلاف بالشهر، يدير هو تجارة تقدر بملايين الجنيهات.
وهنا لا بد من وقفة لنتعلم.. إن الإنسان يولد مجرداً ليس لديه منصب.. لا يملك ثروة.. لا يملك علمًا.. لا يملك شيئًا.. قد لا يدري إلا البكاء حال دخوله لهذه الدنيا. وبالرغم من أنه بدأ بالبكاء.. والدموع الحارة قإنه استطاع بعدها أن يدرك عن الحياة ما مكنه أن يترك بصمة ليست هينة فاستطاع أن يعلم، أن يفكر، أن يبدع، وأن يصنع النجاح والحياة.
لكن هل تتفق معي أن ثمة أناس يعيشون وهم لا يعلمون قيمة الحياة، ولا يجيدون حرفة صناعة النجاح والمجد.
واستسلموا إلي الإحباط واليأس الذين بحثوا عنه وكان أيضا يبحث عنهم- هؤلاء: نجحوا في شيء واحد، أنهم أبدعوا شماعات يعلقون عليها ضعفهم واستسلامهم وفشلهم الذريع. وأجادوا ندب الحظ وكثرة الشكوى..
والآن دعنى أقول لك: إذا كان الإحباط شعورًا شديد المرارة يجعل الإنسان في حالة حزن وكمد، ويفقد الإنسان نظرة التفاؤل كلما زاد الإحباط داخله. ومن هنا يبدأ في التفكير بطرق غريبة.. يفكر في الانتقام من المجتمع، فى الهروب الى الذات، يفكر فى الانكماش على النفس، يفكر في الانتقام من الأسرة ومن المحيطين به، يفكر فى الهروب من مواجهة تحديات الحياة، وقد يفكر في إنهاء حياته بطريقة أو بأخري إذا تطور الأمر الى الأسوأ في حقبة من الزمن عايشت حياة كثير من الناس الذين كانوا غاية في الإحباط، وكانوا دائما يشعرون بالقليل من الأهمية والقليل من الأصدقاء، والشعور الدائم بالوحدة والانطواء، والقليل جدا من المال، الكثير من آلاف الطموحات.. التي لم تحقق بسبب أو بآخر- عائلات فقيرة يحول الفقر بينها وبين ما ترجو.
ظروف اجتماعية بائسة؛ لوم ونقد ومقارنة، من قبل كثير من أفراد الأسرة لأتفه الأسباب. - إرغام علي أن تفعل ما يحلو لهم.. ولو لم تكن مقتنعا، وأشياء أخرى. - كانوا يجلسون مع أنفسهم.. وبمجرد التفكير فقط في هذه الأمور قد يظل أحدهم في إحباط ويأس أيامًا طويلة.
وطبعا ما أصعب مرور الوقت في حال الحزن والإحباط، وما أطول ليل البائسين، وما أبعد النوم عن عيون الحزانى.
وفى يوم قال لى أحدهم- قررت بعد طول إدراك أنه لا يصح أن أستسلم لهادم السعادة وهو الإحباط.
أليس من الجيد أن تكون أنت هذا الشخص وتعلن لنفسك أنه لا إحباط بعد اليوم؟
لا للإحبـــــــــــــــــــــــــــــــــاط
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة