إن اتخاذ القرار هو مفتاح القيادة، وربما يتساوى كثير من البشر في اتخاذ القرار السليم في الأوقات العادية، بيد أن القادة والمتميزين فقط هم من يتخذون القرارات الحاسمة في الأوقات الحاسمة. فهم يحررون مشاعرهم المسبقة ويعلمون جيدا أن الحب والبغض ليسا من المعايير الصحيحة لاتخاذ القرار، ولذلك عندما رأى سيدنا عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- قاتل أخيه في الجاهلية، قال له عمر: أغرُبْ عني، فإني لا أحب أن أرى وجهك. فقال الرجل لعمر: أبغضك لي ينقصني حقي؟ قال: لا، قال الرجل إذًا لا يبكي على
الحب إلا النساء.
ومن هنا نجد أن مشاعره تجاه الرجل لم تمنعه أن يحكم فيه حكم الحق؛ ولذا يقول الله تبارك وتعالى في سورة المائدة {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى} فقد نهى الله تعالى عباده أن يحملهم بغضهم لأعدائهم ألا يعدلوا مع ظهور عداوتهم ومخالفتهم وتكذيبهم لله ورسوله، فكيف كيف الحال مع المؤمنين؟! وهذا ليس من سمات أصحاب القرارت الصائبة، لذلك نتحرر من الغرور والاعتداد بالرأي.ولعل المتأمل في حال البشر يرى أن الكثير منهم يخشون اتخاذ القرار، لأن القرار يفرز نتيجة، وتحمل هذه النتيجة لا يقوى عليها سوى الأقوياء فقط، ويلجأ هؤلاء إلى منطقة يحسبونها "الأمان" فيرضون أن يعيشوا في حزب (المفعول به) دائما، يخطط لهم الآخر، ويتحمل عنهم غيرهم أخطاءهم.
لكن القائد الحق لا يتوانى أبدًا في اتخاذ قرار مستندًا على أدواته العملية التي يمتلكها، متسلحًا بخبراته واجتهاداته، متأهبًا لتحمل تبعات قرارته إذا لم يجانبه التوفيق أو الصواب، معتمدًا على مفهومه الصحيح للموقف، فالمفهوم الخاطئ يعطي قرارا خاطئًا، فهذا إبليس عندما أمره الله بالسجود لآدم اتخذ قرارًا خطيرًا وسيئًا وهو الرفض وذلك نتيجة لمفهوم خاطئ لديه أنه خير من آدم فقال كما في سورة ص"{أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}؛ فكيف يسجد لمن هو أدنى منه.
ولو أدرك وفهم فهمًا صحيحًا لكان عليه أن يطيع أمر الله تعالى بصرف النظر عن الحكمة أو السبب وراء ذلك، ولا يمكننا أبدًا أن نغير أو نطور أو نؤثر مالم نتخذ القرارات القوية وذلك بتعلم السبيل إلى ذلك إعتمادًا على تفهم الموضوع والسؤال والاستفسار والمناقشة إضافة إلى التأمل مع التأهب لتحمل النتائج حتى النهاية.
همسة للشباب: تابع قرارك حتى النهاية
طبوغرافي
- حجم الخط
- الافتراضي
- وضع القراءة